25.54°القدس
25.22°رام الله
24.42°الخليل
25.68°غزة
25.54° القدس
رام الله25.22°
الخليل24.42°
غزة25.68°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: الفتكُ لا يُميت فكرة!

ليس أمراً جديداً أن يشن الاحتلال الإسرائيلي حملةً انتقامية مسعورة بحقّ قيادات وكوادر وأنصار حركة حماس على خلفية حدوث عملية عسكرية ضد الاحتلال، وليس جديداً أن تعود السجون لتمتلئ بأبناء الحركة، وهي التي لم تفرغ منهم يوما، ولعلّ الحملة الأخيرة التي ما زالت مستمرة منذ اختفاء المستوطنين الثلاثة تشبه إلى حدّ بعيد تلك التي شنّها الاحتلال على الحركة عقب أسر الجندي (نسيم توليدانو) عام 1992، وتطورت باتجاه إبعاد المئات من قادة حماس والجهاد إلى مرج الزهور، ثم عادوا إلى فلسطين بعد صمودهم الأسطوري على حدودها. الجديد هذه المرة، أن الحملة لم تتوقف بعد، وليس معروفاً الحد الذي ستنتهي عنده، نظراً لأن مصير المستوطنين الثلاثة ما زال مجهولاً حتى اللحظة، والجديد أن حماس تواجه هذه الحملة وهي تستند إلى إرث جهادي عظيم وممتد، بمعنى أن اعتبارات القلق على مصير الفكرة والمشروع المقاوم لم تعد حاضرة، فما واجهته الحركة في عموم فلسطين وخصوصاً في غزة بعد أسر شاليط ثم حربي الفرقان وحجارة السجيل لم يكن أقلّ فتكاً من الحملة الأخيرة، لكن الحركة صمدت وقاومت واشتدّ بأسها، ولم تحُل كل محاولات الإفناء من إتمام صفقة وفاء الأحرار المشرّفة، ولا من تعاظم قوة حماس العسكرية في غزة، حيث الساحة التي تم فيها أسر الجندي والاحتفاظ به خمس سنوات. الجديد أيضا، أن حماس الضفة في هذه المرحلة تحديداً لا تملك ما تخشى خسارته، وقد عايشت على مدار السنوات السبع السابقة استنزافاً متواصلاً من قبل الاحتلال والسلطة على حد سواء، وتم تجريدها من كل مقوّمات عملها التنظيمي؛ فالمجلس التشريعي الذي تشكّل غالبيته معطّل، ومؤسساتها تم السطو عليها وتغيير إداراتها، وعملها التنظيمي والدعوي والطلابي والإغاثي محاصر ومحظور، وأبناؤها ملاحقون في أرزاقهم ووظائفهم، وتتناوشهم سجون الاحتلال والسلطة.. أي أن أثمان العمل المقاوم التي ستدفعها الحركة في الضفة تحديداً لن تشكّل فرقاً كبيراً عما هو حاصل أصلا، وليس متوقّعاً أن تفتّ من عضد الحركة أو جمهورها، وهو الذي ما انفكّ يعيش أجواء الملاحقة والمراقبة والتضييق. حملة الاحتلال لن تضعف حماس حتى وإن فتكت ببناها التنظيمية أو عطلت حركتها، لكنّها ستصلّب عود فكرتها، وستعيد مسار المواجهة مع الاحتلال إلى سياقه الصحيح، وستضعف في المقابل جهود ومحاولات تزييف المشهد الفلسطيني الجارية منذ سنوات، والتي نفت منه أهم قضية وهي وجود الاحتلال وواجب مقاومته. ما زال الوقت مبكّراً على الجزم بحقيقة ما جرى، وعلاقة حماس بالعملية، ولكن إن ثبت أنها عملية أسر فسيكون هناك الكثير مما ينبغي قوله حول أبعادها المختلفة، وآثارها الكبيرة على الوعي الفلسطيني، وعلى المشهد برمّته، لأنها ستدشن بداية مرحلة جديدة مختلفة عن سابقتها، حتى وإن لم تتكلل العملية بالنجاح، أو لم تُفلح في الوصول إلى مرحلة التفاوض لتحرير الأسرى الفلسطينيين. ومن يتابع حجم ومستوى تفاعل الشارع الفلسطيني مع العملية، سيُدرك أن المقاومة ستبقى صاحبة البصمة الأعمق في الوعي الجمعي، وأن عملية واحدة كفيلة بأن تفرض إرادة المواجهة وتحرر العزائم من الخوف والوهن، لتؤسس لمرحلة جديدة قادرة على تجاوز واقع الاستنزاف، وتصحيح المسار، وإعادة الاعتبار لمشروع التحرير، وثقافة المقاومة.