تتزايد التحذيرات الإسرائيلية من التطورات المحتملة على الأحداث الحدودية مع لبنان، وسط قلق من تصعيد محتمل، مع شعور بأن حزب الله في حالة تقوّي، واعتقاده أن دولة الاحتلال في حالة ضعف حقيقي، ما قد يستدعي منها إعادة لإدارة المخاطر الماثلة أمامها؛ ردًّا على أزمات الحدود الأخيرة المتصاعدة.
تتهم أوساط إسرائيلية الحكومة الحالية، المنشغلة بمشاكلها الداخلية، بأنها فوّتت العديد من الفرص للرد على الحزب، ما منحه مزيدًا من الثقة بنفسه، وبذلك ساهمت في زيادة جرأته عند الحدود عبر أكثر من حادثة، وهو ما يتضح من خطاب متحدثيه الإعلاميين والسياسيين، ومن أعماله على الأرض، حيث أطلق في الأسابيع الأخيرة عدة بالونات اختبار، ومع الوقت تحولت إلى نماذج محرجة تثبت أنه نجح بالفعل في ردع الاحتلال لفترة طويلة، دون أن ينفي عمليًّا أن لديه ذات الردع، عقب تهديدات الاحتلال الأخيرة بإعادة لبنان إلى العصر الحجري.
الانتقادات الإسرائيلية لأداء الحكومة والجيش المتردد في الجبهة الشمالية، وقبلها الجبهة الجنوبية، أنه في سنوات وعقود سابقة تمكن الاحتلال حين حاز إمكانيات وقدرات متواضعة من التعامل مع تهديدات الدول المجاورة والمنظمات الفلسطينية المسلحة، أما اليوم، وفي حين تتجه دولة الاحتلال لتصبح أكثر قوة وغنى وحماية خلف أسوار متطورة، وجدران خرسانية، وفجوة قوة هائلة لصالحها، وثمن باهظ قد يدفعه الحزب في حالة التصعيد، لكنها رغم كل ذلك لا يبدو أن لديها تفكيرًا إستراتيجيًّا ناجحًا تجاه هذا التهديد.
عديدة هي الأسئلة الإسرائيلية المطروحة عن عدم تدفيع الحزب أثمانًا عما قام به في الأسابيع الماضية من "تحرّشات" متلاحقة بالاحتلال، وكأن لديه تقدير موقف أقرب للمعلومة منه للتحليل، مفاده أن الأخير لديه من الأجندات الداخلية ما يجعله يتخذ قرارًا بتأجيل تصفية الحساب مع الحزب إلى إشعار آخر، وإلى أن يأتي هذا الإشعار يرى الحزب أن لديه هامشًا من الوقت يدفعه لاستغلاله من خلال مزيد من استنزاف الاحتلال.
بين الصمت المطبق الذي تبديه دولة الاحتلال تجاه تحركات الحزب، والردّ العسكري الصريح الذي قد يستجلب معركة مفتوحة لا يرغب بها أحد، فقد تحرك الوسطاء الإقليميون والدوليون لكبح جماح هذا التوتر المتصاعد، ريثما يكون الاحتلال في حالة من الجاهزية للردّ المباشر والحادّ، وبأثر رجعي، ضد الحزب.
ليس هناك من ضمانات بأن يتبع الاحتلال هذه السياسة المسماة "السير على حافة الهاوية"، ولا سيما في ظل خطر التصعيد الماثل مع الحزب، ومع تحذيرات الطرفين لبعضهما من ارتكاب أي "أخطاء أو حماقات"، وحينها قد يقع أحدهما أو كلاهما في سوء التقدير الذي كان كفيلًا في ذهابهما نحو العديد من المواجهات السابقة، وقد جبت منهما أثمانًا باهظة، لا يريدان العودة إليها مجددًا.