24.45°القدس
24.19°رام الله
23.3°الخليل
28.1°غزة
24.45° القدس
رام الله24.19°
الخليل23.3°
غزة28.1°
الأحد 04 اغسطس 2024
4.88جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.16يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.88
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.16
دولار أمريكي3.81

خبر: بلال ريان: في ذكرى استشهاد أهلي

بسم الله الرحمن الرحيم فِي ذِكْرَى استشهاد الأَهْلِ الأَحْبَاب بلال نزار ريان في هذه اللَّحظات تتردَّد في صدري هذه الكلمات, تُخَالِجُ شِغَافَ قلبي... (أُغْمِضُ عيني على ذكرياتي *** وأحيا بها فهي كلُّ حياتي) أتذكَّر تلك الوجوه الواجِمة, والعيون المُتَسَمِّرة نحو ذلك البيت الذي احتوى أعزَّ ما نملك, وأحبَّ مَن نبضت قلوبنا بحبِّهم, أتذكَّر جيِّدا وكيف أنسى؟ تلك الطَّائرات التي اقتلعت قلوبنا قبل أن تخطف أرواح أحبابنا.. بمرور هذه الذِّكرى يزداد الحنين, وتزداد لوعة الفراق, لكن أتذكَّر دفء يدك يا أبي, وأنت شهيد مسجًّى, مُضَرَّج بدمائك الطَّاهرة الزَّكيَّة, أتذكَّر دفء يدك يا أبي وهي رافعة يد السَّبَّابة تُمِدُّني بدفءٍ في قلبي, أتقوَّى به في شتاء الحياة العاصف, بهذا الدِّفء أواسي النَّفس اصطبارا, وأؤمِّلها بقرب اللِّقاء, حيث تتعانق الأرواح عناق الخلود, وصالا بلا انقطاع. في هذه اللَّحظات أتذكَّرك وأنت تروي لنا حديث وفاة سيِّد الخلق؛ سيِّدنا محمَّد "صلَّى الله عليه وسلَّم", وأتذكَّرك جيِّدا وأنت تروي لنا قول فاطمة "رضي الله عنها" لمَّا مات والدها قالت: "يا أبتاه، أجاب ربَّا دعاه، يا أبتاه، من جنَّة الفردوس مأواه, يا أبتاه إلى جبريل ننعاه", فلمَّا دُفن، قالت فاطمة عليها السَّلام: "يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم التُّراب". (صحيح البخاري). طِبْت حيَّا وميتا يا حبيبي يا رسول الله. أجل يا أبي يا روح روحي أتذكَّرك وأنت تكمل حديثك, وعيناك تفيض بدمع رقراق, وتقول: "كلُّ مصيبة بعدك جَلَل يا رسول الله", فتذكَّرت ذلك جيِّدا يا قرَّة عيني, فهانت علي مصيبتي. في هذه اللَّحظات لكم أفتقدك يا أبي, ويفتقدك معي كلُّ حرٍّ وأَبِيّ, يفتقد كلماتك الجريئة الَّتي لا تخشى في الله لومة لائم, يفتقد شهمًا هُمامًا, حُرًّا أبِيًّا. لكم تمنَّيت يا أبي أن تكحِّل عيونك بلحظات انتصار شعوبنا العربيَّة, الَّتي لطالما حلمت بها, وحدَّثت بها كأنَّها واقع تراه بعينيك, إي والله حدَّثت بها وكأنَّها رأي العين. كنت أراك في كلِّ ثورة شعب, أرى وجهك كلَّما نظرت في وجه كلِّ ثائر حرٍّ كريم, أسمع كلماتك النَّارية تتردَّد في مسمعي, كلَّما سمعت الحناجر المنتفضة تهتف ضدَّ الظُّلم والطُّغيان. أسمعك يا أبي وأنت تهتف: "لا لكلِّ طاغية مستبد". أرى عيونك الَّتي كنت أرى فيها نصر الإسلام, والتَّمكين لهذا الدِّين في الأرض. لكنَّك يا أبي كما البدر يُفْتَقَد في اللَّيلة الظَّلماء, فلقد افتقدتك أرض الكِنَانة التي لطالما عشقتها, وتفتقدك أرض الشَّام الَّتي طالما تَغَنَّيْت بها, وبطيب أهلها, وشهامتهم, أتذكَّرك وأنت تُدَوِّي بصوتك على تراب دمشق: "إنَّنا لعائدون عائدون عائدون إلى يافا وحيفا" وكأنَّك تشير إلى نصر قريب ينبت على هذه التُّربة المقدَّسة. وها هي الشَّام الَّتي عشقت تجأر إلى الله بقولها: "مَلْنا غيرك يا الله", فالشَّام على يقين بنصر الله القريب. لكنَّك آثرت لقاء ربِّ السَّماء, فهنيئا لك يا أبي, وأسأل الله أن تكون في الخالدين, في مقعد صدق عند مَلِيكٍ مُقْتَدِر. وفي هذه اللَّحظات لَكَم أفتقدك يا أمِّي, أفتقد حنينك ورضاك, أفتقد دعاءك, أفتقدك يا حبيبة قلبي, ومهجة روحي, أفتقد إخوتي زهرات الحياة, أفتقد ضحكاتهم ومَرَحهم, أفتقد براءة عيونهم, ورِقَّة قلوبهم, أفتقد خالاتي وأدبهنَّ الجم.. أفتقدكم جميعا.. لكن عزاؤنا أنَّكم قضيتم في سبيل الله و والوطن, ورحلتم من دار الفناء إلى دار خلد, حيث النَّعيم المُقيم, حيث لا بؤس ولا شقاء. عهدنا لكم الوفاء والثَّبات على ذات الشَّوكة, لا نبدِّل ولا نحيد إلى أن نلقى الله وهو عنَّا راضٍ.