استشهاد الصبي محمد الزعارير على يد الصهاينة لمجرد الشبهة، مؤشر على حجم الحقد الذي يعبئ صدور الصهاينة على الفلسطيني، إن كان طفلاً أو كان عجوزاً؟ وإن كان رجلاً أو كانت امرأة؟ حقد توارثه الصهاينة من الكتب الخرافية، التي لا ترى بالآخر إلا عدواً، ولا ترى طعماً للحياة طالما كان الآخر على قيد الحياة.
استشهاد الصبي محمد الزعارير ليست النهاية لحياة الفلسطيني، وإنما هي البداية لمشوار طويل من المواجهات، والتصدي للعدوان، فالعدو الذي يطلق النار على الفلسطينيين، ويقتل بمتعة وتلذذ، ويجاهر بالقتل، ويتفاخر بلسان الوزير الإرهابي بن غفير بكمية السلاح المتواجد في يد الصهاينة، وبالأوامر الصريحة التي تحرّض اليهودي على قتل العربي لمجرد الشبهة، ودون محاسبة أو مساءلة، هذا الفجور في الإرهاب يوقظ غريزة الانتقام لدى الشعب الفلسطيني، ويعزز لديه التكاتف واللحمة، ليصير الانتماء للوطن، واللحاق بالتنظيمات هو الرد الطبيعي على العدوان.
الممارسات الإسرائيلية بحق الإنسان والأرض الفلسطينية تؤكد أن المرحلة القادمة مرحلة تصعيد ومواجهات كبرى، وهذا التصعيد ليس رغبة فلسطينية بمقدار ما هو ردة فعل على الممارسات الإسرائيلية، ومخطئ من يظن أنه قادر على تهدئة الأوضاع الفلسطينية، والسيطرة على انفعالات الشباب الفلسطيني، واحتواء الحالة الثورية، التي تعم أرجاء الضفة الغربية، وذلك لأن ما يجري على الأرض له شقين، شق يتعلق بالفلسطيني المقاوم، وشق آخر يتعلق بالإسرائيلي الذي قرر حسم الصراع، وقرر أن ينهي القضية الفلسطينية، وفق أطماعه وعدوانه.
لقد نصت المادة 118، والمادة 127 من اتفاقية الائتلاف الموقعة بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية على أن تعمل الحكومة الحالية على:
1ـ تطبيق ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على أرض الضفة الغربية.
2ـ تحديد طرق مختلفة لتدعيم وتوسيع وتمكين المشروع الاستيطاني.
3ـ كما نصت المادة 119 من اتفاقية الائتلاف على أن تقوم الحكومة، وفي غضون 60 يومًا بتنظيم المستوطنات الشابة؛ وهي البؤر الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت دون موافقة الحكومات السابقة، وهذا ما تحقق في شباط 2023، حيث نظمت الحكومة تسع تجمعات استيطانية في الضفة الغربية.
رجال الضفة الغربية أمام معركة الحسم لن يقفوا موقف المتفرج، ولا موقف المهادن، ولا موقف المهان المساوم على المستقبل، الضفة الغربية مجبرة بشبابها وشيوخها ونسائها وصباياها أن تدافع عن نفسها، وأن تخوض معركتها، وأن تفرض نفسها ندًّا في كل القرى والمدن والمخيمات، وما نشاهده من عمليات بطولية، وما نسمع عن استعداد الشباب في الضفة الغربية للمواجهة، مع حرصهم على اللحاق بالتنظيمات المقاومة، ما هو إلا استجابة فطرية لقانون حب البقاء، والحفاظ على الذات من الموت والانقراض.
ضمن هذه المعادلة، فليس إنساناً من لا يفكر في مقاومة المحتلين، وبكل ما ملكت يمينه، وليس طبيعيًّا بفكره وسلوكه من لا تحدثه نفسه بالدفاع عن الوطن، وخارج عن المألوف، ومعادٍ للحياة، كل مستكين، يتوسل من عدوه الصفح، ويرتضي لوطنه الذبح.