أمام ركام منزله المدمر بمعسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، يجلس المواطن "محمد علي"، يقلب ناظريه متألماً على جهد سنوات انقضت، تبددت في لحظات، وأجبر على العيش في غرفة صغيرة "كرنفال" لا تتجاوز الأربعة أمتار. المواطن محمد، حاله حال آلاف العائلات في قطاع غزة بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم في العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، ولكن لمحمد حكاية خاصة مع التشرد والابتلاء وتوالي النكبات. فبعد أن هدم الاحتلال منزل محمد ، توجه لاستئجار منزل بـ200 دولار ليقي أطفاله برد الشتاء القارص، من خلال ما تقدمه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" من أموال بدل الايجار لأصحاب المنازل المهدمة. [title]معاناة متفاقمة[/title] يقول محمد والذي لم يتلقى راتبه منذ شهور كحال عشرات الموظفين في غزة، لمراسل "[color=red]فلسطين الآن[/color]"، "مع تردي وضعي المعيشي بعد هدم المنزل وعدم تقاضي راتبي، صدمت بقرار "الأونروا" وقف المساعدات وبدل الايجار لأصحاب البيوت المدمرة، ليزيد من طين معاناتي بلة". وأضاف "انهالت علي النكبات تترا، فالحكومة ترفض صرف رواتب موظفي غزة، فيما هدم الاحتلال المنزل فأصبحت لا أجرأ على مقابلة صاحب المنزل لعدم قدرتي على دفع الايجار له، مما دفعني للخروج لأعيش في "كرنفال" بخانيونس لا يتعدى الأربعة أمتار". [title]معاناة لم تبدأ بعد[/title] يقول انتقلت للعيش في منزلي الجديد "الكرنفال"، وبنما كنت متوجهاً الأسبوع الماضي، على طريق البحر مرتاح البال بعد أن اطمئننت أن صاحب المنزل لن يطالبني بعد اليوم بالايجار في بداية كل شهر... "وفجأة.. عرضت لي سيارة قادمة من الاتجاه الآخر بسرعة خيالية مما دفعني إلى الانحياز بالسيارة إلى أقصى اليمين لتجاوز الاصطدام بالسيارة القادمة، لأقع بحادث سير مروع ما كنت لأخرج منه حياً لولا لطف الله". وأضاف "انقلب السيارة التي كنت استقلها أكثر من 10 مرات بعد أن تدحرجت على الجرف المجاور للطريق الساحلي لمدينة خانيونس، وأصبت برضوض وجروح متوسطة في كافة أنحاء جسمي. ويطالب محمد كافة الجهات العربية والدولية بتوفير أموال الاعمار التي هي استحقاق لهم بعد ما تعرضوا له من جرائم إسرائيلية، وعدم الزج بهم في أتون الخلافات السياسية النتنة، فما أصابهم يكفيهم على حد قوله. ودعا الحكومة الفلسطينية إلى صرف رواتبهم خاصةً وأنهم قائمون على رأس عملهم، في الوقت الذي تصرف الرواتب لمن هم جالسون في بيوتهم ويتقاضون رواتبهم كاملة. [title]موقف الأونروا [/title] وقال الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في قطاع غزة عدنان أبو حسنة، إن "السبب الرئيسي وراء توقف صرف أموال بدل الايجار، عدم وصول أموال المانحين لعملية الإعمار ككل، ووصول 135مليون دولار فقط من أصل 4.5مليار دولار تعهد بها مؤتمر الإعمار بالقاهرة". وأكد أبو حسنة، لوكالة "[color=red]فلسطين الآن[/color]" أن الجزء البسيط الذي وصل من أموال المانحين لـ"الأونروا" استنفذت تماماً من خلال دفها لأصحاب البيوت المدمرة وأصحاب الايجارات. وأشار إلى أن هناك أكثر من 96 ألف منزل أصيب بأضرار مختلفة في مناطق قطاع غزة، وتم عمل تقييم كامل لهذه المنازل وتم صرف 80 مليون دولار لصيانة المنازل المدمرة ودفع الايجار. ويضيف " لا يمكن الحديث في الوقت الحالي عن انفراج قريب في الأزمة ما لم تصل أموال المانحين إلى قطاع غزة" ونوه إلى أن "الأونروا" تواصل عملها للضغط على الجهات الدولية لتوفير الأموال، لا سيما تصريح مبعوث الأمم المتحدة الأخير في القاهرة وموقف الاتحاد الأوروبي أول أمس. وطالب أبو حسنة المجتمع الدولي بضرورة الالتزام بما تعهد به في مؤتمر الإعمار بالقاهرة، لاسيما وأن الأوضاع الانسانية بقطاع غزة باتت سيئة جداً. وأشار إلى أن حالة اليأس والاحباط والغضب ارتفعت بوتيرة مقلقة في قطاع غزة، مؤكداً خطورة الوضع على حالة الهدوء السائدة بالقطاع.