31.9°القدس
31.44°رام الله
30.53°الخليل
23.33°غزة
31.9° القدس
رام الله31.44°
الخليل30.53°
غزة23.33°
الخميس 25 ابريل 2024
4.71جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.78
عصام عابدين

عصام عابدين

قرار المحكمة الدستورية بشأن ذمة المحافظين وبيع الأوهام للناس

يقفز إلى الأذهان، بقراءة قرار المحكمة الدستورية الصادر في الدعوى رقم (2022/18) بتاريخ 2023/1/25 بشأن "الاعتقالات الإدارية على ذمة المحافظين" السؤال التالي: كيف للمحكمة الدستورية المُشكلة خلافاً للدستور الفلسطيني وقانونها، وقراراتها المُنعدمة، وإرثها القبيح، واحتقارها للدستور والقيم وحقوق الإنسان الفلسطيني طيلة السنوات الفارطة أن تقضي بعدم دستورية مادتين في قانون منع الجرائم 1954 (المواد 3) بل وأن تتجاوز لائحة الدعوى الدستورية، وتتصدى، من تلقاء نفسها، لنصوص غير دستورية أخرى غير واردة في الطعن المُقدّم بشأن الاعتقالات على ذمة  المحافظين وتُسقطها، أهي سكرات الموت؟! أم تأثير برد فصل الشتاء؟! أم ماذا؟!

لم تكتفِ "الدستورية" بذلك، بل قدمت درساً أكاديمياً بنهكة "الرعيل الجديد" للمحكمة في حيثيات القرار بأهمية احترام الدستور والقيم والعدالة الجنائية والكرامة الإنسانية، وتحدثت عن المُجتمعات المُتحضرة، وهي ذاتها (المحكمة الدستورية) التي خاطبت "المحكمة العليا" في تفسيرها الدستوري الأول (2006/1) بطريقة غير لائقة بالأدب القضائي، وقضت برفع الحصانة الدستورية عن نواب في المجلس التشريعي، بل وحلّت المجلس التشريعي الفلسطيني ذاته، وأقرت نظرية أو بدعة أعمال السيادة التي تُطلِق العنان للشعوذة والإجهاز على ما تبقى من نظام سياسي (أعمال السيادة) دون رقابة القضاء المُنهار أساساً وغيرها من الانتهاكات الصارخة التي اقترفتها بحق الدستور، والأبعاد والدلالات، ومغادرة "الرعيل القديم" للمحكمة الدستورية الوشيكة بانتهاء مدة الخدمة، ومتطلبات المرحلة القادمة.

يأتي قرار المحكمة الدستورية، بشأن ذمة المحافظين والاعتقالات، مع الاحتفال المصاحب للقرار عن وعي تارة وقلة وعي (طيش) تارة أخرى،  والتهليل المتوقع بشأن تأثيره الإيجابي على حقوق الإنسان (على شبر ماء) لمؤازرة عمليات ذر الرماد، في عيون الناس، في مرحلة حسّاسة.

لطالما أكد "الغَطّاسُون" في المياه العميقة، على أهمية ابتعاد الهواة عن اللهو على الشاطىء وبخاصة في فصل الشتاء البارد، لانشغالهم (الغطاسين) في عَدّ أنفاس الأسماك في عُمق البحر بالتزامن مع رصد أمواج عمليات الاحتجاز التعسفي العالية التي تستهدف الجيل الشاب وطلبة الجامعات والنشطاء وغيرهم، وبخاصة في الأونة الأخيرة، تحت عناوين وأشكال عديدة تنتهك الدستور الفلسطيني.

لا نُذيع سرّاً إنْ قُلنا إننا أوضحنا رأينا علناً في السابق، في عدة مناسبات، بشأن هذا الطعن الدستوري، وتوقيته الزمني ودلالاته، ومفادُ الرأيِ إنَّ المشعوذين الذين يديرون الدستورية والقضاء والبلد بأكملها، من غرفة ظلماء، لن يُمانعوا، بل سيشجعوا، قرار من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نصوص واردة في قانون منع الجرائم يتم استخدامها للاعتقالات الإدارية التعسفية علماً أن تلك الاعتقالات تُخالف قانون منع الجرائم 1954 ذاته علاوة على القانون الأساسي (الدستور) والقوانين الجزائية الإجرائية وغيرها.

بمعزل عن المراهقين على الشاطىء، فإن السؤال المطروح: لماذا يًشجّع "الأشباح" المحكمة الدستورية على هذا القرار الشاذ عن نهجها وإرثها القبيح منذ نشأتها وعلى مدار السنوات السابقة القائم على احتقار الدستور وازدراء القيم والحقوق والحريات وكرامة الإنسان الفلسطيني، أتُراها سكرات الموت؟!  أم رجسٌ من عمل شياطين الأرض في تلك المرحلة الحسَّاسة؟!

الإجابة، لا تحتاج الكثير من العناء، فلا زال في جعبة "الأشباح" العديد من الأساليب لاستمرار "نهج" الاعتقالات الإدارية التعسفية وهناك "الكثير من الذمم" التي لا علاقة لها بهذا الطعن، ومُورست في السابق؛ كالاعتقالات على ذمة الرئيس المنتهية ولايته مثلاً أو على ذمة رئيس الوزراء مثلاً أو على ذمة رؤساء الأجهزة الأمنية مثلاً أو على ذمة اللجنة الأمنية المشتركة مثلاً  ...  وهكذا. ولا زال هناك دور "للدستورية" في المرحلة القادمة، ولطالما حذّرنا من خطورة الاقتراب منها، وخاصة في تلك المرحلة، بمعزل عن السطور النظرية والثوب المُتلوّن للمحكمة.

وما الضيرُ من الاستغناء عن ذمة واحدة (ذمة المحافظ) في حقل من الذمم، مقابل الترويج لنظام لا مثيل له في الشعوذة واحتقار الدستور والقيم والحقوق والتفويض الشعبي في التحول الديمقراطي، والاستمرار بدون تفويض شعبي وانتخابات، ما الضير من الدعايات المجانية والاستمرار في الحُكم بذات "النهج" ودوائر لا تنتهي؟!

حتى لو جرى الطعن بكل تلك الذمم، ذمة تلو الأخرى، وقررت المحكمة الدستورية غير الدستورية، عدم دستوريتها، ذمة تلو الأخرى، فهل هذا يُجدي نفعاً بعد "انهيار القضاء الفلسطيني" وإمكانية توقيف وتمديد توقيف الناس على الأهواء والأمزجة من قبل "بعض" الأعوان من القضاة أنفسهم؟! وإدارة قضائية (مجلس قضائي) لعب، وما زال، دوراً حاسماً في الإطاحة بالقضاء الفلسطيني بالكامل من الداخل.

لماذا لم تتصدى المحكمة الدستورية للمرسوم الرئاسي 2003 وتعديلاته بشأن اختصاصات المحافظين واكتفت بالتنظير على الطاعن؟! ولماذا لم تتصدى لــ"منصب المحافظين ذاته" الذي ينتهك الدستور الفلسطيني بشكل صارخ لأنه (الدستور) لا يعترف في جميع مواده إلا بالمجالس المحلية المُنتخبة فقط (المادة 85) كما أن صلاحيات الرئيس "حصرية ثانوية" في الدستور ولا تشمل المحافظين ألا يعد مرسوم المحافظين "بأكمله" مخالف للدستور؟! أين التصدي من المحكمة الدستورية من تلقاء ذاتها على ذات المنهج الذي اتبعته في قرارها هذا بشأن قانون منع الجرائم؟

أين ذهب تنظير "الرعيل الجديد" للمحكمة الدستورية بشأن احترام الدستور والقيم والحقوق والحريات العامة وبشأن المجتمعات المُتحضرة؟! أم أن تلميع صورة "الدستورية" وصورة القضاء الفلسطيني وصورة حقوق الإنسان الفلسطيني عموماً "مطلوبة" في المرحلة الصعبة القادمة على أمل نقل السلطة بعد تلك السنوات، دون تفويض شعبي وانتخابات، واستمرار الدوران والشعوذة؟!

ألم تُقرّر المحكمة الدستورية ذاتها في التفسير الدستوري رقم (10) لسنة 2018 بتاريخ 2018/12/12 بأن "المجلس التشريعي فقد صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي" وأن المجلس التشريعي الفلسطيني قد "انتهت مدة ولايته بتاريخ 2010/1/25" وأنَّ "المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 1/25/ 2006 واعتباره مُنحلاً من تاريخ إصدار هذا القرار".

وفي المقابل، وبذات القرار، وتحديداً البند الخامس منه؛ قررت ذات المحكمة الدستورية العليا "دعوة فخامة رئيس الدولة إلى إعلان إجراء الانتخابات التشريعية [التشريعية فقط] خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية". رغم أن السيد محمود عباس دخل عامه التاسع عشر في الرئاسة. وقد نُشر القرار بالجريدة الرسمية في "عدد ممتاز" رقم (19) بتاريخ 2018/12/23. أين ذهب التنظير على الناس بشأن القيم الدستورية والحقوق والحريات العامة والكرامة الإنسانية، أين المُجتمعات المُتحضّرة، في عالم الأشباح والشعوذة التي لا تنتهي، بل تشتد وتتسارع كلما تقدَّمت عَقارب الساعة؟!

وختاماً ننوه، مُجدداً، بأهمية ابتعاد المواطنين الكرام، وبعض المراهقين، عن الشاطىء مع ارتفاع الأمواج في شتاء عاصف، والانتباه لإرشادات السلامة، وعدم إشغال "الغَطّاسين" في اللهو الذي يجري على مسافة من الشاطىء، والاحتماء قدر الإمكان من برد الشتاء حفاظاً على سلامة الجميع، والتأمل جيداً فيما يجري تحت المطر، من أجلكم/ن ومستقبل أطفالكم، وغد أفضل.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن