عام كامل مرَّ على اندلاع الحرب الطاحنة بين روسيا وأوكرانيا، وسط قراءات إسرائيلية زائدة مفادها أن الجيش الأحمر لم يكن مثيرًا للإعجاب، دون قدرة على تحقيق الأهداف التي حددها له الكرملين، وسط قناعات إسرائيلية بأنه لم يثبت قدرة على تنفيذ المراد من العمليات العسكرية المشتركة للقوات البرية والجوية.
عام كامل مضى منذ أن قررت روسيا، القوة العظمى، غزو أوكرانيا المجاورة، الطامحة لأن تصبح عضوًا في حلف الناتو، عدو موسكو الأكبر، ما دفعها في مثل هذه الأيام من 2022 لإرسال جيشها للاستيلاء على كييف، وأصبح العالم كله، بما فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي، تشاهد على البث الحي والمباشر، أداء الجيش الروسي، وهو يهاجم دولة في قلب أوروبا، لكنه يواجه ما يشبه ضمنيًّا فشلًا ميدانيًّا، وتحولت المعارك وفق القراءات الإسرائيلية العديدة إلى ما يشبه حرب استنزاف، حصدت أرواحًا ودمارًا، دون أن تلوح في الأفق نهايتها.
توقف الإسرائيليون مطولًا عند عجز العالم مجتمعًا، بما فيه الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية، وحلف شمال الأطلسي، والتحالفات الدفاعية المختلفة، لوقف هذه الحرب، وكأننا أصبحنا أمام عالم لا يوجد فيه آلية من شأنها منع دولة من غزو دولة أخرى، على الرغم من توفر تنبؤات إسرائيلية سبقت الحرب توقعت وقوعها، وإن لم يكن بهذا الاتساع، ولكن بحلول الوقت، وبعد مرور عام على الحرب، اتضح للإسرائيليين أن موسكو كانت مخطئة في حساباتها، وهو ما وقع به الاحتلال الإسرائيلي في العديد من العدوانات التي شنها على الفلسطينيين في السنوات الأخيرة.
اليوم، وبعد عام على اندلاع الحرب، ربما لا يعرف العالم، ومن ضمنه الإسرائيليون الذين يجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه من هذه الحرب، ما يخطط له الكرملين، فهل يسعى لحرب طويلة، ربما أشهر إضافية، ويستعد لمزيد من عمليات التجنيد، في ضوء خسائره الفادحة في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه الضغط على صناعاته العسكرية لإنتاج أنظمة الأسلحة بسرعة، في ظل نقصها على الجبهات، استعدادًا لهجوم مضاد كبير لإبطال أداء الجيش الأوكراني.
كثيرة هي القواسم المشتركة بين أداء الجيشين الإسرائيلي والروسي في هذه الحرب، فقد سعى الأول مرارًا لاستعراض انتصاره في شوارع غزة، كما تمنى الثاني تكرار الأمر في شوارع كييف، لكنهما فشلا في تحقيق نصر سريع وحاسم يثبت تفوقهما، ولم تسر حساباتهما وخططهما على ما يرام، بل كشفت الوقائع الميدانية أنهما كانا مخطئين، وربما تم تضليلهما بمعلومات استخباراتية خاطئة، أو أنهما شعرا بمزيد من غرور القوة الفتاكة، على الرغم من أن علامات التحذير السيئة بدت واضحة للعيان منذ البداية.