18.03°القدس
17.81°رام الله
16.64°الخليل
24.16°غزة
18.03° القدس
رام الله17.81°
الخليل16.64°
غزة24.16°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

خبر: قصة كفاح و نجاح عربة التسوق

عربة التسوق (أو الترولي أو الكارت أو Shopping cart) لا غنى عنها اليوم لمن يتسوق في كبريات متاجر التجزئة، لكن كيف كانت بداية عربات التسوق وهل كانت بداية سهلة؟ حسنا، لو كانت سهلة ما كنا لنتحدث عنها في مدونة شبايك، لكن قبلها دعونا نتعرف على مخترع عربة التسوق وأقصد الأمريكي سيلفان جولدمان Sylvan Goldman. قبل ذلك، يجب أن أذكر لكم أن الكيس الورقي الطويل (بدون يدين أو بيدين) الذي اعتدنا على أن نعبأ فيه مشترياتنا هو من اختراع الأمريكي والتر دوبنر Walter_Deubener في عام 1912، تلاه اختراع سلة التسوق المعدنية. [title]أسباب الحاجة إلى زيادة المشتريات [/title] قبل أن أحكي لكم قصته، يجب أن نتعرف على أسباب اختراع الكيس الورقي ثم السلة المعدنية ثم ما بعدها. حسنا، بدأت القصة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدأت تنتشر فيها وتتوسع وتكبر محلات البقالة، لتتحول إلى سوبر ماركت ثم هايبر ماركت، وكان الغرض العام هو زيادة أرباح محلات البقالة، مع تقليل مصاريف وتكاليف إدارتها بأكبر قدر. زاد من حدة هذا التنافس الكساد الاقتصادي الذي ضرب الاقتصاد الأمريكي في ثلاثينات القرن الماضي، ومن قبله الحرب العالمية الأولى وآثارها السلبية على الاقتصاد العالمي. [title]لماذا الحاجة إلى عربة التسوق ؟ [/title] حسنا، هذه المقدمة التاريخية هدفها توضيح أن سوء حالة الاقتصاد دفعت الأمريكان للتفكير في طرق جديدة لتشجيع المشترين على شراء المزيد من المشتريات، بدون أي زيادة في التكاليف. هذه الطريقة من التفكير كانت الدافع الكبير نحو ظهور محلات الخدمة الذاتية، أي تلك التي يدخل إليها المشتري ويسير بين الأروقة ويختار ما يريده ويحمله بيديه ثم يذهب إلى الخزينة ويشتري. مع بدء انتشار محلات الخدمة الذاتية، ظهرت معها مشاكل توجب حلها، أبرزها أن المشتري كان يحمل ما تستطيعه يداه فقط، دون أن يجمع كل ما يحتاج إليه، وهذا الأمر ساعد على ظهور سلة التسوق المعدنية / البلاستيكية / الخشبية، والتي كان الهدف منها مساعدة المشترين على شراء المزيد من البضاعة والمشتريات. سلة التسوق حلت مشكلة لكنها صنعت مشكلة أخرى، إذ بدأ الزبائن يشكون من ثقل سلة التسوق بعد وضع القليل من المشتريات فيها، فما العمل؟ [title]قصة مخترع عربة التسوق الأمريكي سيلفان جولدمان [/title] جاء ميلاد سيلفان في 1898 في أوكلاهوما الأمريكية، ودخل معترك تجارة الجملة مع أخيه في شبابه، إلا أن أسعار بترول أوكلاهوما انهارت في عام 1921 وحلت الخسائر على الجميع وخسر سيلفان كل ماله، الأمر الذي اضطره وأخاه للرحيل إلى كاليفورنيا لتعلم الأفكار الجديدة السائدة هناك في تجارة التجزئة، مثل الخدمة الذاتية وسلة التسوق المعدنية. في 1920، عاد الأخوان إلى أوكلاهوما متسلحين بما تعلماه، وطبقاه في سلسلة محلات جديدة (سوبرماركت) بتمويل من أقارب لهما (أسموها صن جروسيري)، ونجح الأمر أيما نجاح وبدأت الدنيا تبتسم لهما وبعد عام واحد كان لديهما سلسلة محلات من 21 محلا، حتى باعا محلاتهما الجديدة إلى سلسلة محلات سيفواي الشهيرة في عام 1929. ثم حل الكساد الكبير بعدها بشهور، ونزل ضيفا غير مرغوب فيه على الجميع، ومرة ثانية خسر سيلفان كل أرباحه بعدما هوت أسعار أسهم سيفواي والتي حصل عليها كنتيجة لبيع محلاته. يعلق سيلفان على هذه العثرة الثانية بقوله: الشيء الجميل في تجارة الأغذية، هو أن الناس لا تستطيع التوقف عن شراء الطعام. مرة ثانية عاد سيلفان وأخوه من جديد في مدينة جديدة عن طريق شرائهم لسلسلة محلات تجزئة وأطلقا على السلسلة الجديدة اسم ستاندرد (فيما بعد عدل الاسم إلى همتي دامتي). [title]مولد فكرة عربة التسوق [/title] ذات ليلة في عام 1937، جلس سيلفان يفكر في حل للمشكلة التي تواجهه، فهو يريد أن يشتري الزبائن المزيد من المنتجات، لكنهم يشكون من عدم قدرتهم على حمل سلة تسوق ثقيلة، فكيف يحل هذه المعضلة؟ كان سيلفان يريد حلا يسمح للزبون بحمل سلتين لا سلة تسوق واحدة، وتصادف أن جلس ساعتها على كرسي خشبي قابل للغلق والفتح، وبدأ يسرح بخياله، ماذا لو وضع السلة على المقعد، ووضع عجلات على أرجل المقعد لتسمح بدفعه؟ انتظر، لماذا لا نضع سلتي تسوق لا واحدة فقط؟ جلس سيلفان مع صديق له ميكانيكي يفكران في طريقة لتنفيذ هذه الفكرة التي نزلت عليه، وجاء التصميم الأولي من الإطارات المعدنية، قابل للفتح والغلق، ويحمل سلتي تسوق، مع عجلات تحمله، ويد تسمح بدفع حاملة سلات التسوق القابلة للغلق أو Folding basket carriers كما أسماها سيلفان في البداية. كانت الفكرة بسيطة، يدخل الزبون فيأخذ العربة ويضع عليها السلتين ثم يدفع العربة أمامه، ثم يحمل السلة عند الخزينة ليدفع ويخرج سعيدا. النماذج الأولية فشلت في العمل كما المراد منها، لكن النماذج التالية عالجت العيوب الأولية وجاء وقت تقديم العربة للزبون. [title]ميلاد عربة التسوق قوبل بالرفض الشديد [/title] لعلك تظن أن الدنيا كانت وردية وأنها أقبلت غير مدبرة على سيلفان، حسنا، حدث ذلك لكن في النهاية لا البداية. حين عرض سيلفان الفكرة على رواد سلسلة محلاته، في منتصف ثلاثينات القرن الماضي، لقى رفضا وعزوفا شديدا. بداية رفض الرجال استخدام العربة لأنهم وجدوا فيها اعترافا بقلة قوتهم وبضعفهم وعجزهم عن حمل سلة أو سلتين. النساء رفضن العربة لأنها ذكرتهن بعربات الأطفال الصغار. [title]الرفض لا يعني النهاية [/title] من حسن طالع البشرية، لم ييأس سيلفان، وعمد إلى فكرة ذكية، إذ استأجر ممثلين ورجال ونساء، يستخدمون عربة التسوق التي اخترعها داخل متاجره، ويشترون بضاعة ويمشون بها حتى يتقبل الناس الفكرة. ما زاد الطين بلة، تفكير إدارة المدينة في منع وحظر عربات التسوق بسبب عدم نظافتها، إذ بدأ بعض النسوة يضعن أطفالهن في السلة الأولى، بينما السلة الثانية للمشتريات، وكان نتيجة ذلك أن السلة الأولى حملت آثار حفاضات الأطفال. [title]نجاح عربة التسوق جاء بعد عامين [/title] نعم، استمر سيلفان في استئجار الممثلين في متاجره لمدة عامين، حتى تقبل الناس فكرة استخدام عربات التسوق، وكان سيلفان من الحنكة بحيث سجل براءة اختراع لعربة التسوق التي اخترعها، حتى إذا بدأت عرباته تنتشر وتشهد إقبالا، كان مالكو المحلات الأخرى يدفعون له مقابل مالي لاستخدام تلك العربات لديهم، وهو كان مصدر دخل أكبر من تجارته ذاتها. عربات التسوق المتداخلة رغم نجاح الفكرة، لكن عند تنفيذها على نطاق كبير، عانت المحلات الكبرى من مشاكل تخزين عربة سيلفان للتسوق، حتى قامت أورلا واتسون Orla Watson من كانساس في عام 1946 باختراع عربات التسوق التي نعرفها اليوم، ذات الغطاء المعدني الخلفي المنزلق، والذي يسمح لعربات التسوق بأن تتداخل معا فتشغل مساحة أقل. بعد صراع قضائي بين سيلفان و أورلا، اتفق الاثنان على التعاون ومشاركة العوائد من اختراع كل منهما. منذ هذا التاريخ وعربات التسوق تحظى بتطويرات وإضافات تزيد من كفاءتها وسهولة استخدامها. الطريف في الأمر أن الاحصائيات والأرقام لا زالت توضح أن المحلات التي لا توفر عربات تسوق لزبائنها تحقق أرباحا أقل من تلك التي تفعل، حتى يومنا هذا! اخترع سيلفان أشياء أخرى لم تحقق الشهرة ذاتها، لعل أبرزها عربات حمل حقائب المسافرين في الفنادق والمطارات. حتى وفاته، اشتهر سيلفان بسخاء إنفاقه في أوجه البر والخير. الشاهد من القصة كان يمكن لسيلفان أن ييأس، أو يقول حاولت ولم يفلح الأمر، لكنه لم يفعل. حين تقدم فكرة مفيدة إلى السوق فيعزف عنها الناس، ربما يجب عليك أن تفعل مثل سيلفان وتستأجر مستخدمين فعليين لمنتجك حتى يتقبل الناس الفكرة. ماذا عنك أنت عزيزي القارئ؟ بما خرجت من قصة عربة التسوق هذه؟