19.68°القدس
19.39°رام الله
18.3°الخليل
24.09°غزة
19.68° القدس
رام الله19.39°
الخليل18.3°
غزة24.09°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: مخاطر الانهيار الأمني في مصر على قطاع غزة

تضاعفت أعمال العنف في مصر بمقدار 150% خلال الأشهر الست الأخيرة، سواء من حيث التكرار أو تعداد الضحايا عما كانت عليه منذ 30 يونيو 2013، مستثنيا بذلك عداد الضحايا الذين سقطوا في أحداث رابعة، علما بأن عدد الضحايا الذي سقطوا في العام 2014 قدر بـ 700 قتيل بحسب ما نقلت مجلة فورن بولسي عن السلطات المصرية. كما انتشرت البؤر الأمنية الساخنة في الهوامش بعيدا عن المركز في سيناء والصعيد، والتي أعلن فيها عن تشكيلات تتبع لتنظيم الدولة في العراق وسوريا « داعش»، لتعكس بذلك حالة الانسداد في الافق السياسي المصري، أمر عززه الانقسام السياسي والمجتمعي المترافق مع تردٍ اقتصادي واضح للمختصين والمراقبين. وزادت احتمالات توسع التورط المصري في ليبيا من امكانية اضافة اعباء أمنية جديدة على طول حدود الصحراء الغربية، لتضيف بؤرا ساخنة جديدة تزيد من حالة تقويض الأمن في الساحة المصرية الملتهبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، كما لا يمكن النظر لحالة التدهور الأمني في مصر بمعزل ايضا عن تنامي النشاطات الغير مشروعة لتهريب المهاجرين قبالة الشواطئ المصرية على المتوسط، اذ تضاف الى جملة المؤشرات الدالة على حالة التدهور الأمني. هذا المشهد يحمل في باطنه تداعيات خطيرة على أمن قطاع غزة يظهر بصورة جلية في سيناء، فتمدد تنظيم الدولة في سيناء بل وفي عموم مصر بات واضحا في ظل حالة الانسداد السياسي والاقتصادي والانقسام المجتمعي والضعف الإداري، الذي كرس حالة اليأس التي يعاني منها المصريون، امر أشار اليه الرئيس المصري المدعوم من الجيش عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر دافوس في عمان مؤخرا. المخاطر والتهديد الأمني الذي يعاني منها القطاع باتت تفوق في صورتها الاولية الجانب المتعلق بالحصار، وحالة التوتر بين الحين والاخر مع السلطة الحاكمة في مصر، فالمعابر والانفاق باتت مهددة من مجاميع المتطرفيين الذين يزداد نفوذهم وسيطرتهم على سيناء، بشكل يهدد أمن المعابر ويتولد عنه تحد أمني قد تستغل فيه الانفاق لتوجيه ضربات للمقاومة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني في قطاع غزة. ذلك ان تنظيم الدولة يرى في حماس جماعة خارجة عن الملة، بل يصفها أتباعه بانها دولة(فاطمية)(شيعة إسماعلية)، اي انه يكفرها ضمنا ويجرمها سياسيا في ظل مناخ طائفي محموم في المنطقة، كما ان التنظيم يحمل عداوة شديدة لحركة حماس على خلفية أحداث 2009 حيث تم قمع محاولة قادها احد زعماء هذا التيار الشيخ «عبد اللطيف موسى»؛ ما يوفر أرضية خصبة لداعش وخطابها المتطرف تغذيه الرغبة في الانتقام ومد النفوذ، خطاب عدائي متطرف كشفته أحداث مخيم اليرموك الاخيرة حيث ارتفع مستوى التوتر وتصاعد في اعقاب اجتياح تنظيم الدولة مخيم اليرموك، ودخوله في صراع مفتوح مع الفلسطينيين حينها. تداعيات الازمة في مصر والانهيار الأمني برز واضحا في الهجمات التي شنها متطرفون على قطاع غزة باستخدام قذائف الهاون، والهجمات بمتفجرات على مواقع مدينة داخل القطاع، تهديد أمني متصاعد بات من الضرورة التعامل معه، وفهم أبعاده بشكل مستقل بعيدا عن القراءات المقدمة من الدوائر الرسمية العربية خصوصا المأزومة سياسيا واقتصاديا او الغربية، وبعيدا عن ما يسمى المختصين من الباحثين الذين يصنفون ضمن قائمة « بزنس الجهاد «، وهو قطاع بحثي استفاد من التمويل الخارجي واعتاش من ظاهرة التطرف، وحقق قدرا من الثروة عبر مراكز البحوث المحلية او الغربية، وابتعد الى حد كبير عن الفهم الدقيق او التشخيص الذي يخدم المصالح الأمنية للمنطقة العربية في اغلب الاحيان. ذلك ان المقاربة الأمريكية والإسرائيلية لمواجهة هذه الظاهرة لاتراعي البته مصالح الشعب الفلسطيني، فأمريكا على سبيل المثال وكما ورد في مقالة للكاتب الامريكي «ثاناسيس كامبانيس» تحت عنوان « Egypt’s Sisi Is Getting Pretty Good … at Being a Dictator» ترى في الازمة المصرية قدرا محتوما يبتعد اكثر فاكثر عن وجود أفق سياسي متاح، وترى في القوة الاساس لبقاء السلطة الجديدة، بل وترى ان تصاعد الارهاب والعنف في مصر يدعم توجهات السلطة الحاكمة في إقصاء خصومها على المدى القصير على الاقل، معلنا في مقالته ان الولايات المتحدة باتت عاجزة عن ممارسة اي ضغوط لتحقيق إصلاح سياسي داخلي في مصر. ذات الفكرة التي تبناها «نوري المالكي» عندما دخل في مواجهة أمنية مفتوحة مع الحراك السلمي في العراق، واثقا من قوة الجيش العراقي وامكاناته الهائلة، الا ان ذلك لم يمنع من انهيار الدولة العراقية والجيش في آن واحد، المقاربة ذاتها التي اتبعها بشار الاسد في سوريا باتهام المعارضة بالارهاب، أملا في الحصول على الدعم، الا ان الخرافة تحولت الى حقيقة، ولم يمنع من انهيار النظام وتحوله الى مجرد فصيل آخر في الساحة السورية، فهذه المقاربة الأمنية والخطاب السياسي ثبت فشله، ولا يناسب التعويل عليها فلسطينيا؛ فالخطر ليس افتراضيا بل واقعيا ويهدد باستنزاف المقاومة الفلسطينية في حال انهارت الدولة المصرية، وانهار الأمن فيها، أمر لايتمناه الفلسطينيون لمصر ولا لجيشها. في حين ان المقاربة الإسرائيلي وبحسب الكاتب الإسرائيلي «يورام شفايتزر» والتي أوضحها في مقاله المنشور على موقع معهد الأمن القومي(INSS) تحت عنوان «Hamas and the Islamic State»Organization: Toward a Head-On Collision in the Gaza Strip «تذهب الى ان المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها قطاع غزة ستدفع حركة حماس للتعاون بشكل مباشر وغير مباشر مع السلطة الحاكمة في مصر و»إسرائيل» لمواجهة هذا التهديد، مقدما حوافز لامكانية تحقيق هدنة طويلة مع حماس واعادة تأهيلها بحسب اعتقاده مع متطلبات المجتمع الدولي، مستشهدا بالمقاربة التي اتبعها نظام بشار الاسد وحزب الله والمعارضة في نفس الوقت داخل سوريا، لمواجهة تنظيم الدولة «داعش» والتي أفضت لرفع حزب الله من قائمة الارهاب الامريكية. هذه المقاربات السياسية الأمنية لم تنجح بل أضعفت الخطاب السياسي للقوى المتصارعة وعززت نفوذ «إسرائيل» في المنطقة، ورفعت مستوى الاحتقان الطائفي، وهو هدف يتناقض تماما مع المشروع الوطني الفلسطيني وبرنامج المقاومة، الموقف الذي لا زالت حركة حماس تدفع ثمنه بمحاكمة عناصرها الأموات والاسرى في مصر كإرهابيين فيما عرف بأحداث سجن النطرون المصري. مقاربه فاشلة، ذلك ان « داعش « وما ارتبط بها من «تدعيش» الازمات في العالم العربي واستنزاف القدرات كما حدث مع المعارضة السورية التي انشغلت في الدفاع عن نفسها امام هذا التهديد بدل متابعة المواجهة مع نظام الاسد، او العراق حيث خاض العراقيون معارك قادتها «داعش»بدون افق سياسي يسمح بترجمة الانجازات على الارض، او من خلال ملاحظة عملية تدعيش الازمة الليبية «، واخيرا محاولات « تدعيش» «عاصفة الحزم» واستراتيجية استعادة التوازن والاستقرار التي تتبناها السعودية، تمثل درسا كبيرا. فعملية «تدعيش» القضية الفلسطينية غاية في الخطورة؛ اذ إنها تهدد باستنزاف المقاومة الفلسطينية عسكريا وسياسيا، وتؤدي الى تآكل خطابها ومشروعيتها، وتشغلها وتبعدها عن أهدافها المرسومة، خصوصا وان مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لا تقع ضمن أولويات هذا التيار الايدولوجي ما يزيد من غموضه الذي ترافق مع انطلاقته في العراق وسوريا. الفلسطنيون بحاجة الى مقاربة خاصة بهم للتعامل مع هذا التهديد الأمني وأسباب تمدده المفاجئ، الذي يأخذ طابع الابتزاز، والذي بات على حدود القطاع بفعل الانهيار الأمني في سيناء والتراجع الأمني في عموم مصر، مقاربة تأخذ بعين الاعتبار خطورة الاستنزاف الفكري طويل الامد، كما تأخذ بعين الاعتبار ان الازمة في مصر والعالم العربي لن تنتهي في المدى المنظور خصوصا اذا استمر الحصار والاستنزاف الاقتصادي للفلسطينين، مقاربة تعبر عن مصالح الفلسطنين وتمنع تشوه حساباتهم واستنزاف مقدراتهم المحدودة، مقاربة قائمة على حقيقة علمية بان الازمات المستمرة في العالم العربي ومصر لن تنتهي بمزيد من الحلول الأمنية، ولن توقفها الاستراتيجيات الغربية او التعاون مع «إسرائيل» بل ستفاقمها، مقاربة واقعية نابعة من ان المشهد المصري لن يتجه نحو التحسن بالأمنيات، وهذا ما يؤكده الباحث الامريكي المشار اليه سابقا، مقاربة تتعامل مع الواقع كما هو لا كما يريد الإسرائيليون بل بما يتوافق مع مصالح الفلسطينيين. المقاربة الفلسطينية تتجه نحو إعادة تشغيل ميناء غزة وفتح المطار كخطوات استباقية، لمنع الاستنزاف الاقتصادي والفكري والايدولوجي، بما يضمن التحرر من عمليات الابتزاز والضغوط الناجمة عن التدهور الأمني في العالم العربي، مقاربة مستقلة، فمصر لم تتمكن من فتح المعابر في الماضي بسبب الروابط والقيود الإسرائيلية ولن تستطيع تحسين الاوضاع الآن بسبب الانهيارات الأمنية.