على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، انعقد اجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة للفلسطينيين، وهي لجنة تأسست في العام 1993 في أعقاب اتفاقية أوسلو 1، بهدف خلق أساس مؤسسي واقتصادي لدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين المتفاوض عليه، وتجتمع اللجنة مرتين سنوياً، لتقييم الأوضاع الاقتصادية والمالية في الأراضي الفلسطينية، وتستمع إلى تقارير من البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، ومكتب اللجنة الرباعية الدولية، والسلطة الفلسطينية.
وفي اجتماع سبتمبر الحالي أكد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتيه في خطابه أمام اللجنة على مجموعة من القضايا وهي:
- أن السلطة الفلسطينية ملتزمة بإجراء الانتخابات في حال قبلت "إسرائيل" بإجرائها في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وطالب الدول المانحة بالضغط بهذا الاتجاه.
- جدد التزام السلطة الفلسطينية بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وإتمام المصالحة، حيث ذكر أن هناك اجتماعات بالخصوص تجري حالياً في الجزائر.
- كما أكد اشتيه على أن السلطة الفلسطينية بدأت بتنفيذ العديد من بنود برنامج الإصلاح الإداري والمالي والمؤسساتي الذي قدمته السلطة في اجتماع الربيع الماضي للجنة.
- كما تعمل السلطة على خفض النفقات عبر تسوية بعض الملفات التي تمثل نزيفاً مالياً مثل ديون البلديات والتحويلات الطبية، وفاتورة الرواتب، كما يتم العمل على زيادة الإيرادات عبر توسيع القاعدة الضريبية، وتعزيز الضابطة الجمركية ووقف التسرب الضريبي الذي تتسبب به آلية المقاصة، وعليه تتوقع الحكومة الفلسطينية خفض العجز من 7% إلى 3.5% من الناتج القومي الإجمالي.
- اعتبر اشتيه أن الاحتلال يظل عقبة أمام الخطوات الإصلاحية التي تقوم بها السلطة، ومهما عملت السلطة من إصلاحات فإن ذلك لن يضع حداً للأزمة، وأكد على ضرورة العمل من أجل الحفاظ على حل الدولتين، والضغط على "إسرائيل" للعودة لطاولة المفاوضات.
- دعا الدول المانحة إلى تعزيز دعم السلطة وحيث أن هناك تراجع في أموال المانحين، إذ كانت تشكل عام 2010 نحو 33% من الـGDP لتصبح اليوم نحو 1% منه، وأيضاً الاقتطاعات الإسرائيلية غير القانونية من أموالنا، والاقتطاعات الشهرية "الخدماتية" غير المدققة.
ولكن هل هذه هي كل الموضوعات التي تم نقاشها في هذا الاجتماع؟ طبعاً لا، فبعد مراجعة تقرير التقدم المحرز الصادر عن اللجنة في 22/09/202 وجدنا أن هناك خطوات تم احرازها على صعيد مجموعة من المشروعات المنفذة في قطاعات المياه والصرف الصحي، الطاقة، الاتصالات، الحكم وسيادة القانون، والحركة والتجارة، ويمكن أن نلخص الاستنتاجات التي خرجنا بها من التقرير في النقاط التالية:
- التقارير الدولية مهمة لأنها تعطي صورة مكتملة حول طبيعة العلاقات الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية و "إسرائيل" وتعطي تحديثات حول أهم المشروعات الإنمائية التي يتم تطبيقها في أراضي السلطة الفلسطينية.
- ثلث التقرير تقريباً مخصص للحديث عن مشروعات المياه، معالجة المياه العادمة، والصرف الصحي، مما يدل على عمق المشكلة التي تتسبب بها "إسرائيل" في هذين القطاعين الهامين، من خلال السيطرة على مصادر المياه الفلسطينية، وضخ مياه الصرف الصحي إلى مناطق السلطة الفلسطينية، مما يهدد موارد التنمية المستدامة في أراضي السلطة الفلسطينية
- هناك مشروعات حيوية يتم العمل على تطبيقها في قطاع غزة في قطاع المياه من خلال تحسين جودة المياه وتحسين أداء البلديات، خط الغاز لمحطة توليد كهرباء غزة، الاتصالات وإدخال طيف G4 وإدخال معدات الألياف الضوئية لشركة الاتصالات، العمالة من خلال منح تصاريح لمواطني قطاع غزة في الداخل المحتل، الصادرات من خلال السماح بتصدير المواد الغذائية المصنعة في غزة إلى الضفة وتوسيع العمل في معبر كرم أبوسالم وتعزيز العمل في الشحن من الباب إلى الباب، تطوير القطاع الصناعي والسماح بدخول المواد المصنفة كثنائية الاستخدام، يمكن أن يكون لها أثر في تحسين جودة الحياة في قطاع غزة، وكذلك تخفيض نسب الفقر والبطالة.
- هناك ضغوط تمارس على السلطة الفلسطينية من الدول المانحة من أجل إتمام ملف المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الأراضي الفلسطينية، وكذلك ملف الإصلاح الإداري والمالي للسلطة الفلسطينية.
- من الواضح أن هناك تسرب مالي تتسبب به آلية المقاصة المعمول بها من الجانب الفلسطيني للجانب "الإسرائيلي"، حيث لا تقوم "إسرائيل" بتحويل أموال المقاصة بأرقامها الحقيقية، ويظهر ذلك في رسوم المناولة، ضريبة الدخل للفلسطينيين العاملين في "إسرائيل"، ضريبة القيمة المضافة، ورسوم عبور معبر الكرامة، وتقوم الدول المنحة بجهد من أجل رقمنة هذه العمليات، حتى تستطيع السلطة الفلسطينية من الاستفادة من مواردها المالية بشكل كامل.
وبناءً على ما سبق فإننا نوصي بما يلي:
- ضرورة متابعة التقارير الدولية من مراكز الدراسات والأبحاث وتحليلها من أجل وضوح الصورة حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
- الضغط على السلطة الفلسطينية من قبل الفصائل الفلسطينية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
- طلب توضيحات من السلطة الفلسطينية حول برامج الإصلاح الإداري والمالي حتى لا يكون قطاع غزة هو الضحية لهذه الإصلاحات.
- ضرورة قيام السلطة الفلسطينية بتوسيع النقاشات حول المشروعات الإنمائية والحيوية التي يتم تنفيذها في الأراضي الفلسطينية لتشمل القطاع الأهلي والقطاع الخاص ومراكز الأبحاث والدراسات
- المطالبة بزيادة العمال الفلسطينية من قطاع غزة في "إسرائيل" ضمن رزمة التسهيلات الاقتصادية، والتي تعتبر مؤقتة حتى يتم إنشاء بنية زراعية وصناعية متينة في القطاع
- الضغط على المؤسسات الدولية من أجل إدخال المعدات اللازمة لتطوير شبكات الاتصال الخلوي، وكذلك إدخال معدات تطوير شبكة الاتصال السلكي في قطاع غزة.
- إدراج ملف غاز غزة ضمن أجندة عمل الدول المانحة من أجل حصول السلطة الفلسطينية على حقوق التنقيب وإخراج الغاز.
- حث الدول المانحة على دعم القطاع الصناعي في قطاع غزة من خلال تسهيل "إسرائيل" لدخول المواد الخام والمكن اللازم لتطوير هذا القطاع، لما له من أهمية في زيادة العمالة
- العمل على تعزيز التجارة البينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وحل الإشكاليات المتعلقة بالفواتير الضريبية واعتراف الجانبين الفواتير الضريبية الصادرة عن كل طرف.
- إعادة بروتوكول باريس الاقتصادي للتفاوض لتستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على مواردها المالية.