20°القدس
19.23°رام الله
18.86°الخليل
21.81°غزة
20° القدس
رام الله19.23°
الخليل18.86°
غزة21.81°
الجمعة 15 نوفمبر 2024
4.74جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.94يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو3.94
دولار أمريكي3.74

خبر: صراع عباس ودحلان.. وسفينة الوطن!

خرجت علينا الخميس مسيرة لأنصار دحلان لتقول كلمتها المنددة بسلوك عباس المريب اتجاه قضايا وطنية أمام البيت الوطني للشعب الفلسطيني "المجلس التشريعي"؛ وذلك إثر عمليات محاسبته لهم على آرائهم بالفصل التنظيمي، وملاحقته لأرزاقهم بمنعها عنهم.. وعجبي من هذا التماهي الشديد من رأس السلطة التنفيذية بين خلاف تنظيمي بحت (هو رئيسها) ومحاسبة وملاحقة في مستحقات الوظيفة العامة (هو مسئول عنها). بداهةً وابتداءً، فإن (عباس رأس السلطة التنفيذية) ليس شأنا فتحاويا لنتغاضى عن سلوكه الوطني المريب، ولو كان كذلك ما كان لي كفلسطيني أن أتناوله إلا بالنصح الصادق على مستقبل حركة وطنية يرأسها لها ماضٍ عريق وبصمة في تاريخ العمل الوطني الفلسطيني !. لكن الواضح أن عباس تجاوز مرحلة العبث بالمصلحة الوطنية إلى حدود الخطر المحدق بالوطن، وهو بذلك ليس شخصا بقدر ما هو تيار مريب ومنظومة عمل فاسدة. فمسيرات أنصار دحلان في غزة اليوم، وبغض النظر عن دوافعها الشخصية في سياق المناكفة بين عباس ودحلان، قد أثبتت بوضوح أن سلوك عباس اللاوطني هو محل اتفاق بين شرائح واسعة ومختلفة في الشعب الفلسطيني. ومما أراه فإن بقاء الحراك ضد عباس مقتصر على أنصار دحلان فقط يحتمل مسارين: الأول: انحسار الظاهرة وتوقفها بعد فترة وجيزة نتيجة مزيد من الضغوط الشخصية على المشاركين (وتحديدا الرواتب)، أو تدخل أطراف خارجية تساعد في تسوية الخلافات الشخصية بين عباس ودحلان ضمن صفقة معينة. الثاني: تمدد أثر الحراك بإرفاده شعبيا وجماهيريا من خلال استغلال المشاعر الوطنية المتأججة على سلوك عباس اللاوطني. إزاء هذا التقدير، فإن تردد حركتيْ حماس والجهاد الإسلامي، باعتبارهما حركات حيّة وفاعلة في الساحة الفلسطينية، عن تقدير اللحظة والتقاطها بالتحشيد الجماهيري للمشاركة في الفعاليات التي أطلقها أنصار دحلان تحت عنوان (إسقاط عباس) –حال استمراريتها، والراجح ذلك باحتدام المناكفة بينهما- يجعلهما في موقع متأخر من المسئولية الوطنية والمبادرة الفاعلة. وهذا بالتأكيد أولى وطنيا بكثير من تلك الاحتفالات في ذكرى رمز أو حركة؛ فمصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية والشخصية. إن المشاركة الشعبية والفصائلية في الفعاليات التي دعا لها أنصار دحلان اليوم ضمن العناوين المتفق عليها وطنيا وعلى رأسها (إسقاط عباس) ليس انتهازية سياسية ولا حزبية.. إنما واجب وطني متأخر اتجاه وطن مخطوف. كما أن عدم اتخاذ موقف واضح وصريح وجريء من القوى الإسلامية والوطنية، وتحديدا حركتيْ حماس والجهاد، اتجاه (توجيه وتعزيز الحراك الشعبي) ضد عباس -أقلّه في العناوين بالغة الإضرار بالمصلحة الوطنية- سيجعلها في موقع المداهنة الحزبية الضيقة على حساب المصلحة العامة. يجب أن تتعدى شعارات (ارحل عباس) و (عباس لا يمثلني) إلى محاولات خلق تيار عمل شعبي يقف ضد عمليات (اغتيال الوطن) على أيدي العابثين بمقدراتنا أيا كانت انتماءاتهم. في الواقع، فإنه يمكن فهم حراك أنصار دحلان في غزة لإسقاط عباس، في ظل علاقات الأخير المتوترة إقليميا والساخطة محليا بالتوازي مع فشل مشروعه السياسي، أنها شارة البدء الدولي لانتهاء دور عباس في المشهد الفلسطيني !. فهل من ملتقط ؟!. وبوضوح أكثر: لست ممن يسعدون كثيرا بحضور شخص دحلان في المشهد الفلسطيني، فقد كان جزءا من منظومة أفسدت الحياة السياسية والأمنية في مرحلة ما وكثير مما ترتب عليهما. ولكن أرى أن التحشيد الجماهيري ضمن عناوين وطنية متفق عليها يعمل على تذويب الشخصنة في فعاليات أنصار دحلان، ليصبح همّا وطنيا بامتياز. وبالمناسبة، فإن الوطن في كثير من تفاصيله يمكن أن يكون قواسم عمل مشترك بين أبنائه المختلفين، وهذا أولى من مساحات التحييد والعزل الوطني. وإن أي تأخر في ذلك هو استدعاء وتعزيز حضور دحلان في ظل احتمالات التمدد الجماهيري الفطري للفعاليات نتيجة ارتفاع منسوب السخط على عباس. وبصراحة أكثر: شخصيا، لم أستسغ الشعار المنقول عن القيادي الكبير في حماس محمود الزهار: (لا نتوضأ بماء نجس)، وذلك في معرض إجابته عن المصالحة بين أنصار حماس ودحلان. ففي السياسة: لا عداوة دائمة، ولا صداقة دائمة.. إنما هناك مصالح دائمة. والانحياز للخيار الديمقراطي يفرض إعلاء صوت الشعب ليقول كلمته يوما ما، والذي سيكون دحلان من ضمن اختياراته في ذلك اليوم !. إن فصل الخلافات السياسية في المحاكم والقضاء أو بالتوافق ضمن مصالحة وطنية هو ما سيحدد مصير العلاقة بين أنصار حماس ودحلان، وما دون ذلك فله تكلفته السلبية العالية على المستوى الحزبي الداخلي. أخلص متوافقا مع أحد الإخوة متابعي تطورات وتداعيات الأحداث في المشهد الفلسطيني عن قرب من دوائر صنع القرار: "ينبغي التفكير الوطني الجدي في مرحلة (ما بعد عباس) الذي يعيش حاليا في حالة من الموت السريري السياسي"، ضمن رؤية واضحة وخطوات مدروسة ومبادءات فاعلة، إذ "لا يجب أن تسهم تصرفاتنا في صناعة طاغية جديد، عانت منه حماس أكثر من عباس نفسه!"، وما لا يكاد يخفى على متجرد "أنه –أي دحلان- جزء من دور إقليمي في محاربة (منهج وفكر) وصول الإسلاميين للحكم"، وهو يجتهد في تسويق نفسه على الساحة أو أقله ملء فراغ سياسي إلى حين فرض ترتيب دولي معين.