26.1°القدس
25.73°رام الله
24.97°الخليل
26.81°غزة
26.1° القدس
رام الله25.73°
الخليل24.97°
غزة26.81°
الأربعاء 16 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.09يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.09
دولار أمريكي3.76

خبر: ركاكة الانقلاب التي لا تحتمل

إذا كانت الثورات تتغذى على الجمال، فإن الثورة المضادة تعيش على القبح، ولذلك ليس غريبا أن سلطة الانقلاب في مصر تنفق بسخاء على تنمية محصول القبح الأخلاقي والمعرفي. ففي الثورات ومعها وبها يتألق الوجود الإنساني، ويستخرج البشر أرقى وأنقى ما في أعماقهم، ذلك أن الجماهير في خضم الثورة ينشئون في توافق صامت نوعا من التعاقد المجتمعي على التطهر، لتمارس كل "أنا" وجودها المثالي. إن قليلين جدا من الجماهير الغفيرة لثورات الربيع العربي ربما سمعوا عن "هيجل" ومثاليته في "فينومينولوجيا الروح" وربما لم يقرأ أحدهم عن "هايدجر" وما طرحه من "أنطولوجيا الدازاين" لكن الجميع في لحظة نادرة قرروا أن يكونوا مثاليين. ومن هنا فإن أول ما يفعله الراغب في الانقلاب على ثورة هو تغذية الجموع بكميات هائلة من القبح والرداءة، ليرتد الوجود الإنساني إلى الحالة الغريزية فيصبح منتهى الأحلام رغيفا وخفيرا نظاميا، أو ثنائية "التوت والنبوت" في عالم نجيب محفوظ . إنها دولة الركاكة تتأسس على أنقاض دولة الحلم، فطبيعي هنا أن يصبح الغناء بالمؤخرة عملا طليعيا، ويكون ثغاء خرساء الفضائيات نشيدا وطنيا، وفي المقابل يقبع خالد السيد وعلاء عبدالفتاح وأحمد ماهر وباسم عودة و طابور طويل ممن تسري في عروقهم دماء 25 يناير. ولأن الثورة عمل أخلاقي، بينما الانقلاب سلوك غير أخلاقي، كان لابد من التأسيس لمنظومة قيم جديدة فاسدة ومهترئة، وكما أن للمدن الفاضلة مبادئها ورجالها وعدتها، كذلك لمدن القبح رموزها و جنودها وقيمها وسلوكياتها المشينة التي يمنحها إعلامها الرديء النياشين والأوسمة، ويصعد بها قادتها إلى الرتب الأعلى. لقد عملت دولة القبح بدأب شديد على إغلاق مسام المجتمع، فصار أكثر بلادة مع مشاهد الدم والتعذيب، وبات يستمتع أكثر بما يلقى في دماغه من ملوثات سياسية وإعلامية، وفي مناخ كهذا لا يتوقف أحد عن صرخة أحد أنصع وجوه ثورة يناير الشاب خالد السيد من معتقله، والتي يروي فيها أهوال الجحيم منذ القبض عليه وزميله في جبهة طريق الثورة ناجي كامل وحتى استقرارهما في سجن أبي زعبل الكريه، مرورا بمقر الاحتجاز في قسم الأزبكية، حيث يتحول امتهان الوجود الإنساني بكسر أنف الرجال عن طريق الاعتداء عليهم جنسيا نوعا من حفلات السمر للسادة الضباط، يمضغون بها الوقت ويشحنون حناجرهم بالضحك الهيستيري. يحكي خالد في رسالته المنشورة على بوابة يناير "في سجن أبو زعبل وبمجرد دخولنا السجن مرينا بالأهوال التي كنا قد سمعنا هنها ولم نجربها. قلعونا هدومنا ورشوا علينا مياه ساقعة وسابونا ساعات" بالمناسبة لخالد السيد صورة شهيرة للغاية يقف خلفه فيها عبد الفتاح السيسي وابتسامة فخر تعلو محياه لأنه يظهر في اللقطة مع شباب ثورة يناير، كان ذلك في الأيام الأولى لما بعد خلع حسني مبارك، حين كان جنرالات مبارك وتلاميذه يتدافعون للفوز بصورة تذكارية مع وجوه الثورة الناصعة. لماذا يفعلون ذلك مع أبناء يناير؟ الإجابة في الفقرة الأولى من هذا المقال