22.78°القدس
22.4°رام الله
21.64°الخليل
25.38°غزة
22.78° القدس
رام الله22.4°
الخليل21.64°
غزة25.38°
السبت 19 أكتوبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.71

خبر: علماء السلطان.. يأكلون الخبز بلا إله إلا الله

حينما جاءت الأنباء عن أن التتار على أبواب مصر الشرقية، كان علماء الدين في هذه الأوقات منقسمين إلى صنفين؛ صنف قرر الصمت لأن الأمر فتنة، فالتتار لم يهزمهم أحد من قبل، والدعوة إلى قتالهم هو شيء من قبيل إلقاء النفس في التهلكة، وصنف آخر وجد أن احتلال مصر من التتار أمر محسوم، فقرر أن يستمر في الوعظ و التنظير، من أجل بناء جيل، من الشباب يستطيع أن يحرر مصر من التتار بعد احتلالها المحسوم، وأطلق على نفسه (علماء التجديد). إلا أنه كان هناك عالم واحد دون هؤلاء و هؤلاء، وجد أن ترك البلاد للتتار خيانة، و أنه لا يجوز الحديث عن أي شيء في الدين في هذه اللحظة إلا فيما يدفع الناس للجهاد دون خوف. فجهادهم فريضة عينية على كل مصري مسلم. وقاد هذا العالم وحده تلك الحرب الفكرية والنفسية لينتزع من ضمائر الناس الخذلان، ومن قلوبهم الخوف، ومن عقولهم حب الدنيا. وها هو التاريخ يتجاهل هذه "الحثالة" من العلماء كما يقول الداعية خالد أبو شادي، بينما يخلد ذكر ذلك العالم الواحد. إنه العز بن عبد السلام الذي لقب بـ "عز الدين" و"سلطان العلماء" و"بائع الملوك". مثل "العز بن عبد السلام"، كمثل المفكر "سيد قطب" قبل اعدامه فجر الاثنين الموافق 29 أغسطس 1966، عرضوا عليه أن يعتذر عن دعوته لتطبيق الشريعة ويتم إصدار عفو عنه، فكان رده "لن أعتذر عن العمل مع الله، إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفًا واحدًا يقر به حكم طاغية". قالوا له إن لم تعتذر فاطلب الرحمة من الرئيس، فقال: "لماذا أسترحم؟ إن كنت محكومًا بحق فأنا أرتضي حكم الحق، وإن كنت محكومًا بباطل، فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل". وقبل الإعدام جاءه من يلقنه الشهادتين ، فقال له "قطب": حتى أنت جئت تكمل المسرحية نحن يا أخي نعدم لأجل لا إله إلا الله، وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله. هذا هو دور العلماء وقدرهم فهم ورثة الأنبياء ، على عكس آخرين، بيضاء عمائمهم طويلة لحاهم، إن رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لهم، لكنهم في حقيقة الأمر، علماء سلطان، عبيد سلطة. وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان، كما جاء في الحديث الصحيح. [title]الثورات والعلماء[/title] جاءت ثورات الربيع العربي، خاصة المصرية والسورية، فاضحة كاشفة لكثير كانوا بئس العلماء على موائد الأمراء الظّلمة يشّرعون لهم ظلمهم، ويباركون لهم سفك الدّماء الطّاهرة بفتاوى يفصّلونها لهم على مقاسهم فيأخذون عَرَضَ هذا الأدنى، ويدَعون الحقّ وأهله، ويقلبون الحقائق ويزيفون الوقائع فيغترّ بفتواهم الجاهل، ويفتن الضعيف. اعتمد نظام الأسد في سوريا على أمثال هؤلاء المحسوبين على العلم الذين باعوا دينهم بثمن بخس، أمثال مفتي الديار أحمد حسون، ومفتي مدينة حلب محمود عكّام ، سبقهم في ذلك نظام القذافي الهالك، والحال مثله في مصر الآن بعد الانقلاب حيث تصدر شيخ الأزهر أحمد الطيب الحدث داعما ومؤيدا، قال إنه لا يعلم بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة الذي أودى بحياة المئات وفي اليوم التالي خرج مشيدا بأداء الجيش والشرطة . تبعه في ذلك مفتي مصر السابق علي جمعة الذي اعتبر "المعتصمين السلميين الرافضين للانقلاب "خوارج" استحل دمائهم ، ثم خرج الشيخ سالم عبد الجليل، ويعمل مستشارا دينيا للجيش، معتبرا "قتلى الجيش والشرطة " شهداء، بينما قال إن قتلى الثوار على يد الجيش والشرطة "يبعثون على نياتهم". وزير أوقاف سلطة رام الله، محمود الهباش لم يتأخر كثيرا لينضم إلى "حثالة" الشيوخ والعلماء ، كما أسماهم الداعية أبو شادي، خرج هو الآخر ناصرا ومعينا لسلطة الانقلاب في مصر، بل إنه عدّ الثورة على حماس التي تقود مشروع المقاومة أوجب من تحرير فلسطين، وهو الذي يعيش في كنف الاحتلال الإسرائيلي ولا يتحرك من مكان لآخر في الضفة إلا بإذن مجندة إسرائيلية وهو الأمر الذي ينسحب على رئيسه محمود عباس. ومن بلاد الحرمين، فاجأنا إمام الحرم المكي القارئ الشهير عبد الرحمن السويسي ، بخطاب مؤيد داعم لسياسات حكومة بلاده التي سارعت إلى تثبيت الانقلاب بالمال والإعلام، يصدق فيه قول حبيب الحق وسيد الخلق محمد ، ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ، إن لم يتب ويرجع عن تأييد قتل المسالمين واعتبار الثورة فوضى ، متبعا بذلك هوى نفسه وهوى رجال الحكم والسلطان في بلاده. الشيخ سعود الشريم إمام و خطيب المسجد الحرام وعميد كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى بمكة، ردّ على خطبة السديسي التي هاجم الإخوان بقوله : ماذا جنينا من حماقات ثلة تزيت بزي الدين وهؤلاء يحرفون كلام الله وفق نعرات عصبية وأهواء حزبية ومصالح ذات أجندة وتبعية". وقال الشيخ الشريم في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي"تويتر" "استغلالك الأزمات لترمي ذا الحق بأنه حزبي،إنما هو ديدن خصوم الرسل مع يقينهم بصدقهم(قالوا إنما أنت من المسحرين)استغلوا شيوع السحر فاتهموه به!". ونصح السديسي بقوله: "اجعل رضا الرحمن غايتك ولا تركن إلى رضا الناس،فإنك حبيبهم فيما يهوون، وعدوهم فيما يكرهون(فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)". [title]أئمة مضلون[/title] بدوره، عدّ المفكر والداعية الإسلامى طارق السويدان عالِم الدين الذى يؤيد الانقلاب العسكرى الدموى من "علماء السلاطين" ، وقال: كم عالم دين يقبض مرتبه من الدولة، وتخالف آراؤه رأى السلطة الحاكمة؟ مؤكدا أن هؤلاء العلماء "اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا". و قال الكاتب محمد حسن عدلان إذا كان الخوف يمنع هؤلاء العلماء، من أن يكونوا كالعز بن عبد السلام ، فيمكنهم الاعتزال والصمت كأضعف الإيمان، لا أن يتهجموا على الثوار بادعاءات ومبررات لا تخطر على بال أركان النظام المنافق نفسه ويكون ملكيا أكثر من الملك . وأضاف "ربما ـ كما يدعي هذا العالم أو ذاك ـ يحب الأمن ويخاف الفتنة، ولكن أي أمن هذا الذي يختفي فيه الإنسان من أجل كلمة؟ وأي فتنة أعظم من ثني الناس عن المطالبة بحقوقها ومحاولة إحباط الهمم بعد أن أصبحت الحرية قاب قوسين أو أدنى ؟ أليس من الفتنة التي ما بعدها فتنة أن يشق صف المسلمين وهم شبه مجمعين على إزالة الاستعباد للطغاة الكفرة؟ ألا يطيل بذلك من عمر النظام الفاجر ويتسبب بالمزيد من الضحايا والشهداء ؟ ورد على حجة هؤلاء أنهم "يلزمون أنفسهم بمبدأ الولاء للحاكم القوي ، فهو عندهم كاف للحكم مادام لم يمنع شرع الله ،ولو أخذ مالك وجلد ظهرك بتفسير ساذج ، ومثل هذا حدث في مصر خلال حملة نابليون فقد وجد نابليون من يسانده من علماء السلاطين المغفلين بحجة أنه يطلق المدافع احتفالا برمضان ، ولكنهم انتفضوا وطردوا الفرنسيين عندما شاهدوا جنوده مخمورين ". وتساءل مستغربا " ألم يشاهد هؤلاء القتل والتمثيل بالجثث والاعتداء على المساجد ؟ النظام لم يكتف بأخذ مالنا وجلد ظهرنا، إنه يقتل أطفالنا ونساءنا. خاتما قوله "منكم لله يا علماء السلطان فوالله لم أجد لكم حجة تتذرعون بها أمام الله تعالى يوم الفزع الأكبر". وحذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء أشدّ التحذير، فعن أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: كُنْتُ مُخَاصِرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ عَلَى أُمَّتِي مِنَ الدَّجَّالِ " فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ شَيْءٍ أَخْوَفُ عَلَى أُمَّتِكَ مِنَ الدَّجَّالِ؟ قَالَ: الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ. ومثل هؤلاء المحسوبين على العلم الذين باعوا دينهم بثمن بخس، ومن كان منهم عنده علم فهو مثل بلعام بن باعوراء العالم اليهودي الذي باع دينه بدنيا غيره ، والذي صار الشيطان من أتباعه قال تعالى كاشفاً حقيقة هؤلاء :"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يهدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ". ومن صفات علماء الآخرة –كما يقول أبو الفرج بن الجوزي : أن يكونوا منقبضين عن السلاطين ، محترزين عن مخالطتهم قال حذيفة رضي الله عنه: إياكم ومواقف الفتن قيل : وما هي ؟ قال : أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول : ما ليس فيه.