انتهت جولة ثأر الأحرار، التي كانت ردًا على عدوان الاحتلال الصهيوني عندما أقدم فجر الثلاثاء الماضى، على جريمة أسفرت عن استشهاد ثلاثة عشر شهيدًا، بينهم سبعة أطفال، خلال الأيام الخمسة الماضية.
واشتدت المواجهة بين الاحتلال الغاشم والمقاومة الباسلة، التي أبلت المقاةومة بلاءً حسنًا فاق التوقع، وظهرت وحدة الموقف الفلسطيني خلف غرفة العمليات المشتركة، التي أثبتت أنها عنوان لهذه المعركة، أدارتها بحكمة عالية ومسؤولية كبيرة، سواء في صمتها البناء بعد جريمة الاغتيال، وصبرها الساعات الطوال، الذي أوقف الاحتلال على قدم ونصف، وشل حياة المستوطنين، وأخلى مستوطنات الغلاف على بعد أربعين كيلو مترًا عن القطاع، وبات وكأنه يقول للمقاومة: هيا اضربي، ولكن صبر المقاومة كان أقوى وأعظم، ومن ثم خرجت غرفة العمليات ببيانها الأول، الذي أعلنت فيه بدء العملية التي سمتها " ثأر الأحرار"، والتي أوجعت المحتل وأفشلت مخططاته، وفرضت عليه منعًا للتجوال، وحولت مدنه في محيط غزة، حتى قلب الكيان، إلى مدن أشباح، خاليه من السكان فمايزيد عن مليون صهيوني كانوا في الملاجئ خشية صواريخ المقاومة.
الجولة انتهت، نعم، ولكن المعركة مع الاحتلال لازالت مستمرة ولم تتوقف، وستستمر حتى كنس الأرض من الاحتلال، ولكن السؤال متى ستكون الجول القادمة؟ هل ستكون شرارتها يوم الخميس القادم الموافق لـ 18 مايو 2023، في يوم ما يُسمى توحيد القدس؟ مع ما يخطط له الاحتلال من تنفيذ مسيرة الأعلام، والدخول إلى قلب القدس؟ صحيح أن نتنياهو حاول بجريمته أن يشغل المقاومة في الأيام الخمسة الماضية، ظنًا منه أن المعركة ستستمر يوماً أو يومين ثم يمضي بما يخطط له من تنفيذ مسيرة الأعلام، على الرغم من الرسائل التي أرسلتها المقاومة عبر الوسطاء للمحتل، أن ما يفكر به سيكون صاعقًا لمواجهة أكبر وأوسع وأعنف، وليس بالضرورة أن يكون من غزة، فالضفة وشبابها ومقاوميها سيكونون في المرصاد للمحتل، وغزة لن تكون بعيدة عن المشهد.
الاحتلال يلعب بالنار، ولو حاول تنفيذ مسيرة الأعلام وفق ما يخطط له، أعتقد أن الأمور ستنقلب رأسا على عقب، وأن الشعب الفلسطيني ومقاومته لن يقفا مكتوفي الأيدي، وسيرى الاحتلال ما لم يتوقعه، وسيكون الأمر أصعب من الأيام الخمسة التي مضت، ولن يسمح الشعب الفلسطيني والذي أكد خلال جولة " ثأر الأحرار" وحدته والتفافه حول المقاومة، بتنفيذ مخططات الاحتلال، فالأمر لن يكون سهلاً، وعلى الاحتلال أن يأخذ العبرة ويعلم أن جرائمه لن تزيد المقاومة إلا قوة وصلابة .
الأيام القادمة ستكون حذرة ومتوترة، وتشير إلى أن هناك موجة تصعيد أكبر مما كانت عليه، لو قام الاحتلال بمسيرة الأعلام، لأن القدس هي عنوان المواجهة القادمة التي حاول الاحتلال التهرب منها، ولكنه فشل، ولن تكون المواجهة فقط عند غزة، بل سنشهد وحدة الساحات بشكل أكبر، كما شاهدنا وحدة المقاومة في معركة "ثأر الأحرار"، وربما نشهد وحدة جبهات، ولن يقتصر الأمر على الفلسطينيين وحدهم، بل سيشمل الإقليم وما بعد الإقليم، لذا على الاحتلال أن لا يستعجل الأمر، وعليه الكف عن جرائمه بحق القدس والأقصى والشعب الفلسطيني.