23.19°القدس
22.68°رام الله
24.42°الخليل
26.65°غزة
23.19° القدس
رام الله22.68°
الخليل24.42°
غزة26.65°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: مؤتمر هرتسليا والترويج للرواية الحكومية الإسرائيلية

يعتبر مؤتمر هرتسليا السنوي "للمناعة القومية"، مسرحاً لعرض الأفكار الإسرائيلية التي ترسم خريطة التهديدات الإسرائيلية ونشرها على الملأ. كما أنه يوفر مساحة للترويج لرسائل إسرائيلية إلى محيطها العربي، ليس من باب تحديد هوية جهات العداء أو مكامن الخطر للأمن الإسرائيلي من وجهة نظر تل أبيب فحسب، إنما أيضا التوعد بالرد المتوفر لمواجهة هذه الأخطار. خمسة عشر عاماً على انطلاق المؤتمر الذي يعد مع مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي ركائز الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، والمعبر الأوضح عن سياسة كيان الاحتلال المستقبلية، ويتعلق هذا كله برفد المواقف السياسية للحكومة الإسرائيلية بتحليلات و"دراسات" ذات صفة "علمية" يتم توظيفها للتدليل على "صحة الموقف الرسمي". علماً أن مؤتمر هرتسليا هو بمثابة تحدٍّ يميني للهيمنة الأكاديمية التي تمتع بها تيار اليسار التقليدي في (إسرائيل). ركز مؤتمر هرتسليا في العامين الماضيين على الترسانة الصاروخية لحزب الله، وتنامي حركات الجهاد العالمية وصولاً إلى "داعش"، ويحاول مؤتمر هذا العام رفد الدعاية الإسرائيلية لحكومة بنيامين نتنياهو في الترويج للمشروع الإيراني، و"سعي إيران للهيمنة" مع تهديد "أنظمة الاعتدال السني" من جهة، والتقليل قدر الإمكان من محورية القضية الفلسطينية ومكانتها حتى على أجندة العالم والحكومات العربية، من جهة ثانية. وزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعالون، والجنرال عاموس جلعاد، ركزا أمام المؤتمر على الملف الإيراني والدخول إليه من مقولة سقوط الأنظمة أو الدول القومية القُطرية وتفكك كل من العراق وسوريا وحتى لبنان، فيما تواجه الأنظمة الملكية باستقرارها المفاجئ، المشروع الإيراني. وبحسب تعابير سفير (إسرائيل) لدى الأمم المتحدة، رون بروسوار، في كلمته أمام المؤتمر، هناك "نقاط التقاء في المصالح (العربية) مع الجانب الإسرائيلي، يتعين استغلالها يوميا والاستفادة من كل لحظة منها لصالح (إسرائيل)". لكن مع إقرار الجهات المختلفة في (إسرائيل) بأن خطر الجيوش التقليدية قد زال بفعل ما يحدث في سوريا والعراق، من جهة، وكثرة معاهدات (السلام) مع مصر والأردن من جهة ثانية، فإن ذلك يوجب أيضا تحديد عقيدة أمن جديدة لمواجهة التنظيمات والمنظمات المناهضة لـ(إسرائيل)، بدءاً من حزب الله وحركة "حماس"، لجهة العمل في محاربتها والعمل على تعزيز وتكريس الردع الإسرائيلي كحل وأداة تلزم هذه المنظمات بدراسة كل خطوة قبل الإقدام على مواجهات عسكرية. الأستاذ في معهد الدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لمركز هرتسليا شاؤول شاي يرى أن عقيدة الأمن الإسرائيلي مع زوال خطر الجيوش التقليدية يجب أن تتراوح بين "الردع" بمختلف تجلياته و"الحسم" في ميادين القتال في حال اندلاع المواجهة العسكرية، ليصل إلى أن نتائج عملية الحسم تكون ببناء مفهوم الردع عند الطرف الآخر، وهو ما يفسر عدم خروج حزب الله في لبنان بعد حرب 2006 إلى مغامرة جديدة ضد (إسرائيل). ويرصد الباحث الإسرائيلي، في هذا السياق، حقيقة اعتماد (إسرائيل) استراتيجية الردع على حساب الحسم بين عامي 2000 و2015 باستثناء مرة واحدة لجأت فيها إلى استراتيجية الحسم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، خلال عدوان "السور الواقي" عام 2002 "مع أن ذلك يتطلب ثمناً غير الذي تتطلبه استراتيجية الردع". وقد تخلت (إسرائيل)، بحسب الكاتب، في العقد الأخير، عن استراتيجية الحسم لصالح استراتيجية الردع كتحصيل حاصل من مواجهات ميدانية، وليس نتيجة لاستراتيجية شاملة. أحد التحديات التي تواجهها (إسرائيل) ضد "المقاومة" بحسب الخبراء الإسرائيليين، هو سعي الأخيرة إلى زيادة عدد القتلى المدنيين، لتوظيف ذلك في عمليات نزع الشرعية عن (إسرائيل)، وضرب ما يسميه "هويتها الديمقراطية". ويرى أن هذا يتطلب عملياً تبني استراتيجية جديدة دعا إليها الجنرال عامي أيلون، تحت مسمى "استراتيجية عدم الخضوع" والتي تقوم على "احتواء المواجهة، بناء الردع، وفي الوقت ذاته الامتناع عن الحسم باهظ الثمن". تروم المؤتمرات البحثية في كيان الاحتلال الإسرائيلي توظيف ادواتها العلمية لدعم الرواية الرسمية الإسرائيلية وسياسات الحكومات اليمينية المتوالية والتي هيمن بنيامين نتنياهو على العديد منها، في مواجهة الأكاديمية الإسرائيلية التقليدية المحسوبة على اليسار المتماوت في (إسرائيل)، وعليه فإن الصدقية والمشروعية تغيب عن هذه الأبحاث بقدر ما يمكن أن تبلور رؤية المؤسسة الحاكمة للامور وتطوراتها في المنطقة، ورسم الخطوط العريضة لتوجهات الحكومة الإسرائيلية مستقبلاً، ما يعطي أهمية استثنائية لمؤتمر هرتسليا، من الناحية السياسية، ويفرغه من محتواه العلمي في الوقت عينه!