داخل أحد مراكز الشرطة كانت ملقاةً على الأرض ، تضم جسدها إلى نفسها وقد احمرت عينيها من البكاء بعد أن ذبلتا من قلة النوم ، لربما لم يشفع لها صغر سنها الذي لم يتجاوز الأربع سنوات أن تكون على تلك الحال ، بينما كانت شقيقتها التي تكبرها بثلاثة أعوام تجلس على كرسي وهي تبكي بكاءً شديدًا ، هكذا بدت الطفلتان. داخل المعتقل أغرقوا وجهه بالماء وكلما حاول المقاومة دفعوه بقوة أكثر ، وضعوه على أرض صلبة وفوق صدره أوزان ثقيلة جعلته يتنفس بصعوبة ، وشرعوا بالضرب على ركبتيه ، كذلك ظهر حال والد الطفلتين. مشهدان يجسدان طرفًا من معاناة الطبيب الفلسطيني عدنان كلاب 38 عامًا وأسرته واضطهاد حقوقهم في دولة هولندا ، يروي تفاصيلها لـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color] شقيقه طبيب العيون غسان كلاب من مدينة رفح جنوب قطاع غزة. [title]معاناة سنوات [/title] بدأت حكاية طبيب الأسنان الفلسطيني عدنان كلاب من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة والمقيم في دولة هولندا منذ حوالي عشر سنوات حيث مُنع من العمل كطبيب أسنان ، وحُرم من كامل مستحقات أطفاله للعيش رغم أن زوجته روسية الأصل وتحمل جوازًا كازخستانيًا ، كما أفاد شقيقه غسان كلاب. بعد التضييق عليه لعدة سنوات وعدم حصوله على الجنسية رغم أن القوانين تكفل له ذلك ، حاول كلاب اللجوء مرتين إلى دول مجاورة كان من ضمنها بلجيكيا ، ولمّا لم يمضِ على مكوثه فيها الكثير طلبت السلطات الهولندية بإعادته وأسرته إليها بحجة أنه لاجئ لديها. وأوضح كلاب أن المحاولة الثانية التي قرر فيها شقيقه الخروج من هولندا قبل قرابة خمسة أشهر إلى ألمانيا لعله يجد مكانًا تُحترم فيه حقوقه وعقله وديانته ، إلا أن السلطات الهولندية طالبت بإعادته وأسرته إلى أراضيها في نهاية الشهر مايو الماضي ، كما فعلت سابقًا. وقال:"قامت الشرطة الألمانية بتوصيلهم إلى الحدود الهولندية وأرعبوهم حتى يجبروهم على المغادرة إلى هولندا" ، وسمحت لهم الشرطة الهولندية بدخول أراضيها وقامت بمصادرة ممتلكاتهم وأوراقهم الرسمية الثبوتية ، وهنا بدأت لحظات فارقة في قضية كلاب تخللها الاعتقال والخطف والتعذيب. [title]اعتقال واختطاف [/title] الزوجة آلاء كلاب الروسية الأصل زادت مخاوفها بعد أن أخبرتهم الشرطة الهولندية أنهم سيعودون إلى بيتهم ، لمّا رأت من معاملتهم القاسية حيث ضربوا زوجها وأولادها ورشوهم بالغاز السام وروعوها وأطفالها ، كما بين شقيق كلاب. طلبت الشرطة من رب الأسرة أن يبقي طفلتيه آمنة 7 أعوام وآمنة 3 أعوام ونصف داخل سيارة الشرطة بحجة أنها أكثر دفئًا ، إلا أنها كانت محاولة لاختطافهما ، وحاول الوالد وأولاده نجيب 17 عامًا ويونس 14 عامًا تخليص الطفلتين إلا أن الشرطة انهالت عليهم بالضرب واستعدت الكثير من التعزيزات ، لينتهي المشهد باختطاف الطبيب كلاب وطفلتيه. وأوضح شقيقه أنه :"مكث ثلاثة أيام في التعذيب ، حيث يحاولوا إغراقه بالماء ويعرضوا جسده لأوزان ضخمة بعد وضعها على أرض صلبة بحيث لا يستطيع التنفس والحركة ، ويتم ربط قدميه وشد يديه لخلع كتفه". وقال:"أحضرت له الشرطة محامي ، ولكنه تبين له أنه من الشرطة أو محامي يعمل لصالحهم" ، معتبرًا أن ذلك مخالف للقوانين ، وأوضح أن شقيقه خرج من المعتقل مصدومًا من هول ما حدث معه ، مؤكدًا طلب شقيقه عدنان بعودة طفلتيه له وعودته مع أسرته إلى قطاع غزة. [title]طفلتان تُعاملان كمجرمتين [/title] يروي كلاب حال الطفلتين ويقول:"هرعت الأم خلف طفلتيها ووصلت داخل مركز الشرطة ورأت الطفلتين خلف جدار زجاجي يبكوا ويصرخوا ويطالبوا بالعودة إلى أمهم" ، وتابع:"عندما طالبت برؤية بناتها قامت الشرطة بضربها داخل المركز حتى فقدت الوعي ثم جروها في الشارع أمام المركز". عندما سمحوا لوالدة الطفلتين بزيارتهم بعد أيام من اختطافهم ، يصف كلاب المشهد ويقول:"وجدت ملابسهم رثة ومتسخة ، الصغرى ملقاة على الأرض منكمشة وتبكي ويظهر عليها عدم النوم ، والكبرى تجلس على الكرسي وتبكي بكاءً شديدًا". وأفاد أن الطفلتين أخبرتا والدتها أن الشرطة عرضت عليهما أكل لحم الخنزير فرفضتا وعبرتا عن إسلامهما الذي يحرم أكله ، إلا السلطات وثقتا الطفلتين وأرعبوهما ودسوا لحم الخنزير قسرًا في فمهما. ونقلت السلطات الهولندية الطفلتين ووضعتهما في رعاية أسرة أجبرتهما على ما فُرض عليهما في الاعتقال من موعد محدد للنوم والاستيقاظ، وفرض نوع طعام معين، إضافة إلى عدم السماح لهما باللعب أو حتى الذهاب إلى المدرسة. وأشار غسان كلاب شقيق عدنان الأكبر، أن الطفلتين انتقلتا إلى رعاية أسرة مسلمة وحالهما جيد، لكنهما لا تزالان ممنوعتين من اللعب أو الدراسة، مؤكدًا أن شقيقه عدنان لن يستكين قبل ضم طفلتيه إليه من جديد، خاصة بعد أن شاهدهما لمدة ساعة ورأى هزل جسديهما الصغيرين. [title]عنصرية اتجاه الإسلام [/title] واعتبر كلاب أن الاضطهاد والظلم الذي يتعرض له شقيقه سببه هو العنصرية اتجاه الدين الإسلامي ، مشيرًا أنهم "يريدون إجبار أبنائنا على الثقافة الهولندية" ، حيث رفض أبناء شقيقه الطبيب عدنان مشاهدة أفلام إباحية يتم عرضها في حصص الثقافة الجنسية داخل المدرسة ، واعتبرت المدرسة أن ذلك "تخلف ورجعية" كما وصفت المعلمة. وظهرت تلك العنصرية ضد تعاليم الإسلام وتوجيهاته خلال اختطاف الطفلتين وإجبارهما على تناول لحم الخنزير ، حيث يرفض الطبيب كلاب أن يسجل بناته في المدارس الهولندية حتى لا يتلقوا الثقافة الهولندية ، معتبرًا أنهن غير ملزمات كونهن لا يحملن جنسية البلد. وأشار كلاب وفق متضامنين أن السلطات الهولندية تصادر أطفال مسلمين لتنصيرهم وإرسالهم إلى الكنيسة ، مؤكدًا على احترام حرية الاعتقاد والتعبير ، واعتبر أن الحكومة الهولندية لا تحترم الأديان والمعتقدات ، وأكد أن شقيقه مطلبه الوحيد هو عودته وأفراد أسرته إلى قطاع غزة. [img=062015/view_1433827007.jpg]ضع تعليق الصورة هنا[/img] [img=062015/view_14338270071.jpg]ضع تعليق الصورة هنا[/img] [img=062015/view_1433827008.jpg]ضع تعليق الصورة هنا[/img]