26.07°القدس
25.52°رام الله
26.08°الخليل
26.55°غزة
26.07° القدس
رام الله25.52°
الخليل26.08°
غزة26.55°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: "حماس" ما بعد التخلص من كوة النار

لن يفضي تشكيل حكومة التكنوقراط برئاسة رامي الحمد الله إلى إحلال المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، العكس تماماً، وعلى ما يبدو، فتشكيل الحكومة سيفتح فصلاً آخر في الانقسام، وذلك بسبب نوايا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحقيقية. فعباس ينطلق من افتراض مفاده أن حركة حماس قبلت اتفاق المصالحة من منطلق الضعف، وبالتالي ليس أمامها إلا قبول إملاءاته. وقد وجدت توجهات عباس هذه تعابيرها في الكثير من مظاهر السلوك، مثل: إصراره على تفكيك وزارة شؤون الأسرى، عدم الاستعداد لدفع رواتب موظفي حكومة غزة، تشديده بشكل احتفالي على أن التنسيق الأمني مع إسرائيل «مقدس»، وغيرها. فبمجرد أن تم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، أنهى عباس اتصالاته مع حركة حماس، وسمح لبعض مقربيه بفتح حرب كلامية ضد حماس. وهناك ما يؤشر على أن عباس في ذروة تنسيق مع قوى إقليمية عربية لتحويل اتفاق المصالحة إلى آلية لتقليم أظافر حركة حماس والقضاء على قوتها العسكرية، مع العلم أن المستفيد الأبرز من هذا المخطط هو إسرائيل. لكن على الرغم من ذلك، فأنه لم يكن أمام حركة حماس بد، سوى التوصل لهذا الاتفاق لتخليصها من كوة النار المتمثلة في استحقاقات الحكم المستحيلة، سيما في ظل تشديد الحصار، وعجز حكومة الحركة عن الوفاء بدفع الرواتب لموظفيها، علاوة على أن هناك ما يؤشر على أن الحكومة توشك على العجز عن تقديم الخدمات في حدها الأدنى. لقد أحرقت كوة النار الملتهبة هذه أطراف حماس وقلصت هامش المناورة أمام قيادتها ودفعت بها إلى دائرة تناقضات بائسة، فاقمتها جملة التحولات الإقليمية التي يعد أبرزها الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، مما زاد الأمور تعقيداً. لكن السؤال المهم، الذي يطرح نفسه هنا بقوة: ما يتوجب على حماس فعله بعد خروجها من دائرة الحكم؟. وكيف بإمكانها أن تحول تحديات ما بعد الحكم إلى فرصة تعزز وجودها وقدرتها على الفعل. تقييم التجربة إن أول ما يتوجب على قيادة حماس التصدي له هو إجراء عملية إعادة تقييم شامل لمسارها السياسي منذ أن خاضت انتخابات 2006 حتى الآن، واستخلاص العبر المطلوبة بشفافية؛ لأننا نسمع صوتين داخل قيادة حركة حماس. فهناك من يرى أن خوض غمار الانتخابات وتشكيل الحكومة كان خطأ إستراتيجياً جسيماً وأنه يتوجب على الحركة عدم العودة لهذه التجربة ما دام هناك احتلال وكانت مقاومة. وفي المقابل، هناك من لا يزال يدافع عن هذا القرار ويشيد بتجربة الحكم، ويجاهر بأن الحركة لن تتردد في المشاركة في الانتخابات مستقبلاً، بل أن الأمور وصلت إلى حد أن البعض يتحدث علانية عن إمكانية المشاركة في انتخابات رئاسة السلطة. ومن الواضح أن حجج المدافعين عن تجربة الجمع بين الحكم والمقاومة ضعيفة وغير متماسكة. ونظراً لأن حركة حماس لا تستطيع التأثير بشكل جدي على البيئة الإقليمية بما يحسن من شروط دورها السياسي الداخلي، فإن أي قرار بالمشاركة في الحكم تحت شروط أوسلو لن يصب في صالحها. وهناك سؤال آخر يتوجب استدعاؤه: لماذا لم تغادر حماس الحكم عندما كانت في أقوى أوضاعها، سيما بعد انتهاء حرب 2012، حيث كان من المؤكد أنها كانت ستجني نقاطا كبيرة. الخطوة القادمة يفرض الخروج من الحكومة على حماس تبني برنامجاً مختلفاً واضحاً وصريحاً، يأخذ بعين الاعتبار استنتاجاتها من تجربة الحكم ونقاط الضعف التي كشفت عنها هذه التجربة، وهي ليست بالقليلة. ومما لا شك فيه أن حماس مطالبة بالأساس استعادة زخم الالتحام بالجماهير الفلسطينية، وهو الالتحام الذي تضرر في أعقاب تجربة الحكم. ومما لا شك فيه أن انجاز هذا الهدف يستدعي صياغة برنامج عمل شامل، تسبق صياغته عملية عصف فكري جادة. ويجب أن يتصدى برنامج العمل الجديد للحركة لدعم مقومات صمود الجماهير الفلسطينية، والعمل على أن تكون المقاومة عامل إسناد لهذا الصمود، على اعتبار أن هذه الجماهير تمثل أهم وأقوى حاضنة للمقاومة. ويجب أن تدرك الحركة أنه يجب تصميم العمل المقاوم لكي يراعي حدود هذا الصمود، بغض النظر عن موقع حركة حماس. ومما لا شك فيه أن تخلص حماس من الحكم يساعدها على إعادة بناء علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية على أساس الموقف من المقاومة ودعم صمود الجماهيري الفلسطينية. ومن نافلة القول، إن حركة حماس مطالبة بالاستعداد لإمكانية أن تتعرض لخيانة، بحيث تتكالب أطراف عدة على استغلال اتفاق المصالحة لضربها. على الرغم من أن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً، حيث ان الجميع يدرك أن حركة حماس لديها حالياً من القوة العسكرية ما يمكنها من خلط الأوراق، لكن القيادة الحكيمة يجب أن تتحوط للأسوأ. إن أحد الخيارات التي يتوجب على حماس الاستعداد لتبنيها هو «منهج أبو بصير»، الذي حول مطاردة قريش له وتربصها إلى نقطة تحول فارقة في الصراع مع أهل الباطل. لقد كان منهج أبي بصير نتاج عملية تفكير من خارج الصندوق، ففاجأ آسريه فقتل أحدهم وفر الآخر ليسدل الستار تماماً على تنفيذ البند المتعلق بتسليم المسلمين الفارين من مكة للمدينة في صلح الحديبية، وهو التحول الذي مهد في النهاية لفتح مكة نفسها.