بعد أن قررت السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس في رام الله الانضمام إلى المعاهدات والمنظمات الدولية رداً على رفض الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى، قامت سلطات الاحتلال بوقف تحويل مخصصات العائدات الجمركية والتي تقوم بجبايتها سلطة الاحتلال نيابة عن السلطة الوطنية. ويصل المبلغ الذي يشمل الجمارك على السلع التي تستورد للأراضي الفلسطينية إلى نحو 100 مليون دولار شهرياً. وأعلنت حكومة نتنياهو وقف تحويل هذه العائدات قبل أسبوعين بعد أن حصل الفلسطينيون على عضوية كاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). [title]إجراءات اسرائيلية جديدة[/title] فيما أكد مصدر سياسي إسرائيلي كبير، بأن حكومة الاحتلال برئاسة "نتنياهو" ستتخذ إجراءات اقتصادية إضافية ضد السلطة الوطنية إذا واصلت القيام بخطوات "أحادية الجانب" في مؤسسات الأمم المتحدة. وزعم المصدر للإذاعة الاسرائيلية بأن الجانب الفلسطيني لم يفِ بتعهداته عدم اتخاذ مثل هذه الخطوات طالما استمرت عملية التفاوض مع "إسرائيل"، مشيراً إلى أن المباحثات حول إمكانية تمديد عملية التفاوض ستستمر بعد عطلة عيد "الفصح" وأن الجانبين سيحاولان إيجاد مخرج للأزمة الراهنة. وكانت سلطات الاحتلال أعلنت يوم الخميس الماضي, فرض عقوبات اقتصادية على السلطة الوطنية, رداً على توقيع اتفاقيات الانضمام لـ15 معاهدة ومنظمة دولية. وتشمل العقوبات الاسرائيلية اقتطاع الديون المستحقة على السلطة من العائدات الضريبية ووضع حدود لودائع البنوك التابعة للسلطة في "إسرائيل"، وتجميد مشروع التنقيب عن الغاز قبالة شواطئ غزة. وأوضح مسؤولون فلسطينيون بأن حجم الخسائر الاقتصادية الفلسطينية بسبب العقوبات قد تصل لنحو 300 مليون دولار شهرياً عند تنفيذ سلطات الاحتلال تهديدها بمعاقبة الفلسطينيين على خطوة توقيع الانضمام إلى 15 مؤسسة دولية. [title]سيناريوهات لمواجهة الأزمة[/title] وفي الوقت الذي قررت سلطات الاحتلال هذه العقوبات، كشف رئيس حكومة رام الله رامي الحمد الله، عن عدة سيناريوهات وضعتها الحكومة للتخفيف من الآثار الناجمة على رواتب الموظفين جراء تجميد اسرائيل عائدات الضرائب. وقال الحمد الله ، إن الحكومة عقدت عدة اجتماعات مع ممثلي نقابات الموظفين والعاملين، كان آخرها أمس، لبحث النتائج المترتبة على "العقوبات" الإسرائيلية. واشار رئيس الوزراء الى"ان من بين السيناريوهات التي وضعت، في حال قطعت حكومة الاحتلال أموال المقاصة البالغة 450 مليون شيكل شهرياً، حماية صغار الموظفين الذين يتقاضون رواتب تقل عن 2500 شيكل". وتعد أموال المقاصة، من أبرز القنوات المالية للخزينة الفلسطينية، وتشكل نحو ثلثي إيرادات الحكومة، وبدونها فإن الحكومة ستواجه أزمة مالية كبيرة، تضاف إلى العجز الجاري في الموازنة للعام الجاري والمقدرة بنحو 1.25 مليار دولار، ونحو 300 مليون دولار في الموازنة التطويرية. وقال رئيس الوزراء، إنه في حال حجبت حكومة الاحتلال أموال المقاصة عن السلطة، فإن الحكومة ستقوم بحماية صغار الموظفين الذين يتقاضون رواتب تقل عن 2000 شيكل، وذلك بصرف رواتبهم كاملة، بينما يتم صرف نسب أقل من الرواتب كلما ارتفعت قيمتها. وهذا ما أكده نائب الأمين العام لاتحاد المعلمين نعيم الأشقر حيث قال بعد اجتماعه برئيس حكومة رام الله إن "الأموال المتوفرة في خزينة الحكومة لا تكفي لفاتورة الرواتب". وأوضح الأشقر أن الحمد الله أكد أن العديد من الخيارات طرحت حال نفذ التهديد منها صرف كامل رواتب الموظفين الذين يتقاضون أقل من 2000 شيكل في حين سيتم اقتطاع جزء من رواتب الموظفين الذين تزيد رواتبهم عن 2000 شيكل. ولفت إلى أن رئيس الحكومة أكد لهم أن ملف الرواتب يتوقف على الأموال التي ستتوفر في خزينة الحكومة نهاية كل شهر. وقال إن المطلوب الآن "شد الأحزمة على البطون" مبدياً تقدير النقابات للظروف الوطنية التي تمر بها القيادة الفلسطينية. [title]تأزم المفاوضات[/title] يقول الخبير الاقتصادي جعفر صدقة، أن تنفيذ سلطات الاحتلال تهديداتها بقرارها الامتناع عن تحويل عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الوطنية رداً على انضمام دولة فلسطين إلى عدد من المنظمات الدولية، ما يعني حرمان السلطة من حوالي 60% من إيراداتها وهي نسبة كافية لشل قدرة الحكومة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها، سواء رواتب الموظفين أم مستحقات موردي السلع والخدمات من القطاع الخاص، وهو ما ينذر بتعميق حالة الركود في الاقتصاد الفلسطيني. وأكد الخبير صدقة، أن قرار حكومة الاحتلال كان المؤشر الأوضح على دخول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية برعاية أميركية في نفق مظلم، مع اقتراب موعد انتهاء مهلة التسعة أشهر المحددة لانتهائها في 29 نيسان الجاري، وسط تضارب الأنباء عن صفقة محتملة تسمح باستمرار المفاوضات حتى نهاية العام 2014. وشدد صدقة، على أن حرمان السلطة من هذه الحصة الكبيرة من عائداتها ، بكل بساطة شل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، حكومة الاحتلال معنية بسلطة ضعيفة، ولكن ليست معنية في انهيار السلطة. وأضاف:" إذا حجزت هذه العائدات لمدة طويلة، دون أن يكون هناك بديل لهذه العائدات بمساعدات عربية أو منح دولية ، بالتأكيد هذه وصفة لانهيار السلطة. يشار إلى أن السلطة تواجه أزمة اقتصادية بعد أن أظهرت إحصائيات سلطة النقد أن نسب النمو في تراجع مستمر منذ عام 2010، ووصلت النسبة إلى 1.5٪ خلال العام الماضي.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.