18.57°القدس
18.31°رام الله
17.19°الخليل
23.04°غزة
18.57° القدس
رام الله18.31°
الخليل17.19°
غزة23.04°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: انتفاضة القدس تعري عباس

يفترض أن تمثل انتفاضة القدس المتعاظمة، بالنسبة لرئيس السلطة محمود عباس، مناسبة لإعادة تقييم الموقف واختبار القناعات، لكن من أسف، فقد أثبت عباس أنه عصي على هذا النوع من المهارات التي يفترض أن يتسلح بها كل زعيم وطني يعي حجم الأمانة التي يمثلها تولي المسؤولية. كان يفترض بعباس أن يدرك أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يقبل الاستسلام لعدمية برنامجه السياسي من جانب، وفي الوقت ذاته القبول ما تحاول القيادة اليمينية الهاذية في إسرائيل فرضه وإملاءه. وهذا ما حدث في القدس، عندما هب الشعب الفلسطيني ضد مشاريع الاستيطان والتهويد وسياسة تدنيس المسجد الأقصى، وهذا ما سيحدث في جميع أرجاء الضفة الغربية في المستقبل. انطلقت انتفاضة القدس لأن عناصر أمن عباس لم يتمكنوا من التعرض للشباب الفلسطيني هناك، كما يحدث في الضفة الغربية حالياً، فليس من السهل على أجهزة عباس العمل في القدس المحتلة، وإلا لتم رصد الكثير من الإجراءات الهادفة لردع الشباب المقدسي عن إشعال هذه الانتفاضة. لكن الرسالة وصلت بشكل واضح وجلي، فعندما يترك للشعب الفلسطيني حرية الاختيار، فإنه يختار الحياة والأمل، ممثلا في المقاومة والممانعة، وهذا يتسبب في كثير من الضرر لعباس وزمرته. لكن مشكلة عباس لا تكمن في صور الفتية والأطفال والشباب المقدسي الذي يصر على الاصطدام بجنود الاحتلال، بل أن ما يصدر عن النخب اليسارية الصهيونية التي باتت تقر علناً بأن المسار الذي يقوده عباس يضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية، مثّل مصدرا لتآكل صدقية خطاب عباس. فقادة اليسار الصهيوني باتوا يجاهرون بالقول إن سلوك الحكومة الصهيونية يضفي شرعية على رفض الشعب الفلسطيني لتوجهات عباس وبرنامجه السياسي، بل أن منهم من بات يبدي تفهماً للعمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وهي المقاومة التي يصر عباس على وصفها بـ»العبثية». ونظراً لأن زهافا غلؤون، رئيسة حركة «ميريتس» تعد من الضيوف الدائمين في مقر رئاسة السلطة، فإن ما يصدر عنها، في هذا الشأن يحمل دلالة خاصة. فقد كتبت غالؤون مؤخراً: «نتنياهو يريد أن يقول من خلال سياساته في الضفة الغربية إن التحقير فقط ينتظر المعتدلين من الفلسطينيين، لذا لا يتردد في أن يبصق على عباس في كل فرصة ممكنة (موقع وللا،12-10). ويضيق الجنرال شاؤول أرئيلي، القائد الأسبق لقوات جيش الاحتلال في قطاع غزة، وأحد منظري «معسكر السلام» الإسرائيلي الخناق على عباس، عندما يدلل على أن اصراره على التعاون الأمني مع إسرائيل لم يسفر إلا عن مصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية وتهويدها. فقد كتب أرئيلي، الذي يعتبر أيضاً من الزوار الدائمين في «المقاطعة»: «نتنياهو جعل من عباس أضحوكة في نظر أبناء شعبه، فبدلاً من ان يكافأه على ضبط الأوضاع الأمنية في الضفة في ذروة الحرب على غزة وفي ظل تواصل الاستيطان، فإنه يعاقبه بمصادرة اراضي الضفة (هارتس،18-9 ). ويصف يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في «معاريف» مزاعم عباس بأن التعاون الأمني مع إسرائيل في مواجهة المقاومة، يخدم المصالح «الوطنية» للشعب الفلسطيني. فقد كتب ميلمان: «إسرائيل معنية بضرب حماس، لكنها في الوقت ذاته معنية بتكريس مكانة السلطة ككلب حراسة يلتزم بتعليمات إسرائيل، التي تجد نفسها في حل من تقديم أي تنازلات» (معاريف،7-9). ويؤكد حنان كريستال معلق الشؤون السياسية في سلطة البث الإسرائيلية، وذو التوجهات اليسارية، أن محصلة التعاون الأمني الذي يعكف عليه عباس مع إسرائيل ستكون دوماً صفر بالنسبة للفلسطينيين. ويكرر كريستال في الآونة الأخيرة عبارته القائلة: «لو قدم عباس رؤوس قادة حماس على طبق من ذهب لنتنياهو فلن يوقف الاستيطان ولن يسمح بإقامة دولة فلسطينية». ويبدي الكاتب رويت هيخت خيبة أمل من حرص عباس الشديد على تقديم بوادر حسن النية لإسرائيل، على اعتبار أنها تفضي إلى نتائج عكسية. فقد كتب هيخت، وهو من منظري اليسار الصهيوني: «حرص عباس على التقرب من نتنياهو لا يدفع نتنياهو إلا لتوجيه مزيد من الاهانات له، عباس يبدي ميلاً واضحاً للتصالح ونتنياهو يصر على الرفض»(هارتس،21-6). لكن مما لا شك فيه أن أكثر ما صدر عن نخب اليسار الصهيوني ويمثل احراجاً كبيراً لخطاب عباس، الذي ما فتئ يهاجم المقاومة «العبثية»، يتمثل في سلسلة المقالات التي كتبها مؤخراً رئيس الكنيست الأسبق أبراهام بورغ، والذي كان أحد قادة حزب العمل، ويعد حالياً من رواد مدرسة «ما بعد الصهيونية». فقد كتب بورغ: «الاحتلال هو المسؤول عن دفع الفلسطينيين لعمليات الاختطاف، إن كنا نغضب لخطف جنودنا ومستوطنينا فإننا نختطف المجتمع الفلسطيني بأسره منذ عشرات السنين، ولا يمكن مطالبة الفلسطينيين بوقف سلوكهم هذا قبل تخليصهم من الاحتلال»(هارتس،18-6). ومن الواضح، أنه في ظل الواقع الحالي، فإن انتفاضة القدس لن تسهم فقط في تعرية عباس، بل نزع الشرعية عن برنامجها لسياسي.