26.07°القدس
25.52°رام الله
26.08°الخليل
26.55°غزة
26.07° القدس
رام الله25.52°
الخليل26.08°
غزة26.55°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: لا استقالة ولا إقالة!

كانت مفارقة واضحة بين مرحلة استعملني يا رسول الله ومرحلة وفاته في الصحراء وحيدا! فهل كانت مفارقة حقا أم أن أبا ذر وعى درس رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال له «يا أبا ذر إنها لأمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»؟ ولكن ما بين المرحلتين لم يقل أبا ذر نفسه من خدمة الدين ولم يغضب لأنه لم يكن في أعلى مراتب قيادة المسلمين فضربته السيرة مثلا للعالمين وظل دعاء الرسول يتردد له مع قصص البطولة الكبرى «رحم الله أبا ذر» بل لما ضعفت الثقة وتخلى الكثيرون وزاغوا كان هو دون سواه محل الثقة يلحق دائما بالركب ولو تأخر والرسول ينتظره كل يوم دون سواه ويناجي طيفه في الأفق قائلا «كن أبا ذر» ليضرب مثلا آخر في الاستمساك بالحق والسير على ذات الطريق وليقول لمن بعده ذات العبارة كلما تباطأ مسيرهم أو تاهوا، لم يغضب أبو ذر أنه طلب الولاية ولم يعطها كما لم يغضب الصحابة عندما أخرهم رسول الله إلى الصف الثاني وقدم حديث السن أسامة بن زيد ولم يغضب خالد بن الوليد عندما عزله عمر عن قيادة الجيش وهو في أوج انتصاراته ببساطة؛ لأن انتمائهم للفكرة ولمشروع الإسلام كان يتجاوز كل اعتبار وتقدير وأولها ذواتهم والكل يساهم سواء أكان في القلب أو على الأطراف وما تردى حال الدولة الإسلامية إلا عندما أصبحت الأسماء تنافس الأسماء فجاء الأمويون وقاتلهم العباسيون وهكذا دواليك وبدل أن تتكافأ دماء المسلمين في نصرة دينهم أصبحت تراق على سيوف بعضهم! لم يكن كل الصحابة بنفس الدرجة من القربى والصحبة والتوافق وكان بينهم خلافات ولكنها كانت دائما تحل في دائرة الصف الواحد ليعود بينهم الصلح والتعاون في أجمل صوره أو على الأقل سلامة الصدر في أدناها، ولذلك كان من أعظم قصص غضب الرسول عندما رأى أن صحابته نسوا ما يجمعهم وما أبلغهم العز والمجد والسلطان وعادوا يتنادون بقيم الدنيا ويتنازعون على أنساب الجاهلية بين اوس وخزرج فكادوا أن يضرب بعضهم رقاب بعض. إن مجموع هذه السير ليؤكد لنا أن حالة العمل الإسلامي في أبهى العصور وخير القرون لم تكن حالة منزهة عن الصغائر فحيثما وجد الإنسان يكون الخطأ، الفرق بين عصرنا وعصورهم أنهم كانوا ينحون الخاص لأجل العام ولو على حساب أنفسهم وأسمائهم وتاريخهم وحسن بلائهم لتظل راية الإسلام هي العليا ونحن نغرق في الحسابات الخاصة واصطناع ما نظنه مجدا شخصيا أو الترسيخ لفكر أو خط معين وننسى أن الله هو المعز والمذل وهو الخافض وهو الرافع وهو الذي يستخدم من يصطفي من عباده وهو الذي يستبدل من لا يليق وهو الذي يفتح قلوب عباده وهو سبحانه من ينزع المحبة والقبول منها أيضا ونحن كما نُنصر بضعفائنا فكذلك نهزم بأخطاء كبرائنا، وان التمحيص ينال المؤمنين ليمتحن أصحاب الولاء الخالص لله ومن خاضوا وخلطوا في النوايا والأعمال. ما يغفل عنه الإسلاميون أنهم أصبحوا في مرحلة الربيع العربي تحت المجهر، فكل حركة وسكنة وخطوة محسوبة عليهم والمتربصون يبهرون ويبالغون صغير الأخطاء ويتناسون الانجاز، يتناسى الإسلاميون انه لم يعد مجال للخفاء ولا للطبطبة وأن البيت الداخلي أصبح مفتوحا للعيان والبعض ينتظر ليقول فقط: انظروا ما يفعله الإسلاميون فمن لم يستطع إدارة حزب أو جماعة أو حركة بما يجمع الأعضاء من توافقات كثيرة هل سيفلح بحكم شعب على اختلاف أطيافه؟! أسوأ ما قد يفعله أي إسلامي بخطأ عام أو خاص أن يكون سببا في تحويل الناس عن فكرة الإسلام ومشروعه و صلاحيته للحكم! ما حصل في مصر لم يكن حالة فردية في النمط الإسلامي بل أشار بوضوح إلى وجود أخطاء تراكمت مع عوامل أخرى من الاستهداف الخارجي حتى مادت بذلك الانجاز والصرح وإذا كان الإسلاميون تتكافأ أفكارهم وتصرفاتهم فإن الايجابيات في مكان تعم على الجميع وكذلك السلبيات قد تكون سببا في بداية نخر يتجاوز المكان والزمان وما تظنه كلمة ألقيتها دون تمحيص أو فعل دون إخلاص قد تعم عواقبه وتمتد! إن الخارج قد أعلن العداء صراحة للإسلام ولكل مشروع إسلامي صادق ولم يبال بإراقة الدماء وتعليق الناس على أعواد المشانق والارتداد إلى حقبة ظلامية من تاريخنا العربي والصمود لذلك يحتاج صفا قويا متماسكا ملتزما بالمبادئ لا يبالي بالشخوص ولا بأخطاء الأفراد ولا اجتهاداتهم فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ومن أخطأ في تأجير عقله أو ذمته لا يكون حجة سوى على نفسه! إنا لم نكن نهذي عندما آمنّا أن الحق يعرف بالحق ولا يعرف بالرجال وإننا مطالبون بالعمل دون النظر إلى من أخطأ أو تخلف أو تغيرت مبادئه. الهزيمة كل الهزيمة أن يؤذي فعلك الدين من حيث ظننت انك تنصره، وسوف أعارض الأخت اميمة الأخرس التي قالت «إن الأرض إذا زلزلت لا ينجو منها إلا أصحاب الخيام» لأقول: إن الأرض إذا زلزلت فإن أصحاب الخيم قد يكونون أول المزلزلين إن سكتوا عن حق أو برروا الباطل. العمل للإسلام ليس خيارا إنه فرض ودليل الإيمان ولا أحد يملك أن يعطيك هذا الحق أو يفسح لك مكانا، ولو ظن ذلك، أنت الوحيد الذي تستخدم نفسك في طاعة الله أو تقيلها.