26.63°القدس
26.21°رام الله
26.08°الخليل
26.88°غزة
26.63° القدس
رام الله26.21°
الخليل26.08°
غزة26.88°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: (إسرائيل) ومستقبل الاتحاد الأوروبي

أدت الانتخابات التي جرت على امتداد الاتحاد الأوروبي لانتخاب برلمان جديد وما أفضت عنه من صعود لليمين الحزبي في أوروبا، وهي مجموعة الأحزاب التي ترى في وحدة دول الاتحاد الأوروبي خطراً على مستقبلها السياسي لكل دولة على حدة، إلى ارتياح عارم في المشهد السياسي الإسرائيلي الذي وجد ضالته على ما يبدو في صعود هذه الأحزاب وما قد يترتب على ذلك من أزمات مستقبلية لكيان الاتحاد الأوروبي الذي لا يتشارك في كثير من المواقف مع (إسرائيل). انتخابات مايو/أيار 2014 تميزت بصعود أقصى اليمين السياسي الذي تقدّم النتائج في دول أبرزها فرنسا وبريطانيا والدانمارك. إنها المرة الأولى التي يحاول فيها أقصى اليمين الانتظام في جبهة مشتركة عبر القارة، فليس اليمين الأوروبي المتطرِّف حالة متماثلة، بل تتعدّد خصائصه وتفترق بما يفسِّر عجزه في ما سبق عن تشكيل كتلة موحّدة بتأثير المنابت القومية المتنافرة والنزعات الوطنية المستقلّة. وقد أخذ اليمين المتطرّف في السنوات الأخيرة يحدِّد ما يجمعه من شعارات بمعارضة الوحدة الأوروبية، والتحذير من الهجرة واللجوء والتنوّع الثقافي، ومعاداة الإسلام والتمييز العملي ضد المسلمين، والمبالغة في تأييد الاحتلال الإسرائيلي الذي يمثل "قاعدة متقدمة في الدفاع عن أوروبا في وجه التطرّف الإسلامي"، كما يقول بعضهم. لقد انكفأت الاهتمامات الأوروبية في ساعة الاقتراع على الشواغل الداخلية، وذاب الحديث عن أوروبا وعن دورها في جوارها والعالم. لم يُصوِّت الناخبون على السياسات الخارجية إلاّ بقدر ملامسة اليمين المتطرِّف لملفّات الهجرة واللجوء وصدّ القادمين من وراء البحر، علاوة على التعريض بالملف التركيّ المشحون بالدلالات الرمزية. ورغم أنّ أياً من المسؤولين الإسرائيليين لم يعبّر عن رضاه علناً عن نتائج هذه الانتخابات، غير أن تقريراً إسرائيلياً يؤكد أن "تل أبيب" ترحب "بصمت" بصعود قوة اليمين المتطرف في أوروبا، لأنه قد يفضي إلى تحقيق نتيجتين تمثلان إنجازاً استراتيجياً لـ(إسرائيل): وقف "أسلمة" أوروبا، وزيادة الهجرة اليهودية من أوروبا إلى الكيان الإسرائيلي. وبحسب موقع "يسرائيل بولسي"، فإن (إسرائيل) ترى أن صعود اليمين المتطرف سيحول دون "أسلمة" أوروبا، على اعتبار أن أهمّ مواد البرنامج الذي تبنته أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا كان الموقف الصارم ضد تواصل موجات الهجرة الإسلامية إليها. واعتبرت الصحيفة أن الاعتقاد في (إسرائيل) هو أن صعود قوة اليمين المتطرف في أوروبا لا يرجع إلى تنامي مشاعر "اللاسامية" ضد اليهود، بقدر ما يعبّر عن رفض هجرة المسلمين إلى أوروبا، وما يعزّز ذلك نتائج استطلاع شامل أجراه "معهد كونتور"، التابع لجامعة (تل أبيب)، وأظهر تراجعاً كبيراً في عدد الحوادث "اللاسامية" التي تعرّض لها اليهود في أرجاء أوروبا خلال العام الماضي. يشير التقرير إلى أن معظم الدول التي حقق فيها اليمين المتطرف نتائج كبيرة في الانتخابات الأخيرة ليست ذات سجل في مجال أنشطة "معاداة السامية". وينقل عن محافل إسرائيلية قولها إن الربط بين زيادة قوة اليمين المتطرف بتعاظم التوجهات "اللاسامية" في أوروبا هو ربط "سطحي". وحسب هذه المحافل، فإن "اللاسامية الكلاسيكية" القديمة التي ترى في اليهود مجرد "طفيليين مصاصي دماء"، بلغت أوجها مع صعود النازية في أوروبا، في أربعينيات الماضي، وتراجعت بعد ذلك. وتجزم بأن "اللاسامية الجديدة في أوروبا تمثلها الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تعاظم دورها مع زيادة موجات الهجرة من البلدان العربية والإسلامية إلى القارة العجوز". يؤكد التقرير أن "تل أبيب" تبدو مرتاحة لنتائج الانتخابات الأوروبية، إذ إن الرأي السائد لدى القيادة الإسرائيلية هو أنه عند المفاضلة بين "أوروبا المتأسلمة" و"أوروبا اللاسامية"، فإن (إسرائيل) تفضل، بدون تردد، أوروبا اللاسامية. ووفق هذه المحافل، فإن (إسرائيل) تأمل أن يسهم صعود اليمين المتطرف كرأس حربة في مواجهة خطر أسلمة أوروبا، وهو الخطر الذي يصل إلى مصافي المخاطر الاستراتيجية التي تخشاها (إسرائيل). ويشير التقرير إلى أن بعض الآراء داخل (إسرائيل) ترى أنه حتى لو ارتبط تصاعد قوة اليمين في أوروبا بتعاظم مظاهر اللاسامية، فإن هذا الأمر قد يصب في صالح (إسرائيل)، لأنه سيدفع بقطاعات كبيرة من اليهود في أوروبا للهجرة إلى (إسرائيل). قد لا يكون البرلمان الأوروبي رواقاً لصنع السياسات الخارجية، كما لا يملك في واقع حاله أدوات المراقبة والمساءلة إزاء هذه السياسات. رغم الإغراء المتزايد الذي تجتذب به بروكسل جماعات الضغط الراغبة في التأثير على جدول الأعمال السياسي، في القارة التي توحّدت في أشياء عدّة ليست السياسة الخارجية أحدها، لكن (إسرائيل) ترى في الانكفاء الأوروبي على مشاكله الداخلية والتركيز على ملفات الهجرة والإسلاموفوبيا مؤشراً على ابتعاد الاتحاد الأوروبي مستقبلاً عن التدخل في قضايا الشرق الأوسط الانشغال بمشكلات الوحدة التي باتت مهددة من قبل أحزاب اليمين الأوروبي أولاً، والمزاج الشعبي داخل الاتحاد الأوروبي تالياً.