ما زالت المظاهرات والاحتجاجات الإسرائيلية تتواصل للشهر الرابع على التوالي ضد خطة الانقلاب القضائي الذي تنفذه حكومة اليمين، وسط دعوات لتصعيدها.
وتنطلق المعارضة من فرضية أساسية مفادها أنه لا مجال للتسوية مع الحكومة الحالية؛ لأن أي حل وسط يعني أن يتواصل التدهور الكبير في الوضع الإسرائيلي، مما يؤكد أن المحادثات الجارية ليس لها حق في الوجود؛ لأن المسألة ليست بين اليسار واليمين والوسط، بل هو تعامل مع القضايا الوجودية، والتوقف على صورة الدولة؛ لأن الوثيقة التأسيسية للدولة يتم انتهاكها بشكل صارخ.
يوفال ديسكين الرئيس السابق لجهاز الأمن العام- الشاباك، أكد في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "الحكومة الحالية مكونة من تركيبة عنصرية من أنصار التفوق اليهودي، والعنصريين، والمجرمين السابقين، ودعاة الأكاذيب، بجانب 18 تفويضا للأرثوذكس المتشددين الذين يتهربون من التجنيد الإجباري، بحيث لم يكن ذكرى تأسيس دولة الاحتلال عطلة لهم، أي إننا أمام حكومة غير شرعية شكّلها المتهم بارتكاب جرائم بنيامين نتنياهو، وكلها تتعلق بتضارب المصالح، وتشرح كل يوم لناخبيها أنهم إسرائيليون من الدرجة الثانية".
وأضاف، أن "العديد من الحكومات اليمينية التي حكمت لما يقرب من أربعين عاما منذ عام 1977، كانت فاشلة ومحرضة على الكراهية ومثيرة للانقسام، حتى وصلنا هذه الأيام إلى شفا حرب بين الأشقاء، فيما وزراؤها وعلى رأسهم رئيسها متمسكون بتجميع الأموال، ومعنيون بالأمن الشخصي والعائلي، في حين أن القلق على أمن الإسرائيلي لا يلاقي إلا الإهمال كل يوم تقريبا، سواء بالصواريخ المنطلقة من غزة، أو إضعاف القضاء".
وأشار إلى أن "الحكومة اليمينية دأبت منذ إنشائها على تدهور الأمن القومي بوتيرة سريعة للغاية، فيما أعداؤنا يتحدّوننا أكثر من الجنوب والشرق والشمال، والأسوأ أن الحكومة تتصرف بطريقة غير شرعية لتغيير جوهر الدولة، وإجراء ترتيب جديد في أولوياتها ليطغى على أجندتها أولا وقبل كل شيء حلّ مشاكل نتنياهو القانونية الخطيرة، وثانيها هيمنة السلطة التنفيذية على القضائية والتشريعية، وثالثها تحقيق حلم المتدينين بسن قانون تهرب من الخدمة العسكرية لصالح التفرغ لدراسة التوراة، على حساب جيوب الإسرائيليين ودمائهم".
وأوضح أن "الأولوية الرابعة لهذه الحكومة اليمينية، تتمثل في تحقيق رؤية بتسلئيل سموتريتش لجعل الدولة ثنائية القومية حقيقة لا رجعة فيها، مما يضر برؤية الدولة اليهودية لأن باقي الإسرائيليين من غير المتدينين سيصبحون أقلية فيها. أما الأولوية الخامسة فهي وضع الهوية اليهودية في أيدي الكاهانيين والعنصريين والمتطرفين، من خلال التدخل بتشكيل لجنة اختيار القضاة، وإلغاء المراجعة القضائية للمحكمة العليا، وفتح الباب أمام سن عشرات القوانين التي ستغير وجه الدولة بشكل كبير".
وأكد أن "إسرائيل ستكون أكثر الخاسرين إذا حقق التحالف اليميني مخططاته الفاشية؛ لأنه سيتم إنشاء دولة ثنائية القومية بحكم الواقع أو فصل عنصري، بدون محكمة عليا تحظى بالاحترام في العالم، وستكون هذه دولة لا يتحمل فيها 50٪ العبء الأمني والضريبي بالتساوي، بلد تسود فيه المحاكم الحاخامية دون إشراف عليها، ومستوى الحكم فيها سيئ للغاية، ومعاملة النساء فيها تمييزية، مما يؤكد أننا سنصبح قريبا في دولة شريعة يهودية، ذات اقتصاد محطّم، قد لا يكون قادرا على دعم نظام أمني".
تكشف هذه المخاوف الإسرائيلية، أنه إذا استمر التحالف اليميني في محاولة تمرير خطته القانونية بالقوة، فقد ستعين على المعارضة تقوية قتالها ضد الحكومة، من خلال تصعيد التظاهرات إلى حدّ التسبب بشلل جزئي للدولة لبضعة أيام، وبوتيرة متصاعدة، والاستمرار بالتظاهر أمام كل أعضاء الكنيست المتأرجحين من الليكود الخائفين من بلطجية قادتهم.
أكثر من ذلك، فإن المعارضة قد تتجه في فترة مقبلة لرفض الخدمة في الاحتياطيات العسكرية، للردّ على تحكم أغلبية مستبدة ممثلة بحكومة غير شرعية، وتؤسس دولة ثنائية القومية، وتضع عبء هذه الأخطاء على باقي الإسرائيليين، مما سيسفر عن ضعف موقف نتنياهو وخسارته، وممارسة ضغوط لا هوادة فيها على المعارضة، لتأكيد عدم التنازل عن مواقفها المبدئية ضد الحكومة.