17.77°القدس
17.51°رام الله
16.64°الخليل
22.57°غزة
17.77° القدس
رام الله17.51°
الخليل16.64°
غزة22.57°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: الرئيس في مواجهة العسكر..دولة داخل دولة

الانقلاب العسكري الذي قام به الفريق أول عبد الفتاح السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي أول رئيس منتخب في 3 يوليو الماضي يعيد للأذهان حادثة انقلاب العسكر على اللواء محمد نجيب أول رئيس بعد ثورة 23 يوليو عام 1952. ولا يختلف مشهد الإخفاء القسري للرئيس مرسي عن حال سلفه نجيب قبل 60 عاما ، إذ تم وضعه بعد عزله تحت الإقامة الجبرية بعيداً عن الحياة السياسية لمدة 30 سنة، مع منعه تمامًا من الخروج أو مقابلة أي شخص من خارج أسرته، حتى إنه ظل لسنوات عديدة يغسل ملابسه بنفسه، وشطبوا اسمه من كتب التاريخ والكتب المدرسية، وفي سنواته الأخيرة نسي كثير من المصريين أنه لا يزال على قيد الحياة حتى فوجئوا بوفاته. غير أن كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن المصري ومن خلال المتابعة استبعدوا ، أن تطول مدة اخفاء الرئيس مرسي قسريا بالقول :"إن شعب مصر قبل 60 عاما ليس كما هو الآن في عام 2013 فهو أكثر وعيا وفهما" مستدلين بأن الملايين الآن في كافة مدن ومحافظات مصر في ازدياد مستمر منذ 20 يوما بالرغم من سقوط عشرات الشهداء والجرحى. ويحسب للرئيس مرسي خلال حكمه الذي استمر عام، أنه حقق أهم هدف من أهداف ثورة 25 يناير 2011، بإبعاد العسكر عن الحياة السياسية وحصر مهمتها في حماية الحدود في الدستور الجديد ، إلا أن الانقلاب الأخير أعاد العسكر كطرف فاعل في المشهد السياسي، الأمر الذي يدعونا إلى تقصي حقائق ومعلومات عن تأثير الجيش في الحياة العامة المصرية ووجوده في مفاصل الدولة. [title]امبراطورية الجيش الاقتصادية[/title] ويتواجد الجيش في مفاصل الدولة عبر تعيين غالبية المحافظين في مصر من ضباط الجيش المتقاعدين، كما يقوم بتشغيل العديد من المؤسسات المدنية والمؤسسات الكبيرة في القطاع العام بالدولة لواءات بالجيش أحيلوا إلى التقاعد. ويرأس ضباط متقاعدون أهم ثلاث قطاعات تنموية في الدولة وهي الزراعة والتوسع الحضري والسياحة ويحصل هؤلاء إضافة إلى معاشاتهم من القوات المسلحة، على رواتب مجزية وامتيازات أخرى كثيرة مرتبطة بوظائفهم المدنية. وأما قوة الجيش الجوهرية ، فهي ترتكز على سيطرته على العمود الفقري في الدولة وهو الاقتصاد حيث تحدث باري لاندو، مؤلف كتاب "خدعة الغرب... الجيش المصري"، في مقال أخير له، عن المصانع والشركات التي يملكها الجيش المصري، والتي تضاعفت كثيرا في السنوات الأخيرة وشملت مجال الأسلحة والمعدات العسكرية وصناعة الملابس والعقار والبلاستيك والسلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والمياه المعدنية، ومواد البناء، والتعدين، واستصلاح الأراضي وحتى الأنشطة السياحية. وتختلف التقديرات بشأن حجم الصناعات التي يمتلكها الجيش، إلا أن البعض يقدرها بنحو 8 في المئة إلى 40 في المئة من إجمالي الناتج القومي المصري. وانتهى الجيش المصري العام الماضي من بناء مدينة رياضية متكاملة في منطقة القاهرة الجديدة بشرق العاصمة المصرية القاهرة. المدينة الرياضية تحولت إلى منتجع فاره باكتمال بناء فندق وتصميم طرق للتنقل بداخلها شبيهة بالطرق السريعة ذات الخمس مسارات. وفي الطريق المؤدي إلى هذا المجمع تم بناء جسر علوي ونفق للتغلب على أي تكدس مروري محتمل قد يعطل وصول رواد المنتجع في ضاحية القاهرة الجديدة التي يقطنها الأثرياء وأصحاب النفوذ وكذلك أعضاء من المجلس العسكري الحاكم حيث يمتلك هؤلاء جميعا منازل فاخرة. ويقع في قلب هذا المنتجع استاد يسمى "الثلاثين من يونيو" وهو الموعد الذي سلم فيه المجلس العسكري السابق بقيادة المشير طنطاوي السلطة للرئيس محمد مرسي . وزُينت الطرق المؤدية إليه لافتات كتب عليها "الجيش والشعب يد واحدة". وهو الشعار الذي كان سائدا ذات يوم في ذروة أيام الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق مبارك العام الماضي. وقد أقيم هذا المنتجع بجميع مرافقه في أقل من عامين، وهوا ما يعتبره كثيرون شهادة على قدرة الجيش على إنجاز الأمور بسرعة وفعالية. وزارت إحدى الخبيرات مجمعا صناعيا عسكريا ينتج بضائع استهلاكية للمدنيين وقالت :"شعرنا لدى وصولنا كما لو أننا قد غادرنا قاهرة القرن الواحد والعشرين بما فيه من مظاهر الازدحام في جميع الأسواق التجارية والعولمة إلى قاهرة عصر عبد الناصر في منتصف القرن الماضي." [title]دولة داخل دولة[/title] هذه الإمبراطورية الاقتصادية للجيش جعلته يتصرف كما لو أنه" دولة داخل دولة" حسب ما يقول تقرير للـ"بي بي سي" . فلا يحق لأي جهة التحقيق في حجم المكاسب والأرباح التي تدرها على النخبة العسكرية المسيطرة على جزء كبير من الاقتصاد المصري رغم افتقادها الخبرة اللازمة لذلك، لأنها تبقى سرا من أسرار الدولة. اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشئون المالية والمحاسبية العام الماضي حسم كل جدل بشأن مستقبل هذه "الامبراطورية الاقتصادية" بالقول :إن الجيش لن يسلم أبدا هذه المشروعات لأي سلطة أخرى مهما كانت، وأضاف أن هذه المشروعات ليست من الأصول التي تمتلكها الدولة ولكنها "إيرادات من عرق وزارة الدفاع والمشاريع الخاصة بها." وأقر اللواء نصر أن القوات المسلحة قدمت لأجهزة الدولة قروضا تصل لـ 2.352 مليار جنيه، بينما ساهمت في دعم الاقتصاد المصري عموما بـ 12.199 مليار جنيه منذ تسلم القوات المسلحة الحكم في فبراير بعد عزل مبارك عام 2012 ، كما أعطى الجيش للبنك المركزي المصري قرضا بقيمة مليار دولار. والثابت أن ميزانية الجيش المصري في العام المالي 2012-2013، لا تتجاوز 4.2 % من إجمالي ميزانية الدولة- حسب ما صرح اللواء نصر. وإذا ما علمنا أن حجم الموازنة العامة لمصر لعام 2012-2013، تقدر بنحو 538 مليار جنيه أي تعادل (87.48 مليار دولار)، فإن حجم ميزانية الجيش تعادل قيمة(3.67 مليار دولار) وبإضافة المعونة الأمريكية السنوية والتي تقدر بنحو 1.3 مليار دولار، فإن ميزانية الجيش تقترب من 5 مليارات. ونص دستور 2012 الذي وافق عليه غالبية المصريين قبل أن يجمده قادة الإنقلاب في 3 يوليو أن مجلس الدفاع الوطني "يختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد و سلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة". ولعل مراقبة الدستور الجديد لميزانية الجيش قد يكون أحد الأسباب التي قصمت ظهر الرئيس مرسي إذ أن ذلك يصنف عسكريا ضمن الأمور السرية، والمعلومات التي يصر كبار المسؤولين في مصر على إخفائها عن الرأي العام في ظل أي حكومة مقبلة. هذا الأمر أكده تقرير "للبي بي سي" قبل عام تقريبا قال فيه إن أية محاولة للانفتاح الاقتصادي، أو القيام بعمليات خصخصة لإمبراطورية الاقتصاد التي يديرها الجيش ستواجه مقاومة شرسة ليس فقط من جانب قادة الجيش، ولكن أيضا من الحلفاء الأقوياء داخل الأجهزة البيروقراطية للدولة وكذلك الأشخاص الذين يستفيدون جيدا من الوضع الراهن والذين يكونون بطبيعتهم معادون للتغيير. أمام كل هذه المعلومات والحقائق والوقائع ، هل تنتصر إرادة الملايين في ميادين مصر ، على حكم العسكر ؟! المفكر المسيحي رفيق حبيب يقول إن الزمن يسير في صالح المنادين بالشرعية وعودة مرسي ، مشددا على أن قوة المتظاهرين في سلميتهم وضعف العسكر في سلاحهم.