يسهم الشباب الثائر في قطاع غزة بصور متعددة في التضامن مع القضايا الوطنية الكبرى، وفي المقدمة من ذلك قضيتا (الأسرى، والمسرى) وغيرهما من العناوين الوطنية المهمة، وفي سياق ذلك يمارس هؤلاء الشباب الأبطال ضغطًا متواصلًا على الاحتلال عبر الاشتباك المباشر بالأدوات الشعبية المتواضعة مع جنود الاحتلال بالقرب من السلك أو السياج الفاصل مع قطاع غزة، الذي أقامه الاحتلال لتحصين مواقعه وحماية مستوطنيه، والاستيلاء على مزيد من الأراضي، وفرض أمر واقع في وجه الفلسطينيين، سواء في غزة أو الساحات الأخرى من الوطن.
وقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا لهذه الفعاليات، التي كان آخرها إطلاق النار مباشرة من مسدس على تجمع للجنود، وقبل ذلك تفجير بوابات على السياج وتخريب أجزاء منه، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تم إطلاق حزم كثيفة من البالونات الحارقة والمتفجرة باتجاه المستوطنات الصهيونية التي أدت للتسبب بحرائق واسعة حصدت الآلاف من الدونمات، وذلك في إطار تصعيد حراك الثوار من غزة، وربما تستمر لفترات طويلة، ويضاعف فيها هذا الفعل، سواء من خلال البالونات أو غيرها من الأشكال والوسائل والأدوات التي يمكن أن تدخل الخدمة من خلال الشباب الثائر.
هذا بدوره سيخلق حالة (ضغط داخلي) على الاحتلال نتيجة عجزه عن وقف ما يجري، وسيجعله في موقف حرج أمام المستوطنين؛ لأنه فقَد أدنى قدرة على الردع أمام غزة، وفشل فشلا ذريعا في احتواء ما يجري، ونفدت الخيارات أمامه، وأصبح غير قادر على تقديم حلول سحرية لمستوطنيه، وحتى إن لجأ لتصفية مطلقي البالونات فلن يكون ذلك حلا مناسبا؛ لأن أي خطوة عسكرية متهورة وغير محسوبة لن تجلب الهدوء، ولن تحقق له الأمن المطلوب وستجر المشهد لمزيد من التصعيد، وستجلب ردود فعل قاسية من المقاومة الفلسطينية.
إن ما يجري هو إنذار ساخن ومباشر للاحتلال لوقف عدوانه على الأقصى والأسرى، والتراجع عن أي إجراءات عدوانية تجاه أهلنا في الضفة وغزة وبقية ساحات الوطن، فإن لم يلتقط العدو هذه الرسالة ويتراجع عن عدوانه، فإنه سيكون سببا في انفجار الأوضاع في عموم الأراضي الفلسطينية، وسيدفع ثمنًا كبيرًا من أمنه، وسيعرض جنوده ومستوطنيه لمخاطر كبيرة للغاية، فقد استعدت المقاومة للتعاطي مع أي تطورات، وتجهزت لتدفيع العدو الثمن، وما عليه سوى التراجع ووقف العدوان بصورة فورية، وإلا فإن البدائل ستكون خطيرة للغاية، لذلك على الأطراف المعنية بالهدوء والاستقرار في المنطقة التحرك في هذه الساعات للضغط على الاحتلال، وإلزامه وقف عدوانه وإجباره على تنفيذ أي استحقاقات فرضتها المقاومة عليه بالبارود والنار.