31.68°القدس
31.44°رام الله
30.53°الخليل
32.74°غزة
31.68° القدس
رام الله31.44°
الخليل30.53°
غزة32.74°
السبت 12 يوليو 2025
4.5جنيه إسترليني
4.7دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.33دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.5
دينار أردني4.7
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.33

خبر: ذكريات نكسة 67 على لسان من عاشوها

لا تفارق ذاكرة السبعيني مازن صالح مبسلط، من مدينة طوباس، لحظات وفاة عمته عطشاً خلال رحلة فرارها إلى الأردن، بعد سقوط تلك المدينة تحت الاحتلال، إبان نكسة حزيران عام 67. فيما قص الثمانيني رافع فهد خضيري، حكاية سقوط المدينة، بينما سلط التسعيني جودت المصري، الضوء على كثير من تفاصيل السادس من حزيران، في وقت لا تزال فيه رفعة المصري، تتذكر تلك اللحظات التي عادت فيها من أجل حصد محصولها بعد الاحتلال، فيما نقل السبعيني العريف السابق في الجيش الأردني، عزت محمد صوافطة، التفاصيل المرة من رحلة عودته إلى مدينته قادما من القدس. وكان هؤلاء، يروون شهاداتهم الحية لبرنامج "أصوات من طوباس"، الذي واصلت وزارة الإعلام تخصيصه لعرض شهادات رجال ونساء عاصروا نكسة العام 1967، واستضافت هؤلاء في الحلقة الثالثة عشرة من هذا البرنامج. [title]قصص العلقم[/title] وتعيش في أوراق رافع خضيري، حكاية شمس السادس من حزيران، حين بدأت الدبابات الإسرائيلية بدخول طوباس من ناحية جنين، فيما أخطأ الناس التقدير، وظنوها عراقية فراح بعضهم يغني لها. يقول: "نشب قتال في منطقة الشهداء، ولم نشاهد معارك في طوباس، ولا ننسى دور سليمان الصالح (أبو هاشم)، والذي كان يجبر الفارين من المنطقة على العودة إليها، حين راح يحصد لهم محصول القمح بالمجان، ويطلب منهم البقاء في أرضهم، وعدم تكرار ما حل العام 1948". ويضيف: "شاهدت جثث لسبعة شهداء من الجيش الأردني بين العقبة وطوباس، ولا أنسى كيف أن جنود الاحتلال كانوا يرمون علينا التوفة (السكاكر)، ثم هاجموا مخفر الشرطة، واستولوا على كل شيء فيه، وحولوا المدرسة الثانوية إلى معسكر". ووفقا لما قاله خضيري، فإنه كان شاهدا على بناء سد من الإسمنت في منطقة عقابا، لكنه لم يعمل فيه، فيما لم يعرف الأهالي سبب إقامة الجيش الأردني لهذا السد، وراح بعضهم يطلق الشائعات حوله، واعتبره آخرون لصد الدبابات ومنعها من الوصول إلى طوباس. ويوالي: "سمعنا عن قصف طائرات الاحتلال لعائلة سهيل مسعود خضيري، وقد سقط شهداء وجرحى من الأطفال والنساء، في قلب الشاحنة التي أقلتهم إلى الضفة الشرقية من النهر". ويعتبر خضيري، أن احتلال الساكوت والدير، والاستيلاء على جباريس وسهل قاعون، وبزيق، ويرزا، بدءا من النكبة ومرورا بالنكسة وحتى اليوم، قد أفقد طوباس الرئة التي تتنفس منها، خاصة أن تلك المناطق تحتوي على أراض شاسعة وثروة حيوانية ومراع خضراء. أما مازن صالح مبسلط، والذي أبصر النور في العام 1945، فيقول: "كنت يوم النكسة ابن 22 سنة، وشاهدت جثة عمتي طليعة صالح مبسلط، وسمعت من الجيران كيف أنها ماتت من العطش في سهل البقيعة، وقد غطاها بعض الفارين بالقش. ولا أنسى الرائحة التي كانت في المنطقة، وقد رأيت جثثا لثلاثة شهداء في منطقة عينون، واحدة لعلي أبو القرون، والثانية لشاب من قرية الفندقومية في جنين". [title]فرار وهلع[/title] ما زالت ذاكرة جودت جميل المصري، والذي ولد في العام 1919، وكان عضوا في بلدية طوباس، وأسس ناديها الرياضي العام 1951، بكامل عافيتها، فيقول: "قبل النكسة بساعات، أرسل لنا أصحابنا في الزبابدة أطفالهم ونساءهم للهرب من الحرب. وكنت أعمل مسؤولا في الدفاع المدني، وتسلمت سلاحا رشاشا، وحقيبة فيها أدوات إسعاف، وبعد سقوط البلد، أرسل لي جنود الاحتلال تبليغا لمراجعتهم، فهربت إلى الأردن، وقبلها شاهدت طائرة إسرائيلية وهي تقصف دبابة أردنية مدخل البلدة، وسقط فيها خمسة شهداء أقمنا لهم القبور في أرضي مقبرة لا زالت إلى اليوم". ويروي: "حصلت النكسة في طوباس قبل ظهر السادس من حزيران، وكانت الطريق إلى نهر الأردن مليئة بالفارين، ولم يبق في البلدة غير الرجال الكبار في السن. وكان أخي حكمت ينقل الركاب على جراره، ويأخذ منهم خمسة دنانير". ويزيد المصري: "كان الناس يظنون أن الطائرات الإسرائيلية، حين تبتعد عن النظر وتختفي عنهم، سقطت بفعل الرصاص الذي يطلق عليها". وتقول التسعينية رفعة المصري: "هربنا من المدينة، وقطعنا الشريعة (نهر الأردن)، وشاهدت الناس في سيارات وعلى الحمير ومشيا، وقطعنا النهر من منطقة أبو السوس، وذقنا الويل والخوف، وبعد النكسة بأسبوع، رجعت إلى أرضنا في الغور، وحصدت القمح، وبعته بـ70دينارا، وأعطاني التاجر عشرة دنانير فراطة (فكة)، ولم أجد من يبدلها لي لورق، وعدت إلى عمان". [title]من القدس إلى طوباس[/title] وعندما وقعت النكسة، كان عزت محمد صوافطة، يعمل عريفا في الجيش الأردني في مدينة القدس، ووقتها، قرر ألا يفر إلى الضفة الشرقية، وأن يرجع إلى طوباس، مهما كلف الأمر. ويستطرد: "كانت القدس خالية من الناس يوم 6 حزيران، وقرابة الساعة الخامسة مساء هجم اليهود على المدينة، وأتذكر لحظات مهاجمة مركزنا في بدو، حين اقتحموه عن طريق قطنة - أبو غوش، حوالي الساعة السادسة والنصف، بعد الدخول من منطقة الرادار، ونشبت مقاومة في منطقة بدو فوق القبيبة، وأطلق الجيش الأردني النار من داخل المعسكر، ولكن كانت أسلحة الاحتلال أحدث وأكثر، ولم تدم المقاومة في المنطقة غير ساعة وربع. وعند الصباح، شاهدت جيش اليهود وهو يحتل قطنة والقبيبة، وأدركت أن البلاد سقطت، فقررت أن أخرج من معسكر قطنة بمنطقة خراب اللحم، وكان معي الشاويش سليمان تركي من بيتا في نابلس، وأبو مجاهد من بورين، واستشهد في اليوم نفسه، ومقابل بدو، وعلى شارعها العام، كان يجتمع شبان من الخليل بين الأشجار، يريدون الذهاب إلى رام الله، ولكنهم لا يستطيعون قطع الشارع، لوجود دورية للاحتلال على بعد نصف كيلو متر منهم في الجبل، والتقيت بالجندي محمد عطوة من الكرك، وارتدينا الزي المدني". ووفق صوافطة، فإن أحد الشبان اجتاز الشارع، ولم تصبه الرصاصات الإسرائيلية، فكرر زميله أبو مجاهد العبور، غير أن الرصاص أصابه فاستشهد على الفور بعد إصابته بالبطن، فيما قرر هو أن يمشى نحوهم مباشرة، ولما وصلهم شاهد جنديين إسرائيليين، كان أحدهم بدويا، وما أن وصل إلا واتهمه بأنه جندي عراقي، وطلب منه أن يقف جانبا. وتابع، "بعد وقت قصير بدأ الجندي بمحاورتي، وتفحص رقبتي، وفتش ملابسي، وسألني عن مهنتي، وعلاقتي بالجيش العراقي والأردني، إلا أنني قلت له إنني اعمل في تنظيف بيوت المغتربين في شعفاط، وأريد أن أذهب إلى عائلتي في رام الله، فسمح لي بالمغادرة، وسألتهم، هل ستقتلوني كما فعلتم بالرجل قبل قليل؟ فأجاب: لا". ويتابع: "وصلت عين عريك ليلا، وشاهدت الناس يقفون بجانب مقبرة، وسألت عن شاب أعرفه يعرف الطريق إلى نابلس، والتقيت بالجندي الكركي، فدلونا على رجل يعمل بالكسارة اسمه أبو فهمي، فاستقبلنا، وفي صباح اليوم التالي، سمعت من الإذاعة سقوط البلاد، ثم سألني المضيف عن عملي، فقلت إني عامل، فرد علي أنه يعرف الناس من وجوههم، وقال: أنت لست بعامل، وطلب مني أن أقول الحقيقة، فقلت إنني جندي".