20°القدس
19.83°رام الله
18.86°الخليل
25.1°غزة
20° القدس
رام الله19.83°
الخليل18.86°
غزة25.1°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

والدها رفض كل المتقدمين لخطبتها

خبر: الفاتنة المتفوقة في قفص "العنوسة"

تُداعِبُ خُصلاتِ شعرِها الذهبيّة بيدِيها الناعمتين البيضاءِ، تُناظرُ عينيْها الواسعتين الجميلتين عبر مرآتها بكُل ثقةٍ وفخرٍ، وقد زادتهما جمالاً تلك المكحلة التي أهدتها إيّاها والدتها في عيد ميلادِها، كجوريّة تسلبُ أبصارَ الناظرين، فلقدْ أكملتْ اليوم ثمانية عشر ربيعاً منْ عُمرهَا، وهي تتنقلُ كالنحلةِ في شتى البساتينِ، تعانقُ عبيرَ الأزهار المختلفةِ. لقدْ عادتْ لتوّها من مديرية التربية والتعليم في منطقتها، حاضنةً شهادة "الثانوية العامّة" التّي تزينُها علاماتُ الامتياز، مبشرةً والديها بالنتيجةِ اللذين أعدّا الحلوى والزينةَ ونثرا الورود بهجةً وفرحاً، وشاركها الفرحة ثلة من الأهلِ والصديقاتِ والأقاربِ، جاؤوا مهنئين من كل حدبٍ وصوبٍ. ترويِ (أحلام) قصّتها: "لم تذهبْ سنين العمر هباءً منثوراً، بل تكللتْ بالنجاحِ والتفوقِ، وبدأت بالتحضيرِ لمرحلةٍ جديدةٍ من حياتِها، والاستعدادِ للحياة الجامعيّة، التي التحقتْ بها في وقتٍ لاحق، وانضمت لطالباتِ الهندسةِ بالجامعةِ الإسلاميةِ بغزّة". وفي غمرةِ الفرحةِ والتميّز طُرقَ بابُ البيتِ، فسارعَ الأبُ لفتح البابِ، فرأى شقيقة وزوجته، كانتْ المفاجأة بأن العمَ يريدُ (أحلام) زوجاً لابنته، فرفض الأبُ الطلبَ على الفور، معللاً بأن أحلام ما زالت صغيرة، وأن طريقها طويلٌ للدراسةِ بدون أن يأخذ رأي ابنته، وعاد العم وزوجته هائمين على وجوههم، يحملان الخبر السيء لابنهما الذي كان متشوقاً لسماع خبر الموافقة. في أروقة الجامعةِ، حدثت أحلام زميلاتها غير مكترثة عن تقدم ابن عمها لخطبتها وأن أباها رفض الطلب، فقد كانتْ متفقة مع أبيها، فما زالت صغيرة وابن عمّها لا يليق بها على حسب وصفِها، وكان لصديقاتها نفس ردة الفعل. مرتْ الأيامُ سريعاً، وأنهت أحلام المرحلة الجامعية بتفوق، لتلتحقَ بإحدى المؤسسات وتعمل بها، بعدما قدّمت طلباً وتقدّمت للمقابلة، ورأى مدير المؤسسة أنّها تستحق منصبها الجديد. خلال هذه الفترةِ تقدم العشراتِ لخطبة "أحلام" رفضت بعضهم، وقبلت الآخر، لكن أباها رفض الجميع، وقفت أمام أبيها معترضةً على رفضه لأحد الخٌطّاب "أبي إنه متعلمٌ وله شقةٌ صغيرة ويعمل، كما أنه ذو خلق ومهذب" قاطعها الأبُ " بُنّيتي لقد تعبت عليك سنين عمرٍ طويلةٍ، ومن حقّي أن أختارَ لكِ زوجَك، هو عاجزٌ عن تلبية الكثيرِ من متطلباتِنا" هِي مضتِ بخطواتٍ كتائهٍ في الصحراءِ ألمّ به العطش والجوع وأنهكه التعبْ وبعد الطريق، لتغطّي رأسَها بالغطاء، وتتساقطُ دموعُها ساخنةً على خدّيها الناعمين. تحرّك قلبُ الأم التي ربتت على كتفي ابنتها، متأملة تلك العبراتِ التي قطّعت فؤادَها، وغادرة غرفة ابنتها واعدةً إيّاها بالتحدّث مع والدِها والمحاولة في إقناعِ زوجِها ذي العقلِ الصّلب. تقدّمت الزوجة نحو زوجِها مترددةّ، وتتمتمُ بكلماتٍ وهي تخطو كالعاجزة، تختبرُ كلماتِها، وهي تسُر في نفسِها ماذا أقول؟ .. كيف أبدأ؟ .. هل سيقتنع؟ّ!. تأمّلت تجاعيدَ وجهه التي غيرت ملامحه الزمان، تحدّثت إليه وهي منكسة الرأس، " لقد قاربت ابنتنا على الثلاثين من عُمرها، وما زلت ترفض من يجيء لخطبتها، متي ستتزوج ابنتُنا؟" استشاط الزّوج غضباً، " لا أحد يريدُ أن يفهمني، جميع من أتوا لا يريدون تلبية طلباتي"، سارعت الزوجة بالاعتراض " ولكن طلباتك تعجيزية، من سيدفع لك رسوم جامعتها كلّها، هذا لم يأت به قبلك إنسٌ ولا جان" احمّر وجهُ الأب، وتطاير الشررُ من عينيه" هذا كل ما لديّ، ولن أغير رأيي لطالما أنا حيٌّ أرزق على هذه الأرضِ" على سريرِها الحديديِ، تأمَلت ذكرياتِها وقلبت كروت الأفراح اللاتي أرسلنها صديقاتها، فجميعُهم دخلوا إلى عش الزوجيةِ، وتزوجن موظفين وعمالاً ومتعلمين وغير متعلمين، فكل منهن قد أخذت نصيبَها، راضية بقدرها، لكنهن لا يملكن أباً مثل "والد أحلام". تحاولُ أن تداري أحزانها وهي تهنئ صديقاِتها في صالات الأفراحِ، وهي تندبُ حظها السيء، وأن لها أباً يملك صخرةً صمّاء في رأسه. وقفت أمامَ مرآتها من جديدٍ، تناظر نفسَها بعد أن بلغت الثلاثين من العمرِ، فما عادت أحلام تلك الفتاة الوردية، وتلك الزهرة البستانية الخلاّبة، فلقد سرقت الأيام وبنات الصدرِ جزءاً كبيراً من جمالِها. تمرُ اللياليِ والأيامُ على أحلام وكأنها تسيرُ حاملةً ثقلاً كبيراً على كاهليها، دخلَ عليها والدها الذي قد جاوز الستين من عُمره، وهو يحاولُ أن يرسم البسمةَ على شفتيها المتألمتين، ولكن دون جدوى، وكأنه يريد أن يفعل شيئاً لابنته قبلَ فوات الأوانِ. تلقّى الأبُ اتصالاً من شقيقه الذي أخبره بأن زوجة ابنته قد توفت خلال ولادتها للطفلِ الثالث، وبعد مرور شهرين، تغيرت قناعاته تجاه زواج ابنته ولكن بعد فواتِ الأوانِ، فعرض الأبُ على ابنته الزواجَ من ابن عمّها، ولأنها ستحفظ له ابنتيه والمولود الثالث. فُجعت "أحلام" من كلماتِ أبيها التي سقطت عليها كالصاعقة" وصرخت بأعلى صوتها "أنا عانس .. أنا عانس"