خلف الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، أضرارا بالغة في الأرواح والبنية التحتية، حيث قدرت منظمة الصحة العالمية أن عدد المتضررين قد يصل إلى نحو 23 مليون شخص بينهم 1.4 مليون طفل في كلا البلدين.
ورغم انقضاء 36 ساعة على الزلزال الأول بشدة 7.8 درجة على مقياس ريختر، والي تبعه زلزال مدمر آخر بعد ساعات بشدة 7.7 على مقياس ريختر، إلا أن مناطق شمال غرب سوريا لم تتلق أي مساعدة دولية أو أممية حتى الآن، نتيجة إغلاق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا "مؤقتا" من جهة، ورفض النظام السوري تمرير المساعدات إلى مناطق سيطرة المعارضة من جهة أخرى.
وقال منير المصطفى، نائب مدير منظمة الدفاع المدني السوري، إن الأوضاع في شمال غربي سوريا "كارثية"، مؤكدا أن المساعدات لم تصل إلى المنطقة حتى الآن، وتقتصر على الوعود وإطلاق التبرعات عبر الإعلام فقط.
وناشد جميع الجهات المانحة والمنظمات الدولية للضغط وإيصال المساعدات اللازمة إلى المنطقة قبل فوات الأوان، لمساعدة العالقين تحت الأنقاض والمرشدين من منازلهم.
وأضاف: "الزمن يداهمنا... نحن نسابق الموت... الوضع في سوريا كارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
وارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا لأكثر من 810 حالة وفاة وأكثر من 2200 مصاب، وفق الدفاع المدني السوري.
ويبقى عدد الضحايا مرشحا للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت الأنقاض، بينما تواصل فرق الإنقاذ عمليات استخراج العالقين وسط صعوبات كبيرة وحدوث هزات ارتدادية.
وشدد المصطفى على أن عدم استجابة العالم والمنظمات الدولية المطالبة بمساعدة السوريين، سيزيد من الكارثة التي وقعت في شمال غربي سوريا، خاصة بعد انقضاء أكثر من 36 ساعة دون وصول أي نوع من المساعدات.
وأوضح أن فرق الإنقاذ تحتاج لدعم كبير في ظل نقص الآليات الثقيلة، مشيرا إلى أن المنظمة المعنية بإزالة الأنقاض ومساعدة المدنيين تستخدم الاحتياطي من المحروقات منذ شهرين، نتيجة شح الدعم.
وبين أن مسألة تقييم الأضرار في شمال غرب سوريا غير ممكنة في الوقت الراهن، لا سيما مع وجود أكثر من 700 نقطة مدمرة بشكل كلي أو جزئي، إذ لا تستطيع فرق الدفاع المدني تقدير المدة اللازمة لمساعدة العالقين.
وتابع: "في حال عدم وصول مساعدات ربما نحتاج أشهر للانتهاء من إزالة الأنقاض... لا يمكننا الاستمرار بهذه الوتيرة... لا بد من مساعدة المنظمات الدولية".
وأشار إلى إمكانية إدخال المساعدات الدولية عن طريق معابر بديلة عن "باب الهوى"، إذ يمكن تتم العملية من معبر باب السلامة في ريف حلب ومعابر الراعي وجرابلس، لنقل المساعدات من تركيا إلى سوريا.
وأعلنت الأمم المتحدة عن توقف دفق مساعدات المنظمة المهمة من تركيا إلى شمال غرب سوريا "مؤقتا" بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق ومشاكل لوجستية أخرى مرتبطة بالزلزال العنيف الذي ضرب البلدين أمس الاثنين.
وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة إن تدفق مساعدات المنظمة المهمة من تركيا إلى شمال غرب سوريا توقف مؤقتا
وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ماديفي سون سوون، لرويترز، إن "بعض الطرق معطلة والبعض الآخر لا يمكن الوصول إليه. هناك مشكلات لوجستية تحتاج إلى حل".
وأضافت "ليس لدينا صورة واضحة عن موعد استئنافها".
بالمقابل، أكدت "هيئة الإغاثة الإنسانية التركية" (IHH)، أن فرقها دخلت إلى سوريا، وبدأت في المساعدة بعمليات إزالة الأنقاض وإخراج العالقين تحتها.
وقال عضو "هيئة الإغاثة الإنسانية التركية"، شامل يلدرم، إن المنظمة أدخلت 250 شخصا إلى سوريا للمساعدة في عمليات الإنقاذ، لكن الفرق لا تكفي.
وأوضح أن عملية الإنقاذ تقدر بواحد من عشرة في سوريا وتركيا على حد سواء، لكن الوضع في الداخل السوري أصعب بكثير نظرا لعدم وجود آليات ثقيلة تساعد في رفع الأنقاض.
وبين أن المنظمة تعمل أيضا على توزيع الطعام للمشردين من منازلهم، مؤكدا أن المنطقة تحتاج لجميع أنواع المساعدة من بطانيات، ووسائل التدفئة، إلى جانب الطعام والشراب.
وأكد المنسق في الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، أن الأضرار التي لحقت بالطرق ونقص الوقود والطقس الشتوي القاسي في سوريا كلها عوامل تعرقل مواجهة الوكالة لآثار الزلزال الذي وقع الاثنين وأودى بحياة كثيرين، بينما ترك الملايين في حاجة إلى المساعدة.
وأضاف لرويترز: "البنية التحتية متضررة والطرق التي اعتدنا استخدامها في الأعمال الإنسانية تضررت، وعلينا أن نكون مبدعين في كيفية الوصول إلى الناس لكننا نعمل بجد".
وذكر كيرين بارنز مدير منظمة ميرسي كور في سوريا لرويترز "سمعنا أن النظام به إمدادات تكفي من ثلاثة إلى خمسة أيام مقبلة غير أننا قلقون من أن هذه الإمدادات ستنفد بسرعة... سنحتاج إلى زيادة الموارد بشكل كبير لشمال غرب سوريا والتأكد من أن خطوط الإمداد متاحة أمامنا للاستجابة".
وفي ظل توقف إدخال المساعدات إلى المناطق المنكوبة في شمال غرب سوريا، عقب توقف معبر "باب الهوى"، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الثلاثاء، جميع الأطراف الدولية، ومنها روسيا، بالضغط على النظام السوري لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة، مشيرة إلى أن بلادها ستقدم مليون يورو إضافية للمنظمات الإغاثية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا.
في غضون ذلك، قال الهلال الأحمر السوري إنه مستعد لتوصيل مساعدات الإغاثة إلى جميع مناطق البلاد ومن بينها المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.