قال المحامي والناشط الحقوقي الإسرائيلي، إن على الولايات المتحدة تطبيق القوانين الدولي للإبادة الجماعية، وقوانينها على وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بيتسالئيل سموتريتش، بسبب سلسلة تصريحات حديثة وقديمة، دعا فيها إلى إبادة الفلسطينيين.
واستعرض الحقوقي إيتاي ماك، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي"، العديد من مواقف سموتريتش قبل وبعد تسلمه منصبا في حكومة الاحتلال، وقال إنه بناء على تحريضه، فإنه يدعم الإبادة الجماعية، وينكر بشكل تام حقوق الإنسان، والحقوق المدنية وفقا للقانون الدولي، ويجب أن تشمله العقوبات المنصوص عليها بالقانون الأمريكي وتجميد ممتلكاته ومحاسبته.
وفي ما يأتي النص الكامل للمقال:
في السادس والعشرين من فبراير/ شباط 2023، في حوارة، في الضفة الغربية المحتلة، أشعل مئات الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين النار في عشرات المنازل والحظائر والمحلات والسيارات. قتل فلسطيني واحد وجرح ما يقرب من أربعمائة شخص في المقتلة، واضطر بعض السكان إلى الفرار من منازلهم تجنباً للاحتراق حتى الموت.
في نفس اليوم، أعجب وزير المالية الإسرائيلي، بيتسالئيل سموتريتش، بتغريدة لنائب رئيس مجلس المستوطنين في سماريا، دافيدي بن زيون، يقول فيها: "ينبغي أن تمسح قرية حوارة من الوجود اليوم.... يكفينا كلاماً عن بناء وتعزيز الاستيطان، يجب أن يحصل الردع مباشرة، ولا مجال للرحمة".
بعد ثلاثة أيام، في الأول من مارس، سئل سموتريتش في مقابلة عن سبب إعجابه بالتغريدة، فأجاب: "تحتاج قرية حوارة لأن تمسح من الوجود. أعتقد أن دولة إسرائيل تحتاج لأن تفعل ذلك – لا أن يقوم بذلك، لا سمح الله، أشخاص بصفة فردية".
رداً على ذلك، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: "أريد أن أكون في غاية الوضوح بهذا الشأن. كانت هذه التصريحات غير مسؤولة، وكانت كريهة ومقززة. وكما أننا نندد بالتحريض الفلسطيني على العنف، فإننا نندد بهذه التصريحات المستفزة والتي ترقى إلى التحريض على العنف".
يستحيل تفسير تصريحات سموتريتش الأخيرة إلا باعتبارها تحريضاً على الاستمرار في ارتكاب المجازر في حوارة وفي القرى والبلدات الفلسطينية الأخرى.
لم يكن ذلك مجرد إشارة "مقززة" لما تم فعله في حوارة أو مجرد "تصريح مستفز".
الاحتمالات الثلاثة لدى سموتريتش
على مدى ثلاث سنين، يمكن برأيي فهم تصريحات سموتريتش فقط باعتبارها تحريضاً علنياً ومباشراً على ارتكاب العنف ضد الشعب الفلسطيني. يقول خبراء القانون الإسرائيليون إن مثل هذه التصريحات تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وفي نفس الوقت "تحفز الآخرين على ارتكاب جرائم الحرب".
في مايو/ أيار من عام 2017، وحينها كان قد أصبح عضواً في الكنيست –أو البرلمان الإسرائيلي – شرح سموتريتش أمام مؤتمر للصهاينة الدينيين خطته الرسمية بخصوص الشعب الفلسطيني، معتبراً أن أمامهم ثلاثة احتمالات للاختيار من بينها. فإما أن يغادروا المناطق المحتلة، أو أن يستمروا في العيش حيث هم ولكن كمواطنين من الدرجة الثانية أو أن يستمروا في المقاومة، وفي هذه الحالة فسوف تعرف قوات الدفاع الإسرائيلية ماذا عليها أن تفعل".
وعندما سئل عن ما إذا كان ينوي أيضاً قتل النساء والأطفال، أجاب سموتريتش: "في الحرب كما في الحرب".
وكما كتب البروفيسور دانيال بلاتمان، المؤرخ البارع المتخصص في المحرقة وفي الإبادة الجماعية في الجامعة العبرية بالقدس، فإن هذه الخطة تضع دونما خجل على الطاولة خيار الإبادة الجماعية، فيما لم يوافق الفلسطينيون على المغادرة أو العيش في ظل نظام فصل عنصري (أبارتايد).
في مقابلة مع هآرتس نشرت في الأول من ديسمبر/ كانون الأول من عام 2016، سئل سموتريتش: "وماذا عن أولئك الذين لا يذهبون ولا يقبلون بسيادتكم عليهم – وأظن أن هذا هو حال معظم الفلسطينيين؟".
أجاب: "أولئك الذين لن يذهبوا، إما أنهم يقبلون بسيادة الدولة اليهودية، وفي تلك الحالة بإمكانهم أن يبقوا، أو أنه بالنسبة لمن لا يقبلون، فسوف نقاتلهم ونهزمهم".
وعندما سئل "كيف؟ كن واضحاً" أجاب سموتريتش: "بالجيش، بالأسلحة. ماذا تقصد كيف؟ هذا ما فعلناه في 1948 – قاتلنا وانتصرنا. سوف نقاتل، ولن نقاتل وأيدينا مكتوفة، كما هي الآن، كما أنه ينبغي لقوات الدفاع الإسرائيلية أن تقاتل، ولكن في الحقيقة فقط تستمر في السماح للمحرك، للوقود، الذي يولد الإرهاب، بالدوران".
أنتم هنا بالخطأ
في السادس من سبتمبر/ أيلول 2017، نشر سموتريتش في مجلة هاشيلوش خطته للتعامل مع الشعب الفلسطيني. فقال شارحاً: "من المحتمل بالطبع ألا يتبنى الجميع هذين الخيارين، وسوف يكون هناك من يصر على الخيار الثالث – أي الاستمرار في استخدام العنف ضد قوات الدفاع الإسرائيلية، وضد دولة إسرائيل، وضد السكان اليهود. سوف يتم التعامل مع مثل هؤلاء الإرهابيين بحزم من قبل قوات الأمن، وبشدة أكبر بكثير مما نفعله اليوم، وبشروط أكثر خدمة لمصالحنا نحن".
في الثالث عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قال سموتريتش في كلام موجه لأعضاء الكنيست الفلسطينيين: "أنتم هنا بالخطأ لأن بن غوريون لم يتم المهمة في 1948 ولم يرم بكم خارجا".
وفي الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بعد أن قال عضو الكنيست أحمد الطيبي إن سموتريتش تفوه بتصريحات نازية جديدة ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين، رد سموتريتش قائلاً: "الناس من أمثاله لا مكان لهم في البلد".
وفي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021، أعاد سموتريتش تغريد تغريدة حول رفض عائلات فلسطينية تسكن حي الشيخ جراح مقترح تسوية تقدمت به المحكمة العليا يقضي بأن يقبلوا هم بملكية المستوطنين لبيوتهم مقابل أن يتمكنوا من البقاء فيها لبضع سنوات أخرى.
ثم غرد نصاً مقتبساً من سفر يوشع: "لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ يُشَدِّدَ قُلُوبَهُمْ حَتَّى يُلاَقُوا إِسْرَائِيلَ لِلْمُحَارَبَةِ فَيُحَرَّمُوا، فَلاَ تَكُونُ عَلَيْهِمْ رَأْفَةٌ، بَلْ يُبَادُونَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى".
لا يحتاج إلى تفسير قرار سموتريتش الربط بين سكان الشيخ جراح من الفلسطينيين وما جاء في هذه العبارة التوراتية التي تدعو إلى إبادة الأعداء.
وكما بين بلاتمان في مقالته، فإنه يعتمد سموتريتش على سفر يوشع التوراتي كنموذج يحتذى. وطبقاً لما يقوله بلاتمان، فإن الباحثين المتخصصين في الإبادات الجماعية في العالم القديم خلصوا إلى أن سفر يوشع وثيقة مهمة للتعرف على خصائص الإبادات الجماعية.
مجرد انتقام
في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول من عام 2015، حاول سموترتيش التقليل من فظاعة حادثة عنف وقعت في قرية دوما في الضفة الغربية، حينما مات ثلاثة أفراد من عائلة فلسطينية حرقاً، بما في ذلك رضيع يبلغ من العمر 18 شهراً، بعد أن أشعل إسرائيليون يمينيون متطرفون النار في منزلهم.
زعم سموتريتش أن حادثة دوما لا ينبغي أن تصنف عملاً إرهابياً.
وقال في تصريح له: "أسعى لإنكار أي شيء وكل شيء في هذه المسألة. الإرهاب ما هو سوى العنف الذي يرتكبه عدو كجزء من الحرب ضدنا وهذا وحده يستحق اتخاذ إجراءات صارمة. كل شيء آخر جريمة خطيرة، جريمة بشعة، جريمة قومية، ولكن ليس إرهاباً".
في الخامس من مايو/ أيار، في تصريح بمناسبة يوم ذكرى المحرقة، برر سموتريتش (في تدوينة على صفحته في الفيسبوك) جريمة قتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير باعتبارها جزءاً من "مجرد انتقام"، وقال إن الإرهابيين اليهود لا يتصرفون انطلاقاً من العنصرية وإنما من "الفراغ" الذي خلفته الدولة التي لا تمارس الانتقام "بطرق مشروعة".
وكما هو حال جميع التعليقات السابقة، فإنه لا يمكن فهم تصريحات سموتريتش في الأسبوع الماضي حول المقتلة في حوارة إلا باعتبارها تحريضاً علنياً ومباشراً على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
طبقاً للمادة 3 (ج) من المعاهدة الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وبحسب الأحكام الصادرة عن المحاكمات الجنائية الدولية الخاصة برواندا ويوغسلافيا السابقة، من حيث العنصر الذهني اللازم لجريمة "التحريض" على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية، فإنه يجب أن يكون المحرض قاصداً متعمداً، بمعنى آخر، يجب أن تتوفر النية للتحريض أو التسبب في ارتكاب الجريمة، أو على الأقل إدراك احتمالية أن يكون ارتكاب الجريمة ناجماً عن أفعاله.
تلزم المعاهدة الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (المادة 1)، بما في ذلك سن التشريعات ذات الصلة وإنزال العقوبة بمرتكبي الجريمة، "سواء كانوا حكاماً يتحملون المسؤولية دستورياً أو مسؤولين حكوميين أو أشخاصاً بصفتهم الفردية (المادة 4).