رغم أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الحرب بيني غانتس إلى أذربيجان الأسبوع الماضي لم تستقطب اهتمامًا كبيرًا في "إسرائيل"، لكن هناك أهداف خفية منها لم تجد طريقها إلى وسائل الإعلام، تتراوح بين تلقي باكو التكنولوجيا والمعرفة من تل أبيب، مقابل حصول الأخيرة منها على مزيد من النفط.
ومن اللافت ترك غانتس الحلبة السياسية المستعرة في "إسرائيل"، والتوجه إلى باكو، عاصمة أذربيجان، في زيارة سريعة رفقة كلّ من رئيس الشعبة الأمنية السياسية في الوزارة درور شالوم، ومديرها العام أمير إيشيل.
ولم يتردد الخبير العسكري، أمير بار في القول إن "هذه المرة يصعب معرفة الغرض من زيارة غانتس إلى أذربيجان، حتى أن الإعلان المقتضب الصادر عن مكتبه، الذي تحدث أن الزيارة تناولت موضوعات سياسية وقضايا أمنية وتعميق التعاون بينهما، لم يكشف عن حقيقتها".
ورجح الخبير العسكري أن يكون "موضوع المساعدة الأمنية قد طرأ في المحادثات، لكنه غاب عن الإعلانات الرسمية، ولسبب وجيه، حيث يستخدم الجيش الأذربيجاني طائرات مسيرة هجومية إسرائيلية الصنع، إضافة لمصنع كبير للطائرات بدون طيار تم بناؤه هناك من قبل شركة الطيران الإسرائيلية".
وأضاف في تقرير نشره موقع "زمان إسرائيل"، أن "توقيت الزيارة يثير علامة استفهام في الجانب الإقليمي، فعلى مدار الشهر الماضي، دارت المعارك بين الجيشين الأذربيجاني والأرميني، وهذه المرة ليس فقط في منطقة كاراباخ، ولكن أيضًا على الحدود الشرقية لأرمينيا، التي نظرت بقلق لهذه الزيارة باعتبارها مساعدة لجارتها اللدودة".
وتابع بار بالقول إنه "بالتزامن مع هذه الزيارة فقد زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، أرمينيا، وأدانت بشدة الهجوم الأذربيجاني، بجانب زيارتها المتوترة لتايوان".
وأشار إلى أن "إسرائيل شريك استراتيجي مهم، من وجهة نظر أذربيجان، فهي تتلقى التكنولوجيا والمعرفة منها، مقابل منحها النفط، فمعظم الوقود فيها يأتي من باكو، بما فيه وقود السيارات وطائرات سلاح الجو، وبدأت الشركات الإلكترونية الإسرائيلية بالعمل تحت تسجيل أجنبي في أذربيجان، لبناء أنظمتها الدفاعية، وتطوير صناعة المعرفة فيها، فضلا عن مصالح إسرائيل مع أذربيجان تجاه إيران، التي تزعم أن إسرائيل تجري العديد من العمليات الاستخبارية على أراضي أذربيجان".
ويستنتج الإسرائيليون أن الكثير من أغراض زيارة غانتس ما زالت طي الكتمان، لكنها مرتبطة بالسلوك الأذربيجاني في السنوات الأخيرة التي تشير إلى تغيير في تصوراتها عن السياق الإقليمي، حيث باتت تدرك أن مزيجا من ثروتها المعدنية، وقوتها العسكرية التي يتم بناؤها، إضافة لانحدار روسيا، ونشوب أزمة الطاقة، فكل تلك التطورات تلعب لصالحها، وعلى هذه الخلفية، تمت زيارة غانتس إليها.
ويخلو التقدير الإسرائيلي لتوقيت القتال الأذري الأرمني من العفوية، فروسيا متورطة في أوكرانيا، وليست مهتمة بالقوقاز، لكن تركيا المهتمة بتوسيع دائرة نفوذها إلى الشرق، تلبي الرغبة الأذربيجانية في خلق استمرارية قارية معها، لا سيما بالتزامن مع البحث الأوروبي عن مصادر جديدة للطاقة مما يضع أذربيجان في قفزة اقتصادية لم تشهدها منذ سنوات، حيث يمكن لغازها ونفطها أن يحل محل روسيا، ولهذا تحتاج باكو ممرا بريا يمر عبر تركيا إلى أوروبا، وهو ما يتقاطع مع التوجه الإسرائيلي.