17.77°القدس
17.48°رام الله
16.64°الخليل
22.52°غزة
17.77° القدس
رام الله17.48°
الخليل16.64°
غزة22.52°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: المصيدة والفئران والساسة العرب

عزيزي القارئ، بعد انقطاع عن الكتابة دام قرابة شهرين، أعود إلى السبيل والقراء الأعزاء، وإنما انقطعت لمظنة الإفلاس ونفاد المخزون، مع أنّ الواقع غني ومتنوع وطاقة العقل بفضل الخالق العظيم حدودها أوسع وأبعد مما نتخيل، لكن راودني إحساس بإراحة الناس طالما أن ليس عندك ما تقول أو يستحق التسجيل، لكنّ أمر الكرام في السبيل مُطاعٌ، فأجبتُ الداعي، وأبدأ بهذه الكلمات على أن نعود بالتدريج، كالذي يتدرب على المشي بعد توقف. واعلم قارئي العزيز أن العنوان وما تحته ليس لي، وحتى لا تُتهم كلماتي بالتطاول، ويطالني ما طال الآخرين، فإني أقول: إن العنوان والسطور التي ستليه كلها من قلم.. وصفي التل.. أحد أقوى رؤساء الوزارات في تاريخ الأردن، أو أقواهم.. ولا يتهمه أحد بالتطاول ولا بغيره. يقول وصفي التل، وهذا المقال مُقتطع من كتابه المعنون (كتابات في القضايا العربية)، وطبعته دار اللواء بعمّان سنة 1400هـ/ 1980م، ويقع في (514) صفحة.. يقول: «أورد أحمد بهاء الدين في مقدمة كتابه الرائع (أيام لها تاريخ) تعريفاً للإنسان بأنه حيوان ذو تاريخ، وفسّر بهاء قوله أن الميزة الأولى التي تميز الإنسان عن الحيوان، أن الإنسان يعرف تجارب من سبقه، ويستفيد من تجاربهم، ويتجنب زلاتهم، وأنه بهذه الميزة وحدها يتطور». (هنا نعترض على بهاء الدين بحكاية «وحدها»، فلماذا لا يتطور عالمنا العربي ما دامت المسألة شبه آلية، وبهذا العامل وحده؟). ونتابع مع النص: «وعلى العكس من ذلك، الحيوان، تستطيع اليوم أن تصطاد الفأر الذي تجده في بيتك بنفس الطريقة التي كان يتم اصطياده بها منذ زمن قديم.. مصيدة وقطعة جبن.. ولو كان في بيتك عشرة فئران لاصطدتها واحداً بعد الآخر، يوماً بعد يوم، بنفس المصيدة وقطعة الجبن.. ذلك أن الفيران ليس لها تاريخ». ثم ينتقل وصفي التل من نص أحمد بهاء الدين إلى تعليقه هو فيقول: «يا ساسة العرب! أيكم حيوان ذو تاريخ؟ والتاريخ بمعنى العبرة. ليست العبرة المستقاة من تاريخ غارق في القِدَم، بل عبرة التاريخ الذي شاهدته أعينكم ولمسته أيديكم.. علام العودة إلى نفس المصيدة وقطعة الجبن! إني أشك أن يعود الفأر نفسه إلى مصيدة سبق أن أخطأته، لأن الفأر على الأقل، قد يتعظ بنفسه. أما الساسة العرب فيعودون واحداً بعد الآخر.. يوماً بعد يوم.. إلى نفس المصيدة وقطعة الجبن. إنهم بلا تاريخ». أ.هـ ومن عجائب مصادفات أو موافقات كتاب وصفي التل أن في الصفحة ذاتها (ص391) مقالاً بعنوان (سقطت بابل) وفيه يقول وصفي: «في بابل – يقصد العراق كما تعلمون– ينقلب المنطق وتكثر المؤامرات، ويتحول الحديث عن الوحدة إلى قضية عطوة عشائرية لإصلاح ذات البين، وإزالة الجفاء عن هذه الجهة وتلك. في بابل اليوم، لم تعد هناك دعوة للوحدة، بل دعوة إلى الذل والضعف في سبيل كراسي الحكم، تلك الكراسي التي تؤمّنها الانفصالية، وتحفظ لها مجدها الزائف، هكذا بابل اليوم، بابل الحكام». وأقول: لو كتبنا بأعلى سقف حرية متخيل ما بلغنا ما بلغ وصفي التل، فلماذا نتحمل التبعات، وقد كفانا الرجل المؤونات؟ أما الصفحة الأولى من الكتاب، وبسطور منها أختم فيقول فيها وصفي: «علة عللنا في قضايانا أننا نرتجل ولا نخطط. وكان واجب الأمة العربية أن تخطط لإنقاذ فلسطين فور نزول الكارثة قبل أربع عشرة سنة. والمفروض فينا هنا أن نكون أول من يدرك أهمية وجود هذا المخطط. نعم، إن واجب الأردن أن يتولى وضع هذا المخطط، والأردن هو المؤهل بوضعه السكاني والجغرافي والنفسي والسَّوقي (أي الاستراتيجي) لأنْ يكون قاعدة الانطلاق لتنفيذ مخطط الإنقاذ». أ.هــ وآخر تعليق نقوله على كلام وصفي هو: هذا كله عندما كانت الدنيا بخير، وقمرة وربيع، ولم يكن يجرؤ الحكام الذين تكلم عنهم أن يصطفوا إلى جانب إسرائيل، فتخيل لو كان وصفي يكتب عنهم اليوم ماذا كان يقول؟ وسلامة فهمك، والسلام.