تحشد جماعات المستوطنين المتطرفة لتصعيد عدوانها السنوي الأعتى على المسجد الأقصى المبارك واقتحامه بأعداد كبيرة وطقوس تلمودية خلال الأعياد اليهودية بعد أسبوعين، والتي تمتد لمدة 22 يومًا بين السبت 16-9-2023 وحتى السبت 7-10-2023، وسط دعوات للاستعداد للمواجهة والتصدي.
وقال الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص إن هذا الموسم تتخذه جماعات الهيكل المتطرفة منصة لتصعيد عدوانها على الأقصى في كل عام نحو أعلى ذروة له، داعيًا إلى الاستعداد والتحضير لمواجهته والتصدي له.
وأوضح ابحيص أن هذا الموسم يشكل موسم الأعياد التوراتية الأطول، حيث يبدأ بما يسمى "رأس السنة العبرية"، متبوعاً بـ"أيام التوبة العشر" التي تتكثف الاقتحامات فيها، يليها ما يسمى "عيد الغفران العبري" وهو اليوم الأهم والأكثر قداسة توراتياً، ثم بعده بأسبوع يأتي "عيد العرش" التوراتي" الممتد على ثمانية أيام وهو أحد أعياد الحج التوراتية الثلاث التي ترتبط بالهيكل المزعوم.
وأضاف أن موسم الأعياد لطالما شكل الموسم الأعتى والأكثر شراسة وخطورة على هوية المسجد الأقصى المبارك، حيث وقعت فيه مجزرة الأقصى 1990، وهبة النفق 1996، وانتفاضة الأقصى 2000، وهبة السكاكين 2015، ما يجعل هذه الأعياد الموسم الأكثر تفجراً على مدى تاريخ الصراع.
وتابع: "هذه الأعياد تأتي هذا العام في سياق ذروة صعود تيار الصهيونية الدينية المستحوذ على نصف حقائب حكومة نتنياهو الحالية، وجماعات الهيكل التي هي واجهة هذا التيار في العدوان على المسجد الأقصى المبارك، ما يجعلها مدفوعة بكل السبل لفرض مفاعيل هذا النفوذ غير المسبوق في المسجد".
ولفت إلى أن هذا العدوان وسائر الاعتداءات منذ عام 2019 تركز على التأسيس المعنوي للهيكل عبر فرض الطقوس التوراتية، باعتباره الهدف المرحلي الأكثر نشاطاً في هذه الفترة، مع عودة السعي النشط لفرض تقدم في التقسيم الزماني والمكاني، وهو ما يعني محاولة تحويل الأقصى من مقدس إسلامي خالص إلى مقدس مشترك، وهذا العنوان العام لما يمكن أن نشهده من عدوان في الأقصى خلال هذا الموسم.
واعتبر أن هناك مقدمات وسوابق بالفعل تشجعهم على المضي قدماً، أولها نجاح شرطة الاحتلال في ضرب عزلة كاملة على الساحة الشرقية للأقصى خلال الاقتحامات، ونجاح جماعات الهيكل في نفخ البوق في الأقصى وتقديم القرابين النباتية فيه على مدى عامين ماضيين في 2021 و2022.
وبين أن الهدف الأساس في "رأس السنة العبرية" سيكون نفخ البوق في المسجد الأقصى وفي جواره مراراً، لإعلان أن الزمان العبري يبدأ منه باعتباره الهيكل المزعوم، كما سيتم اقتحام الأقصى بالثياب البيضاء في "أيام التوبة العشر" لتكريس حضور الثياب التوراتية في الأقصى، وسيكون الهدف في "عيد الغفران التوراتي" محاكاة القربان وتسجيل رقم قياسي للمقتحمين، وسيحاول المستوطنون إدخال القرابين النباتية إلى الأقصى في "عيد العرش التوراتي" ورفع أعداد المقتحمين إلى ما يقارب أو يتجاوز 1500 مقتحمٍ يومياً على مدى عدة أيام متتالية.
وأكد الباحث المقدسي على ضرورة توجيه كل الأنظار إلى هذا العدوان، والاستعداد لمواجهته وصده بكل الأدوات الممكنة.
وأردف: "على مدى سبع محطات ممتدة لعشر سنوات راكمت معركة الأقصى في مسيرتها المتجددة ما بين 2013-2023 خمسة عناصر قوة هي: الإرادة الشعبية بالاعتكاف والرباط والاعتصام والتظاهر، والعـمليات ذات الدافع الفردي، والتفاعل الخارجي عبر الحدود والحراك الشعبي في العالم الإسلامي، وانخراط المقـاومة المسلحة في قطاع غزة في الوقت والطريقة التي تراها مناسبة، وتنضم إليها اليوم المـقاومة العلنية المسلحة الآخذة بفرض نفسها في بؤر محددة في الضفة الغربية".
ولفت إلى ضرورة "استحضار هذه العناصر والدفع بكل سبيل ممكن نحو استعادة فاعليتها، والسعي إلى إضافة عناصر جديدة لها؛ فمعركة الأقصى باتت بلا شك اليوم أكثر إلحاحاً وتحدياً من أي وقتٍ مضى".