25.52°القدس
24.93°رام الله
25.53°الخليل
26.15°غزة
25.52° القدس
رام الله24.93°
الخليل25.53°
غزة26.15°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: المبادأة

وضع العدو الصهيوني سياسة قديمة جديدة لإشغال المقاومة الفلسطينية في نفسها بدلاً من انشغالها في التحضير للمعركة معه. كان سيئ السمعة شارون هو أول من أفصح عن هذه السياسة، والتي بدأها في أوائل الخمسينيات، فقال: "يجب أن نخلق للفدائيين كل يوم مشكلة جديدة". ولو نظرنا في أحوالنا اليوم في الداخل الفلسطيني والشتات، لوجدنا أنفسنا غرقى في مشكلات لا حصر لها، ولوجدنا العدو الصهيوني يقف وراءها بشكل مباشر أو غير مباشر. لدينا في غزة الحظ الأوفر من هذه المشكلات المصطنعة؛ وهذا مفهوم، لأن غزة هي رأس المقاومة الفلسطينية على الإطلاق، فكان من الضروري إشغالها في نفسها وفي قضاياها المعيشية، فكان إغلاق المعابر، وقطع الكهرباء، وتقليص الوقود، ومنع الإسمنت، وشح المواد التي يشتبه العدو في استفادة المقاومة منها، وقطع الرواتب عن موظفي القطاع، وإثارة بعض المشكلات الأمنية التي يشرف عليها الاحتلال عن بعد، والتضييق على السكان في الأدوية والعلاج في الخارج والسفر والحصول على جوازات السفر، ومشكلات الصيادين، والمزارعين على الحدود، ومنع التجار الكبار من السفر، وتقليص مساعدات الأونروا بشكل دوري ومتواصل، ووقف الضرائب التي قد تستفيد منها غزة، ورفع أسعار الوقود والإسمنت، وحجز أموال الجمارك الخاصة بغزة، فضلاً عن مشكلات أخرى تشترك فيها غزة مع بقية التجمعات الفلسطينية، كمشكلات الأسرى واستهداف العدو الممنهج لهم ولذويهم، والتنسيق الأمني في الضفة بما يترتب عليه من مشكلات للمجتمع الفلسطيني. ومشكلات اللاجئين في سوريا ولبنان. إن سياسة إطفاء الحرائق التي يشعلها الاحتلال بيديه أو بأيدي أعوانه، لن تتمكن من إطفاء كل الحرائق، وسيتم استنزاف الجهد الفلسطيني في قضايا ثانوية هي فرع عن وجود الاحتلال، لأن أس البلاء هو في وجود الاحتلال، ولن يهنأ الشعب الفلسطيني ولا المنطقة العربية برمتها ما بقي الاحتلال الصهيوني في جزء من أرضنا. إن السياسة الحكيمة هي التي تركِّز على أصل المشكلة بدلاً من التلهي بفروعها. وأصل المشكلة هو الاحتلال، ودواؤه المقاومة المسلحة. إن المقاومة المسلحة لا تسير بنا نحو التحرير والعودة فحسب – وهذا هو الأهم – بل إنها في سياق ذلك تشغل الاحتلال بنفسه مما يُضعف مؤامراته بحق شعبنا، ويجبره على إمساك يد أعوانه أيضاً عن المضي في مشاغلاتهم لنا. إن كل فعل يقوم به الاحتلال وأعوانه هو فعل مدروس بعناية، ومدروسة نتائجه وتوقعات رد الفعل تجاهه، ولذلك من الحكمة أن نخرج عن التفكير التقليدي الذي يجعل الاحتلال يتوقع ردات فعلنا، ونذهب نحو خيارات غير تقليدية تفاجئه وتضعه هو في مربع الرد. إن هذا الإبداع ممكن، وضروري، وعاجل، وهو مهمة المقاومة المسلحة. وليس على قيادة المقاومة إلا أن تزيل كل الموانع والعقبات التي تكبِّل يديها في اتخاذ قرارات جريئة وغير متوقَّعة، وفرض شكل من أشكال المواجهة المنضبطة والاستنزاف بالحد الأدنى. اما التذرُّع بعدم مناسبة الظرف، وبمعنويات الناس وحاجاتهم، فلن يفيد، وسوف يطيل أمد المعاناة، ويجعلنا دائما في مربع الرد بدلاً من المبادأة.