نشر معهد واشنطن تحليلا للباحث نداف بولاك، قال فيه إن على "إسرائيل" التحرك بسرعة على جبهات متعددة لتُظهِر لحزب الله اللبناني، أنها لن تتحاشى التصعيد، خاصة إذا استمر التنظيم في اختبارها.
ورأى أن العملية الأخيرة في بلدة مجدو داخل الأراضي المحتلة، كشفت عن أمرين، أولهما أنه تم تجنب هجوم أكبر بكثير، والثاني يتعلق باحتمالية أن يكون حزب الله على علم بما سيحدث وربما وافق على العملية، إن لم يكن هو مَن نَفذها.
وأكد أن احتمالية ضلوع حزب الله بالعملية، يشير إلى استعداد قادة الحزب للمجازفة والتوجه نحو تصعيد حقيقي مع "إسرائيل"، إذ يشكّل الهجوم دليلاً واضحاً آخر على أن "حزب الله" قد غيّر قواعد اللعبة.
وأضاف: "لذلك يتعيّن على صانعي القرار الإسرائيليين أن يوضحوا من جديد خطوطهم الحمراء، وبالقوة إذا لزم الأمر".
ورجح التحليل أن يكون "حزب الله" ظّن أن الوقت أصبح مناسباً الآن لتحريك الأهداف وإثارة التحدي على الجبهة الأمنية، خاصة أن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، يراقب السياسة الإسرائيلية عن كثب ويجيد تحليلها.
وعلى الجانب الإسرائيلي، كان الحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية أولوية قصوى لـ"إسرائيل" في السنوات الأخيرة. فلم يكن المسؤولون يريدون اندلاع حرب مع "حزب الله"، ولذلك حدّوا كثيراً من أنشطة جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، لا سيما تلك التي تستهدف الحزب.
وحتى عندما أظهر الحزب أنه على استعداد لاختبار الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وعلى الأخص في شهر تموز/يوليو الماضي عندما أرسل طائرات بدون طيار نحو حقل غاز كاريش، وهو موقع مهم استراتيجياً، أسقطت "إسرائيل" الطائرة لكنها لم تتخذ خطوات أخرى قد تؤدي إلى تصعيد الموقف.
ورأى التحليل أنه لا يمكن للاحتلال الاكتفاء بتوجيه أصابع الاتهام وإصدار تصريحات قاسية، معتبرا أنه يجب الردّ على محاولة "حزب الله" الواضحة لاختبار أو تغيير الخطوط الحمراء لدى الاحتلال في نقطة حدودية خطرة.
وإذا كان نصر الله قد أساء الحكم على "إسرائيل"، فعلى الاحتلال توضيح ذلك من خلال رفع السرية عن أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخباراتية من دون تعريض المصادر الحساسة للخطر، ونشر جميع الأدلة المتعلقة بتورط "حزب الله" في الهجوم وتحديد جميع الأفراد الذين شاركوا في تخطيطه وتنفيذه.
وهذا من شأنه أن يُفهم هؤلاء الأفراد على أقل تقدير، بأنهم تحت مراقبة "إسرائيل" وقد يتعرضون للهجوم في أول فرصة ممكنة، بغض النظر عن انتماءاتهم.
واعتبر أنه يجب التواصل مع أي محاوِر محتمل مع "حزب الله"، لإيصال رسالة مفادها أن المزيد من المحاولات لتغيير قواعد اللعبة غير مقبولة وستواجَه بقوة ساحقة. كما يجب إيصال هذه الرسالة إلى الحكومة اللبنانية، لأن رد جيش الاحتلال على الهجمات المستمرة ضد "إسرائيل" سيلحق ضرراً بالدولة اللبنانية، وليس بحزب الله فقط.
ورأى أن الخطوة الأهم بالنسبة للاحتلال هي الاستعداد للتصعيد، لأن أيام الحفاظ على الهدوء في الشمال قد انقضت، لا سيما وأن حزب الله لم يعد يؤمن بأن "إسرائيل" مستعدة للرد بقوة.
وأشار إلى أن آخر مرة ظنّ فيها حزب الله أن "إسرائيل" ضعيفة كانت في عام 2006، وبالتالي أدت عملياته العابرة للحدود إلى حرب تسببت بدمار تركز معظمه في لبنان. لذلك إذا حاول "حزب الله" تحدي إسرائيل مجدداً، يجب أن تكون "إسرائيل" مستعدة لاتخاذ إجراءات قوية مثل استهداف قادة الحزب ومقره في لبنان، حتى وإن كان ذلك يخاطر بتبادل إطلاق نار مكثف أو حرب.
ووفق التحليل فإنه يجب أن تشمل الاستعدادات ذات الصلة لهذا الخيار زيادة المراقبة على مسؤولي حزب الله بشكل علني وسري، وربما حتى نقل بعض الوحدات العسكرية إلى الشمال.
وعلى حزب الله أن يعرف أن "إسرائيل" لم تعد تتهرب من القتال، لأن هذه قد تكون الطريقة الوحيدة لإجبار الحزب على العودة إلى قواعد اللعبة القديمة والمقبولة والابتعاد عن شفير حرب لا يبدو أنه يريدها أيضاً.