"لم نعد قادرين على شراء الدجاج، ومن قبل ذلك لا نشتري اللحوم لأنها أسعارها مرتفعة جدًا مقارنة بالدخل الشهري الذي أحصله، فماذا سنأكل؟ لماذا يصرون على حرماننا من أبسط المأكولات التي نحبها". يقول أحمد أبو عودة من إحدى قرى مدينة نابلس، وهو يقف أمام محل لذبح وبيع الدجاج في قريته.

يضيف "أنا موظف حكومي، ومعيل لأسرة كبيرة، وأتقاضى كغيري من الموظفين الحكوميين 80% فقط من الراتب، وصدقا لم أشترِ لحم الخاروف منذ سنوات دون مبالغة، فالكيلو يباع بـ 90 شيكلا، لذلك اعتمدنا على لحم الفقراء ألا وهو الدجاج، لكن الكيلو الجاهز يباع اليوم بـ 25 شيكلا.. حقيقة لا اعرف ماذا افعل؟".

وفي الوقت الذي اضطر فيه أبو عودة لدخول المحل وشراء دجاجتين اقترب وزنهما من 3 كيلوغرامات بمبلغ 75 شيكلا، فإن آخرين دعوا لمقاطعته كليا، في محاولة لإجبار كبار المزارعين والتجار على تخفيض سعره إلى الحد الذي يدفع ذوو الدخل المحدود إلى شرائه.

أخبار ذات صلة

مستوطنون يشقون طريقا استيطانية ويعتدون على المواطنين شرق بيت لحم

شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة

قد تتحول لظاهرةٍ

وتكاد تتحول أزمة ارتفاع أسعار الدجاج في الأسواق الفلسطينية، إلى ظاهرة، فلا تكاد تمر عدة أشهر إلا ويعاود الدجاج الارتفاع، دون حسيب أو رقيب من الجهات المختصة، مثل وزارتي الاقتصادي والزراعة، وفي ظل عدم قدرة جمعيات حماية المستهلك على متابعة كافة الشكاوى التي تصلها.

أمجد عليان، صاحب محل لبيع الدجاج اللاحم، قال لـ"فلسطين الآن" إنه لا يتحكم بالسعر، فهو في أخر السلسلة الانتاجية، ويضيف "هناك مربو الدواجن، وبعدها التاجر، ثم البائع.. وكل واحد منهم يضع السعر الذي يناسبه مع ضمان الربح، وأخيرا المستهلك، الذي يدفع مجموع كل تلك المبالغ".

وعبر عليان عن تفهمه لغضب المواطنين، "عندما ترتفع الأسعار يقل البيع. .فأنا متضرر، لكنني لست السبب.. المزارع يقول إن التكاليف عليه مرتفعة جدا، والتاجر يدعي أن عليه تكاليف النقل والضرائب، وأنا اريد أيضا أن أربح بالمعقول".

وتابع "هناك دعوات جدية هذه المرة لمقاطعة الدجاج، وهذا ليس في صالحنا كباعة، لذلك على الجهات المعنية التدخل العاجل لضبط الأسعار، وتحقيق العدالة للسلسلة الانتاجية".

أسعار الأعلاف

 وأرجع مربو الدواجن سبب الارتفاع إلى كونه مرتبط بارتفاع بأسعار الأعلاف، حيث وصل سعر طن العلف إلى 2200 شيقل (الدولار 3.5 شيكل)، بعد أن كان 1400 شيقل، اي بزيادة تبلغ 800 شيكل،

يقول المزارع بكر عبد الكريم لـ"فلسطين الآن" إن عملهم يعتمد على "دورات" الدجاج، فالدورة الواحدة تتراوح مدتها من 40 - 60 يوما، أو أكثر بقليل، حيث تبدأ من تفقيس الصيصان بعمر يوم واحد، وصولا إلى بيعه بأوزان من كيلو إلى 2 كيلو، حسب الطلب.

وأضاف "هناك نسبة نفوق كبيرة، بسبب الأمراض أولا والحالة الجوية ثانيا، وكذلك سعر العلف الذي قفز كالصاروخ صعودا".

وأشار إلى أن التكلفة تتضاعف بالشتاء بسبب تكاليف الكهرباء المستخدمة من التدفئة، فالمكيفات تعمل على مدار الساعة وبأقصى طاقتها، خاصة عند انخفاض الحرارة وحصول حالات الانجماد، لأن الدجاج بنيته ضعيفة ويتأثر بسرعة، وقد نخسر مزرعة بأكملها في حال لم تعمل التدفئة بالشكل المطلوب. 

أسباب الارتفاع

بدوره، قال الوكيل المساعد للقطاع الاقتصادي في وزارة الزراعة الفلسطينية طارق أبو لبن، إن سبب ارتفاع أسعار الدواجن في فلسطين هو انخفاض الكميات الموردة إلى السوق في الفترة الأخيرة، والذي يرجع إلى اجتياح بعض الأمراض في الدول الموردة لبيض التفريخ إلى فلسطين، وانتشار فايروسات قاتلة في مزارعنا.

وفي تصريح صحفي، أوضح نائب رئيس قطاع الدواجن في فلسطين سامر النتشة أن فيروس "نيوكاسل" اجتاح كل فلسطين بما فيها الضفة الغربية والداخل الفلسطيني وأدى إلى تلف ونفوق عدد كبير يقدر بـ 85% من الدواجن في المزارع، ما أدى إلى نقصها في السوق الفلسطيني.

وأكد أن التقديرات تشير إلى أنه من المتوقع أن تنتهي هذه الأزمة وتعود الأمور إلى نصابها وتتعافى قطعان الدواجن حتى 20 شباط/ فبراير 2023 الجاري، مضيفا بأن كميات الدواجن ستكون متوفرة بكميات جيدة خلال شهر رمضان.

وأضاف النتشة بأن سعر كيلو الدجاج من المزارع اليوم 12 ونصف شيقلا، وبعد أن يمر بمراحل عدة حتى وصوله للمستهلك يكون سعره أعلى من ذلك، قائلا: "هناك تفاوت في سعر كيلو الدجاج من محل لأخر في فلسطين، ويحدد صاحب المحل سعر كيلو الدجاج حسب طريقة عرضه وذبحه، وليست كل المحال تعمل بنفس الطريقة".