24.68°القدس
24.37°رام الله
23.3°الخليل
27.72°غزة
24.68° القدس
رام الله24.37°
الخليل23.3°
غزة27.72°
السبت 27 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.16دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.97يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.16
جنيه مصري0.08
يورو3.97
دولار أمريكي3.66
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

كل شيء خلق بقدر!

مصطفى الصواف
لست فقهيا أو على دراية كافية بأصول التفسير، ومعرفتي بآيات الله كمعرفة عامة المسلمين، أقرؤوها كما يقرؤوها كثير من الناس، وأفهمها كما يفهما الناس، ولكني أجتهد في فهمها كما يحب الله ويرضى، وأسقطها علي أحوالنا بفهمي البسيط لها دون فلسفة أو شطحات أو تأويل في غير مكانه؛ كما انتشر في اليومين الماضيين من تفسير أو توهم لما وقع في تركيا وسوريا من زلازل؛ وكأنها غضب من الله لا رحمة فيها، أراد الله الإنتقام من الناس كما يتوهم البعض الذين وصفوا هذه الزلازل بأنها نقمة وعقاب على ما ارتكبه الضحايا من ذنوب، وهذا فهم مغلوط فيه تجني على الله قبل أن يكون على البشر!

نعم نؤمن أن الزلازل وغيرها من حوادث الطبيعة هي جند من جنود الله عز وجل يدبرها بإرادته كيفما شاء ووقتما شاء ومع من يشاء .

هذه الحوادث فيها الرحمة كما فيها العقاب، ولكن ذلك ليس بعمومه، فالذين يقضون بسبب هذه الحوادث فيهم المؤمن وفيهم غير المؤمن، فيهم التقي وفيهم الجاحد، فيهم العالم وفيهم الجاهل، فالله خالقهم جميعا وهو العالم بحالهم بإيمانهم وبجهلهم، " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ".

نحن لدينا إيمان كامل بقضاء الله وقدره، ونؤمن أن كل الأمور تسير بمشيئة الله وقدره، وأن الموت والحياه كلها بيد الله يقدرها كيف يشاء .

هذا الإيمان بأن الأمور تسير بقدر الله، وأن قدر الله فيه الرحمة، والذين قضوا في الزلزال قضوا بإرادة الله، فالمؤمن الذي انتهى أجله اختار له الله أن يموت شهيدا؛ لأن الشهداء خمس كما أخبرنا رسول الله صل الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أحدهم " صاحب الهدم " أي من مات نتيجة الهدم، هؤلاء الشهداء اصطفاهم الله عز وجل بعد انقضاء آجالهم، واختار لهم الشهادة، وما أعظمه من اختيار.
 
والسؤال لأولئك الذين يعترضون على قدر الله، هل الذي نجا من الموت دون أهله في هذا الزلزال، هل نجا لأنه إتخذ الاحتياطات الكاملة والتي حالت دون موته أو أن يناله العقاب!، أو أن له بقية من حياة يعلمها الله فأنجاه كي يكمل ما له من عمر، أو الطفل الذي ولد من رحم أمه وتم إنقاذه حيا وكانت والدته قد فارقت الحياة، من الذي قدر الأمر أليس الله؟!، كلها آيات لنا كي نكون على يقين أن الأمور تسير بمقادير يقدرها الله، والحياة والموت لا علاقة لها بزلزال أو فيضان أو غير ذلك، ولكنها قدر الله يقدرها بفضلة وبالطريقة التي يريد .

ربما يكون الزلزال قد أتى رحمة لصنف من الناس لا يعلمهم إلا الله، وربما جاء عقاب لصنف آخر من الناس لا يعلمهم إلا الله، وربما لحكمة أخرى أرادها الله ولا يعلمها إلا هو جل في علاه، ومقاييس الله ليست كمقاييس خلقه!

ما حدث من زلزال فيه عبرة لمن يعتبر، فيه آيات لمن يتفكر، وفيه حث و تذكير  للعودة للايمان الفعلي بالله القادر على كل شي،  وفيه إجابة للمنبهرين بالتقدم العلمي والاختراعات القادرة على كل شيء في تصورهم، فأتت هذ الزلازل تؤكد قدرة الله وقدره، ولا يمكن لعلم أو تقدم فيه أن يفقهها أو يتحكم بها؛ وإن تنبأ بحدوثها وهي بقدر الله .

لذلك أنصح نفسي وكل المتابعين والمشاهدين لما يجري بأن نعيد التفكير مرة ومرات: بأن الله على كل شيء قدير، ونعيد التفكير والنظر في إيماننا، وندرك أننا أمام قدرة الله ضعفاء، فلنتواضع ولا نتكبر، ونكن عبادالله صالحين

المصدر / المصدر: فلسطين الآن