14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
15.84°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة15.84°
الإثنين 03 مارس 2025
4.53جنيه إسترليني
5.07دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.73يورو
3.6دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.53
دينار أردني5.07
جنيه مصري0.07
يورو3.73
دولار أمريكي3.6

رمضان يُشْبِهنا!

د. أسامة الأشقر

1. الفائزون في رمضان هم الذين أدركوا معنى الشدّة فيه، فلم تقسوا قلوبهم، بل تداوت بالشدّة، واستَشفت بالحرمان.

2. وهم الذين أدركوا أن النهوض من حرائق الشدّة لا يكون بالتسخّط والاتهام وتوزيع الشتائم والاصطفاف السياسي الخانق والجمود على وضع سابق، فهذا أمر تنفيسيّ معتادٌ يفعله كل أحد؛ والشعوب التي تنشغل بمرض التنفيس تنغمس في الوحل فتفتك بقوّتها الباقية، وتؤسس لمزيد من الصراع الدوّار.

3. وكنتُ عندما أتأمّل هذه الآية: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤُكم غَوْراً فمن يأتيكم بماء مَعِين) أقول: إنّه لا يفهم معناها إلا الراضون بقضاء الله، فهم الأكثر جدارةً واستعداداً للخطوة التالية بحكمة وتوازن.

4. وهناك نوعان من الرضا: رضاً يكون عند وقوع الشدّة والالتحام بها والاصطدام بموجاتها المتتابعة، تجدهم يحوّلون ذروة مَوجِها إلى ناحية أخرى وكأنّهم كانوا يتوقعون صدمتها، فهذا رضا رحمانيّ يَهَبُه الله للمصطفَين من عباده، ولاسيما إذا كان مستديماً ثابتاً؛ وهناك رضا جماعيّ يكون بعد الكارثة التي أصابت الجميع، فيتساوون في البلاء، وأفضلُ مواضعه أن يكون رضاً جماعيّاً غالباً على عامّة الناس، وأصبح ظاهرةً متمكنةً فيهم.

5. في أرض الثغر هنا لا تملك إلا أن تقول: سبحان مَن علّم الناسَ الرضا، ورضّاهم بهذا الواقع بعد كل هذا الدمار! فقد كانت مثيراتُ السخط وبواعثه تملأ كل ناحية، حتى لو رفعتَ حجراً فسَيَصْدر عنه أنينٌ حزينٌ، وسخطٌ ناطقٌ.

6. تمشي الناسُ في أطلال الأسواق الآن كأنهم لم يمشوا إليها من قبلُ، ويشترون بالقليل الذائب في أيديهم، وأكثر كلامهم: الحمد لله ربّ العالمين !

7. يقول صاحبي: نحو ستين ألف مولود جديد يَنبتُ أثناء الحرب، إنها إرادةُ حياةٍ، إن الله يجدّد أرواحهم، ويبثّ رحمته فيهم بهذا اللطف الساري!

8. يقول آخر: وآلاف عقود الزواج عُقِدت بين ثنايا الحرب وبعدها، لقد جاء الوقتُ الذي يكون فيها الزواجُ علامةً على الإيمان والقوّة، ورسالةً دالةً على التحدّي والثبات، وإرادةً تقاتل العدوّ بالفطرة. 

9. يقول ثالثٌ: ما يقولون عنه حرّية ليس هو الحرية، الحرّية معنى قائمٌ بالنفس له مذاقٌ ساحرٌ، ولقد تعلّمنا أن مذاق الحرية لا يناله إلا مَن انتزعها بأسنانه من فم الصائد المفترس، ويمكن أن تشم رائحة الحرية من لثام ذاك المقاتل الذي دخل على العدوّ البابَ.

10. إننا أمّة تتجدّد ولا تتبدّد، أمّةٌ محروسة بلطف الله وعونه الدائم وتوفيقه المتّصل، ونحن شعوب رائدة قادرةٌ مشحونة بالتحدّي وإرادة البقاء وأرواح الحياة.

11. والواجبُ الآن في زمان البركة هذا ومحل البركة التي رزقنا الله المكث فيها أن ننمّي هذه الإرادة بتكسير أية مشاعر محبطة، وعزل المؤثرات السالبة، وإنعاش مجتمعاتنا بما يَرْويها في حملات متصلة تبثّ فيها الفَخار بما صبرت وعانت، وتُذكّرها بأن ثباتها العجيب يعني أنّ الله اختارها لتبقى وتعمر وتكون خليفةً في هذه الأرض التي تستحقّها بجدارة!

المصدر: فلسطين الآن