11.68°القدس
11.44°رام الله
10.53°الخليل
15.41°غزة
11.68° القدس
رام الله11.44°
الخليل10.53°
غزة15.41°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: عرفات..قبل رحيله تَمرُد وفي ذكراه تَمرُد

"إن دفن جثة عرفات لن تعني بحال دفن سر مرضه، لأن ملف الرجل سيظل مفتوحاً حتى تنكشف غوامضه"، جملة قالها الكاتب المصري فهمي هويدي منهياً مقالاً له بعنوان "لا تغلقوا ملف عرفات" كتبه بعد أسبوعين على "وفاته" التي تبين أنها لم تكن طبيعية كما أرادتها "السلطة" قبل أن تتكشف "خيوط المؤامرة". صُمّت آذان المسؤولين في حركة فتح وسلطتها، عن سماع تحذير "هويدي" هذا قبل تسع سنوات، وأصبح "الرمز" مجرد ذكرى تقرأ فيها الفاتحة عليه وتنثر الورود على قبره الذي أصبح مزاراً ومكاناً لالتقاط الصور التذكارية في كل عام. وظل الخطاب الإعلامي والرسمي لمن جاءوا بعده، يتحدث وقتذاك عن "موت عرفات" وليس قتله، بدا ذلك واضحاً في البيان الأول لنعيه واعتبار رحيله عن الدنيا بعد حصار إسرائيلي أمر طبيعي. حتى فعاليات إحياء ذكراه، اقتصرت على جمع تراثه وترديد شعاراته واعتبار أن الوفاء له يكون بإتباع خطه السياسي والثباث على مبادئه".دون التطرق إلى سبب الوفاة. هذا بالرغم من أن "إسرائيل" أعلنت أكثر من مرة أنها لا تضمن حياته، ومِن ساستها مَن قال صراحةً "إننا لا نستطيع أن ننتظر طويلاً حتى تتدخل الأقدار لإنهاء حياته". [title]تحقيق الجزيرة[/title] بقي الحال كذلك حيناً من الدهر، لم يكن سر غيابه المفاجئ معلوماً حتى وقت قريب، عندما أنجزت الجزيرة تحقيقاً تناول معلومات كشفها المعهد السويسري تفيد بوجود مادة "البولونيوم السامة" بملابس لعرفات قدمتها عقيلته سهى للمختبر، وهو ما عزز فرضية أن يكون قد توفي مسموما. تحقيق الجزيرة هذا أعاد القضية إلى الواجهة من جديد، ما شكّل إرباكاً بلا شك "لمن كتموا سر مقتله"، وراهنوا على عامل النسيان مع مرور الزمن هروباً من إجابة السؤال "من قتل عرفات وكيف". ومما ذكره خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، أنه حين قويت لديه شكوك تسميم (أبو عمار)، أجرى اتصالات هاتفية مع مختلف قيادات السلطة الفلسطينية مطالباً إياهم بالتحرك والضغط على "إسرائيل" لإنقاذ حياة الرجل من براثن السم، وقد أدهشه أنه تلقى رداً ضعيفاً وداعياً إلى التهدئة. الدهشة ذاتها أبداها كثيرون من التسرع في دفن جثة الرئيس عرفات قبل تشخيص سر مرضه، ومن ثم دفن ذلك السر معه.هذا الأمر يثير الشكوك بمن حوله وخلفوه من بعده. ألقت الجزيرة الكرة في ملعب السلطة التي اعتبر رئيسها عباس التحقيق في حينه "فرقعة إعلامية"، وبدأ خطاباً إعلامياً جديداً، تبنى من حيث المبدأ فرضية "تسميم سلفه الرئيس". وقال عباس في كلمة مسجلة بثت خلال حفل إحياء الذكرى التاسعة الذي أقيم في قصر رام الله الثقافي مساء الأحد، إن "الوصول إلى الحقيقة في ملابسات رحيل أبو عمار هو هدفنا، وبذات الثبات والقوة والتصميم مهما كانت التعقيدات والعقبات". [title]وعود كاذبة[/title] تعهد عباس هذا ردده العام الماضي أيضا، وبدأ اجراءات التنفيذ بالتنسيق مع محققين فرنسيين وخبراء سويسريين وروس لأخذ عينات من رفات عرفات المقبور في رام الله. غير أن وكالة "رويترز" العالمية للأنباء اعتبرت اشراك الروس بالتحقيق من شأنه أن "يعقد التعاون الفرنسي الفلسطيني أو حتى يفسد العملية تماما"، كون الروس والفرنسيين لا يتفقون في مسألة. واستغربت أرملة عرفات (سهى) مشاركة الروس بفريق التحقيق، وقالت لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ما علاقة الخبراء الروس بهذه القضية "لماذا توجه (عباس) إلى الجانب الروسي؟ إنه قرار غريب". مخاوف سهى لم تكن عبثاً ، فمنذ أيام صدر التقريران السويسري والروسي بشأن وفاة زوجها، خلص الأول إلى أن نتائج الفحص "تدعم بشكل معتدل" نظرية أن تكون الوفاة نتيجة مادة "البولونيوم المشع 210"، بينما خلص الثاني إلى أن مستوى هذه المادة في رفات عرفات "لا تعطي دلائل كافية" على أنها سبب الوفاة. الأمر الذي يحول دون استكمال الملف وحمله إلى أي هيئة قضائية في العالم. تقرير الروس هو بمثابة براءة لـ"إسرائيل" من الجريمة، كما يقول الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة، ويشكل إدانة غير مباشرة لعباس الذي طلب تحقيق الروس، بالتستر على الجريمة ويثبت أيضا أن السلطة التي يرأسها غير معنية بتفكيك لغز مقتله على عكس الوعود المتكررة منذ عامين.هذا ما أكده مصدر للجزيرة أن التقرير الروسي "موجه سياسيا". المصدر أوضح أنّ العاملين بالمعمل الروسي طُلب منهم تعبئة قائمة معينة والإجابة عن أسئلة محددة من وزارة الخارجية مما أوحى لهم بأن ينفذوا دراسة ضعيفة. وأشار إلى أنّ "هدف روسيا هو تلبية طلب من سلطة فتح بألا يتسبب التقرير في غضب الكيان ، وخلق بؤرة ساخنة جديدة في الشرق الأوسط ، مضيفا بالقول : " بالتالي فإن هدف الدراسة الروسية أن تخرج بنتيجة فارغة المحتوى". [title]تمرد اليوم والأمس[/title] وتحاول السلطة الهروب إلى الأمام للفت أنظار الفلسطينيين واشغالهم عن القضية التي باتت تتردد على كل لسان ، من خلال دعوتها الفلسطينيين بالتمرد على حكومة حماس في غزة بما تمثله من مشروع مقاوم للاحتلال الإسرائيلي تزامنا مع ذكرى اغتيال عرفات. ولا تفسير لذلك سوى أن قتل أبو عمار كان مطلوباً من قبل الأطراف الدولية المعنية -الولايات المتحدة و"إسرائيل" تحديداً، كما أن دفن سر مقتله، أريد به التستر على ضلوع جهات معينة فلسطينية وإسرائيلية بالدرجة الأولى في قتله. وبات من المؤكد –والقول للزعاترة- أن أحداً من داخل المقاطعة هو الذي أدخل السم إلى جسد عرفات ، متساءلا "هل من المستحيل معرفة ذلك، ولماذا يعجزون عن ذلك رغم مرور 9 سنوات على الواقعة؟". وحسبه فإن الفريق الذي ورث ياسر عرفات هو نفسه الذي حاول الانقلاب عليه؛ أولا عسكرياً من خلال انقلاب محمد دحلان الذي فشل قبل ذلك بعام تقريباً، وثانياً من خلال الانقلاب السياسي عبر فرض أمريكا والغرب على عرفات تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة هو محمود عباس، ومسؤول أمن هو محمد دحلان، فضلا عن مسؤول للمالية (سلام فياض). وبعد تسع سنوات على غياب عرفات، تبين أن المطلوب لم يكن رأس الرجل فقط وإنما رأس القضية ذاتها ذلك أن الخلاص من عرفات أريد به إزاحة العقبة التي وقفت في طريق التسوية التي كان التفريط في الثوابت من شروطها . و لم يكن الصراع في الساحة الفلسطينية، الذي استدعى قتل عرفات في جوهره بين زعامات بقدر ما كان ولا يزال بين مواقف سياسية بعضها مع الخطوط الحمراء والثوابت والبعض الآخر في المربع المعاكس. والكلام لهويدي وهنا مكمن الخطر.