شهد قطاع الدجاج اللاحم في غزة منذ بداية هذا العام أزمتين، أما الأولى فكانت في شهر رمضان (إبريل 2022)، وقد جاءت بسبب نقص الكميات المعروضة من الدجاج اللاحم لانتشار مرض انفلونزا الطيور في البلدان التي يتم استيراد البيض المخصب منها، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الدجاج اللاحم، وأما الثانية فجاءت في أعقاب عيد الأضحى المبارك (يونيو 2022)، بسبب زيادة الكميات المعروضة من الدجاج اللاحم والتي أدت لانخفاض الأسعار من يونيو حتى أغسطس من هذا العام.

وقد ساهمت الإجراءات التي اتخذتها وزارتي الزراعة والاقتصاد بعد الأزمة الأخيرة إلى تنظيم دخول البيض المخصب وتعزيز الرقابة على الأعلاف والصيصان والأدوية مما أدى إلى تحسين انتاجية المزارع، وساهم في استقرار الأسعار وتم الوصول إلى سعر التوازن بين المنتجين والمستهلكين، حيث استمر سعر التوازن لمربي الدجاج اللاحم ب 11 شيكل وللمستهلك ب 12 شيكل خلال شهري سبتمبر وأكتوبر.

ولكن في الأيام الأخيرة تم السماح بإستيراد كميات من الدجاج المبرد والمجمد "الإسرائيلي" والفائضة عن احتياج السوق "الإسرائيلي" بعد الأعياد اليهودية خلال شهر أكتوبر والتي يتم فيها ذبح الدجاج كطقس من طقوس الأعياد، كما لوحظ زيادة في كمية البيض المخصب المدخلة إلى غزة عن الكمية المتفق عليها بين الحكومة في غزة وكبار تجار الصوص والأعلاف في غزة والتي حددت بسقف 3 مليون و200 ألف بيضة شهرياً، مما قد يفسد التوازن والاستقرار في قطاع الدجاج اللاحم خلال الأشهر المتبقية من هذا العام، وهذه السياسة ستؤدي لوجود فائض في منتج الدجاج اللاحم وخسارة مربي الدجاج.

وتظهر الأرقام التي عرضها الدكتور سعود الشوا الطبيب البيطري والاستشاري في مجال تربية الدواجن على صفحته على الفيس بوك وجود مشكلة ستواجه مربي الدجاج اللاحم في التسويق خلال شهري نوفمبر وديسمبر والتي تظهر وجود فائض في كمية الدجاج اللاحم تقدر ب 420 ألف دجاجة منتجة للتسويق في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر، وفائض ب 580 ألف دجاجة ستنتج للتسويق في شهر ديسمبر 2022.

وقد ذكرنا في مقال سابق بأن قطاع الدجاج اللاحم في غزة بحاجة إلى التخطيط، التنظيم الإداري، تعزيز الرقابة، وضبط الإنتاج للوصول إلى السعر العادل بين المنتجين والمستهلكين، وهو ما تسعى إلى تحقيقه وزراتي الزراعة والاقتصاد من خلال الإجراءات التي تتخذها، ولكن تصطدم الإجراءات أحياناً ببعض الرؤى الحكومية المتعلقة بتوفير منتج الدجاج للمواطن بأقل الأسعار دون أن تعطي أي اهتمام لشريحة مربي الدجاج المهمشة أو تقوم بدعمها أو تعويض خسارتها، كما لا تلبي الإجراءات الحكومية الهادفة إلى تنظيم قطاع تربية الدجاج اللاحم تطلعات بعض التجار الكبار الذين يرغبون في مضاعفة ربحهم من خلال زيادة كميات البيض المخصب والتي ستؤدي لزيادة كميات الصوص وبالتالي زيادة في كميات الأعلاف التي يقومون ببيعها.

خلاصة القول أن الإجراءات الحكومية الهادفة إلى تنظيم قطاع تربية الدجاج اللاحم يجب أن تتبناها وتحميها الحكومة بكل مكوناتها، وأن تعمل على حماية مربي الدجاج وتوفير الدعم اللازم لاستمرار هذا القطاع وللحفاظ على سعر التوازن، كما يجب أن يكون هناك سعي حثيث من أجل توفير الصوص والأعلاف بأقل الأسعار من أجل خفض تكلفة الانتاج مع عدم السماح لأي تاجر باختراق الإجراءات المتفق عليها.