16.68°القدس
16.42°رام الله
15.53°الخليل
22.38°غزة
16.68° القدس
رام الله16.42°
الخليل15.53°
غزة22.38°
السبت 19 أكتوبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.71

خبر: المحرر النعنيش.. حكاية 24 عاماً من الاعتقال

ما أن وطأت قدما الأسير المحرر سمير نايف النعنيش (47 عاما) أرض مدينة نابلس حتى ذُهل من هول المنظر بعد السنوات الطوال التي قضاها بعيدا عن مدينته، عاد به شريط الذكريات إلى ما قبل اعتقاله فيقول: "لا زالت صورة نابلس القديمة مطبوعة في ذاكرتي، ورغم المشاهد الحديثة والجميلة التي رأيتها اليوم إلا أن تلك الصورة تبقى تتجلى أمامي بكل تفاصيلها". ربع قرن غيبته السجون في ظلمتها بعد تنفيذه لعملية "الساقوف" داخل أزقة البلدة القديمة في نابلس عام 1989 ذاق خلالها مرارة البعد والألم التي اصطحبته إلى الزنازين بعد أن استقرت في جسده رصاصة أحد القناصيين لتمزق جزء من رئته قبل اعتقاله بعامين. [title]الثأر المؤجل[/title] لم يكن النعنيش ليصارع السجان ببراءته حين كان عمره (6 أعوام) عندما رأى جنود الاحتلال يقتادون والده ويضربونه ويركلونه ويضعونه تحت "مزراب الماء" في فصل الشتاء، فقد هب في ثورة شعبية مع اقرانه لمقاومة الجنود الذين يقتحمون الأحياء في كل يوم خلال وجود الحاكم العسكري والإدارة المدنية في نابلس. وفي عام 1985 كانت تجربته الأولى مع السجون حيث اعتقل لمدة (4 شهور) في سجن الفارعة بعد جولة من المواجهات مع جنود الاحتلال، ولم يمض عام على خروجه من السجن حتى أُعيد اعتقاله في عام 86 لمدة (18 يوما) على ذمة التحقيق. ويعود النعنيش بذاكرته إلى المشاهد الحية في حارة سوق الحدادين في نابلس، فيقول: "كنا نلعب لعبة "جيش أولاد" ونشكل فريقين، فريق يمثل جنود الاحتلال والآخر يمثل الشبان الفلسطينيين، ولم أكن ارغب بالانضمام إلى فريق الجيش حتى في اللعب، وفي تلك الأثناء وعند قدوم دوريات الجيش الإسرائيلي كنا نتوحد وتبدأ المعركة الحقيقية بيننا وبين الاحتلال". [title]الرد بالساقوف[/title] كتلة إسمنتية كبيرة جهزها النعنيش والأسير المؤبد إبراهيم الطقطوق مع أربعة شبان آخرين على سطح أحد المنازل بانتظار دورية راجلة كانت تحاول الدخول للبلدة القديمة فيقول: "رصدنا ثمانية جنود على مدخل بوابة البيك، وعندما أصبحوا أسفلنا مباشرة أسقطنا الساقوف على رؤوس الجنود فقتل أحدهم وجرح آخر". ومنذ تلك اللحظة أصبح النعنيش على قائمة الاستهداف اغتيالا أو اعتقالا، وكان ذلك عندما حاصرته قوات الاحتلال في بساتين شارع يافا وسط نابلس، يقول: "اعتقلتني قوة خاصة كانت تتحصن في أحد المباني ولم يتمكنوا من تحديد هويتي، إلا بعد حضور ضباط المخابرات الذين قاموا بتشخيصي، وكان ذلك بتاريخ 5/3/1989 أي بعد (9 أيام) من تنفيذ العملية". وبعد جولات التحقيق القاسية التي مر بها في سجن نابلس المركزي، كان الحكم المؤبد الصادر عن المحكمة العسكرية في المدينة، ومنذ تلك اللحظة بدأ رصيد العمر بالنفاذ بين جدران العزل، تارة في عزل سجن الجنيد وعزل "نيتسان" في الرملة الذي استمر (12 شهرا). [title]خبران مزلزلان[/title] وبعيدا عن قرعات السلاسل وفي وسط الجموع المحتشدة لاستقباله يبقى خبران يهزان ذاكرته في بداية اعتقاله. يصور المشهد بقوله: "عام 1990 وكعادتي أقرأ الصحف التي تدخل القسم في سجن عسقلان وفي الصفحة الأولى من ذلك العدد إذا بصورة والدي أسفل الصفحة مكتوب أسفلها (نعي حاج فاضل)، لحظتها لم أتمالك نفسي ووقعت على الأرض ولم أستطع الحديث، وحملوني الأسرى إلى داخل الغرفة بدون علمهم ماذا يحصل، وما أن قرؤوا الصحيفة حتى عرفوا أن المتوفى هو والدي". وتتكالب المصائب والآلام على قلبه ويتابع: "عام 1999 جاءت والدتي لزيارتي في سجن عسقلان، شعرت من كلامها أنها لحظات الوداع الأخيرة، وقبل أن تفارقني طلبت منها بعض الأغراض كي تحضرها لي في الزيارة القادمة، مع أن هاجسا في نفسي يقول لي انه اللقاء الأخير". ويكمل حديثه: "بعد يومين من زيارتي، خرجت لتشتري الأغراض التي أوصيتها لتحضرها على الزيارة القادمة، وإذا بشاحنة تضربها في منطقة رفيديا غرب نابلس أثناء قطعها للشارع وترتقي روحها إلى بارئها". [title]فرحة لا توصف[/title] ومع استمرار اعتقال العشرات من ذوي الأحكام العالية يدعو النعنيش كافة الأطراف الفلسطينية إلى بذل الجهود للإفراج عنهم، مناشدا الجهات الرسمية والشعبية بعدم إغفال عن قضية الأسرى المؤبدين سواء كان ذلك من خلال الاتفاقيات أو صفقات التبادل. وأضاف "هذه الخطوة أي الإفراج عنّا، تأخرت عشرين عاماً، حيث كان يجب أن يطلق سراحنا بعد توقيع اتفاق "أوسلو"، وهي خطوة صغيرة تحتاج لخطوات كبيرة جداً لإطلاق كافة الأسرى في سجون الاحتلال، وتابع: "تركت خلفي أصدقاء وأخوة عاشوا معي فترات طويلة أتمنى أن تشعر أمهاتهم فرحة أخواني وأهلي". وحول تقييمه لصفقة الإفراج عنه، قال النعنيش: "الأسير وخاصة الذين أمضوا سنوات طويلة في الأسر يدركوا أن الإفراج عنهم لا يكون إلا باتفاقيات سياسية أو بعمليات التبادل، وأي كانت الطريقة التي يتحرر بها تكون فرحته كبيرة، ولكن بشرط ألا يكون الثمن التنازلات على الثوابت الوطنية التي اعتقلنا وقدمنا سنوات عمرنا من أجلها". وتابع "هذه الخطوة ستبقى ناقصة مالم يتم الإفراج عن باقي الأسرى في سجون الاحتلال وتبيض السجون منهم وعلى رأسهم الأسيرات وذوي الأحكام العالية".