رأت محافل أمنية إسرائيلية، أن أعداد الشهداء والجرحى التي سُجلت في المجزرة الدموية لجيش الاحتلال بمدينة نابلس بمثابة تذكير بأيام انتفاضتي الحجارة والأقصى، وتظهر أن الاحتلال لا يواجه عددا قليلا من المقاومين، بل أمام انتفاضة شعبية فلسطينية متصاعدة.
آفي يسسخاروف، محرر الشئون الفلسطينية في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أن "الارتفاع المتزايد لأعداد الشهداء والمصابين الفلسطينيين، وآخرهم في نابلس، يؤكد أن الجمهور الفلسطيني ينضم أحيانًا بشكل جماعي في المواجهات مع قوات الاحتلال، لأنه بعد مرور ساعات قليلة فقط على مجزرة نابلس تم بالفعل تسجيل أولى المظاهرات في وسط رام الله وعلى حدود قطاع غزة.
وأضاف في مقال: "ربما لا نزال بعيدين عن أيلول/ سبتمبر 2000 أو كانون الأول/ ديسمبر 1987، حين خرج عشرات آلاف المتظاهرين في الشوارع، لكن المعدل الحالي للأحداث يؤكد أن الاتجاه الفلسطيني واضح، ومفاده أن التصعيد بالفعل بدأ هنا على الأرض".
وأشار إلى أن دليلا آخر على الوضع الصعب في الميدان هو الإعلان عن إضراب عام في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وتعطيل جميع المدارس الفلسطينية، أي أن عشرات آلاف المراهقين لن يذهبوا للمدرسة، وسيبحثون عن مكان للتنفيس عن إحباطهم بسبب الوضع الأمني والكراهية المتزايدة التي يشعرون بها تجاه الاحتلال، ما يؤكد أن مجزرة نابلس تزيد من حدة التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وسيكون لها ثمن، لأننا في الأيام المقبلة قد نشهد مظاهرات عنيفة وكذلك محاولات انتقامية".
ولفت إلى أن "الدعوات لمسيرات غضب في كل حي وشارع احتجاجا على اغتيال الشهداء في كل مكان ونقاط الاحتكاك مع الاحتلال، تُذكرنا بأيام بداية انتفاضة الأقصى عندما كانت النقابات والعمال من أوائل من قاد الآلاف، وبعدهم انضم مقاومون، وهذه تطورات متوقعة إلى حد ما، لكن السؤال الكبير الذي يبقى مفتوحا هو كيف ستتصرف حماس والجهاد في غزة، حيث قد ترغب أذرعهما العسكرية في مرحلة ما بتصوير نفسها على أنها من يقود الصراع في الضفة الغربية أيضاً، وليس فقط في القطاع، حيث تمتلك حماس حاليًا كمية من الصواريخ مماثلة لما امتلكته أيام حرب غزة 2021، وتواصل العمل على بناء القوة العسكرية".
وختم بالقول إنه "من الصعب تحديد المدة التي ستفضل حماس خلالها إبقاء غزة خارج المواجهة العسكرية المتدحرجة في الضفة الغربية، لأنه قد يكون قرارا استراتيجيا، لكن ليس مستحيلا؛ نظرا للعدد الكبير من الشهداء، أن يتم تشجيع حماس على الانخراط أكبر من اللازم".
يؤكد هذا التخوف الإسرائيلي أن مشاهد الأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأيام يعيد للاحتلال ما حصل عشية اندلاع الانتفاضتين 1987 و2000، حين بلغ العنف الإسرائيلي ذروته، ولم يجد الفلسطينيون أمامهم سوى الانتفاض على الاحتلال، وإطلاق انتفاضتين كلّفتا الاحتلال أثمانا بشرية واقتصادية وأمنية باهظة، وهو يخشى اليوم أن تتكرر الصورة، وتكون أشد قسوة عليه!