تجمع الجزائر، اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء، الفصائل الفلسطينية في محاولة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وسط تأكيد هذه الفصائل توجّهها بروح إيجابية لرأب الصدع بينها، خصوصاً في ظل تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والانحياز الأميركي الكامل له، وغياب أي أفق راهن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع تراجع الحديث حتى عن حل الدولتين.
وعلى الرغم من الظروف والمستجدات التي تدفع لضرورة تحقيق المصالحة، غير أن التجارب وتعثّر تنفيذ الاتفاقات السابقة، ولا سيما "اتفاقية الوفاق الوطني" الموقّعة عام 2011، كلها عوامل تثير شكوكاً كبيرة بإمكان إحداث اختراق مهم في اجتماع الجزائر للمصالحة، يقود إلى توحيد المشهد الفلسطيني، خصوصاً في ظل المطالبات بانتخابات شاملة وإصلاح منظمة التحرير، ودعوة فصائل المقاومة لوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وهي مطالب قد لا تكون السلطة الفلسطينية جاهزة لتنفيذها.
ودعت الجزائر 14 فصيلاً فلسطينياً للمشاركة في الاجتماع، الذي تسعى من خلاله للحصول على توافق حول ورقة مقترحة، لم يتم الكشف عن فحواها حتى عصر أمس، لكنها وفق التسريبات تتضمن آليات تحقيق المصالحة والتمسك بالحقوق الفلسطينية التاريخية. ومن المتوقع في حال الموافقة عليها، أن تُطرح على مؤتمر القمة العربية المقبلة المقررة في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قد كشف عن تنسيق جزائري استباقي مع عدد من الدول العربية بشأن اجتماع الجزائر، متحدثاً عن وجود دعم فلسطيني وعربي للورقة الجزائرية التي ستُناقش في الاجتماع.
وقال لعمامرة، في مؤتمر صحافي عقده أمس الأول الأحد، إن "الجزائر قامت بعمل تحضير دقيق في الجزائر وفي غير الجزائر، كما نسقنا مع عدد من الدول التي انخرطت في الجهد الرامي إلى دعم المصالحة الفلسطينية"، ما يعني، بحسبه، أن "المبادرة الجزائرية مدعومة عربياً ومقبولة فلسطينياً".
وأشار إلى أن "هناك قبولاً كبيراً وجامعاً" للدعوة التي وجهها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى كافة الفصائل الفلسطينية للمشاركة في الاجتماع. وكشف لعمامرة أن جدول أعمال الاجتماع يتعلق ببحث "الأوضاع الفلسطينية، ودعم المؤسسات والديمقراطية الفلسطينية وجمع الشمل، وجعل القيادة الفلسطينية تتحدث بلا منازع باسم المصير الواحد ونيابة عن كافة أبناء الشعب الفلسطيني، وعن كافة التنظيمات السياسية والشخصيات والفعاليات المستقلة".
ويأتي الاجتماع في إطار مبادرة لمصالحة وطنية فلسطينية كان تبون قد أطلقها في يناير/ كانون الثاني الماضي، واستكمالاً لاجتماعات سابقة عقدتها الجزائر مع قادة الفصائل على انفراد بين فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين.
وتأمل الفصائل الفلسطينية بأن يحقق الاجتماع آليات لتنفيذ المصالحة وإنهاء الانقسام، الذي يتواصل منذ أكثر من 15 عاماً، فيما ينخفض التعويل في الشارع الفلسطيني على تفاهمات حقيقية تنهي المراوحة القائمة منذ عام 2005، علماً أنه خلال هذه السنوات وُقّعت العديد من الاتفاقات لإنهاء الانقسام، لا سيما في مصر، لكنها بقيت من دون تنفيذ.
وأكد مصدر دبلوماسي جزائري، أن "الجزائر التي تحظى بثقة كل القوى الفلسطينية، وفّرت كل الظروف الممكنة للفصائل لتحقيق اتفاقات على الحد الأدنى من استحقاقات المصالحة وتوحيد الموقف الوطني، خصوصاً في هذه الظروف التي تتزايد فيها غطرسة الاحتلال وأطماعه في القدس وفي إذلال الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الظروف الدولية التي تفرض على الفلسطينيين الوحدة".
وشدد المصدر على أن "التنسيق المسبق للجزائر مع دول عربية، كان بداعي تعزيز مقوّمات نجاح المبادرة الجزائرية، لأن ذلك مسألة سياسية وواقعية"، موضحاً أن "الجزائر تريد أن تنعقد القمة في ظل موقف فلسطيني موحد يطرح على القادة العرب ويضعهم أمام مسؤولية دعمه واتخاذ الآليات الكفيلة بذلك"، وأشار إلى أن "لا غرض سياسياً للجزائر غير أن يتحاور الفلسطينيون معاً وباستقلالية تامة بما يخدم قضيتهم وقضيتنا جميعاً"، موضحاً أن "إبعاد المبادرة عن اللغط والجدل الإعلامي كان ضرورة لضمان نجاحها".
وحتى عصر أمس، عُلم أن 13 فصيلاً فلسطينياً سيشارك في الاجتماع، وأعلنت "حماس" أن وفدها سيترأسه رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، فيما يمثل حركة "فتح" وفد برئاسة القيادي عزام الأحمد.
وأعلنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن وفدها سيترأسه رمزي رباح، كما أكدت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أنها ستشارك بوفد يقوده الأمين العام أحمد مجدلاني. كما يشارك في الاجتماع الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، والأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي. كما وصل وفد من حركة الجهاد الإسلامي أمس إلى الجزائر للمشاركة في المؤتمر.