13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
17.62°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة17.62°
الإثنين 02 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: المرأة التونسية و(إنجازات) العهد البائد!

لمى خاطر كيف يمكن لنا أن نتفهم معنى ذلك الإصرار الذي تبديه المنظمات النسوية العلمانية في تونس على الإبقاء على قانون الأحوال الشخصية واعتباره مكتسباً عظيماً لا يجوز المساس به أو التفكير بالنظر في نصوصه، مع العلم أنه صدر في عهد الرئيس التونسي الأسبق بورقيبة وحافظ عليه سلفه المخلوع زين العابدين بن علي لأنه رأى فيه وجهاً (مشرقا) لنظامه العلماني المتطرف. التغيرات القانونية والدستورية التي حدثت في ظل النظام التونسي السابق لم تكن منّة منه، ولا جاءت نتيجة ضغط الشارع أو نضال تياراته ومنظماته، بل هي في حقيقتها تتساوق مع نهج تجفيف منابع الدين الذي تبناه النظام، كما أنها ليست منفصلة عن نهجه الشمولي الفاسد، ولهذا فلا يبدو مستوعباً أن يراد الآن الانتفاض على كل مفاصل الدستور السابق، واستثناء ما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية فقط. لا ننكر أن هذا القانون فيه جوانب إيجابية تنصف المرأة وتضمن حقوقها، وهو ما عبر عنه الشيخ راشد الغنوشي بالقول إنه يأتي ضمن (الاجتهاد الإسلامي) وذلك بعد الهجمة التي أطلقها علمانيو تونس ضد حركة النهضة مستخدمين (كليشيهات) بالية حول خطر الحركة على المجتمع وسعيها للعودة بالنساء إلى العصور الظلامية وحبسهن في البيوت، وغير ذلك من الاتهامات الجوفاء، مع أن حركة النهضة بالأصل تبدي قدراً من المرونة في أدبياتها قد لا نجده لدى غيرها من الحركات الإسلامية. لكن إيجابية بعض جوانب قانون الأحوال الشخصية يجب ألا تصرف الأنظار عن احتوائه على قضايا لا تقبل الاجتهاد، كقانون حظر تعدد الزوجات، أو ما نسمع عنه اليوم من مطالبات بإقرار المساواة الكاملة في الميراث بين الرجل والمرأة، إذ لا اجتهاد في موضع النص كما نعلم، ومثل هذه القضايا فيها تنكر صريح للدين وإنكار لنصوصه، وإلغاء لدوره في الحياة العامة لمجتمع مسلم لا يقبل التفريط بهويته، بدليل كثافة العودة للمساجد والانتشار الملحوظ للحجاب في تونس بعد سقوط نظام بن علي الذي كان يحظر الحجاب في الجامعات والوظائف العمومية، ويفرض قيوداً حديدية على كل المظاهر الدينية. لا نعرف بماذا ستردّ المنظمات النسوية العلمانية في حال كان هناك إنكار شعبي ونسائي لبعض قوانين الأحوال الشخصية في الشارع التونسي، أو مطالبات بتعديلها، هل ستمارس قمعاً فكرياً واجتماعياً من نوع آخر وتلزمه بقوانين بعضها يخالف نصوصاً صريحة في الشريعة؟ خصوصاً وأن بعض تلك المنظمات نجدها متحفظة على عودة الحجاب للانتشار في تونس، وترى فيه تهديداً لمكتسبات المرأة في تونس! حركة النهضة بدورها ليست مطالبة بالإسراف في إيجاد المخارج لتعنّت العلمانيين والعلمانيات، ليس فقط لأن عليها الإبقاء على خصوصيتها الإسلامية ورسالتها الحضارية المشرقة، ولا لأنها في غنى عن شهادة المتطرفين الليبراليين، بل كذلك لأنه لا يصح بأي حال القبول بقانون فيه إنكار صريح لنص ديني لا يقبل الاجتهاد، ولأنه لا سبيل لتغييب الدين وأحكامه من حياة شعب مسلم، بل يجب على كل نظام حاكم أو تيار سياسي أو تنظيم اجتماعي أن يحترم خصوصياته الدينية وفطرته وعقائده، ولا يجوز تصوير هذه المطالب بأنها قادمة من حجر الحركات الإسلامية، لأنها في الأساس جزء من الهوية الدينية والثقافية والاجتماعية للمجتمع كله. وإن كانت هناك جهة مطالبة بإرسال إشارات (الطمأنة) لهذا المجتمع، فهي تلك العلمانية وليس غيرها، لأن إبقاءها على اللون الفكري المتطرف لنهجها لا يعني فقط أنها ستكون وجهاً آخر للنظام البائد، بل إنها ستحمل كذلك معاول تهديد وإفساد للبنية الاجتماعية برمّتها!