ما زال أهالي بلدة العيساوية شمال القدس المحتلة يعربون عن استهجانهم لممارسات الاحتلال ضدهم وضد أراضيهم، وخاصة أذرعها التنفيذية متمثلة أحياناً بالبلدية العبرية في القدس وأحياناً بما يسمى "سلطة الحدائق والطبيعة"، بل باتت العيساوية وما تبقى من أراضيها في بؤرة الاستهداف الاحتلالي بمسميات وذرائع مختلفة كل يوم.
فبينما نجح أهالي العيساوية ولو مؤقتاً بإعاقة إجراءات السيطرة والمصادقة على مخطط تحويل نحو 700 دونما من أراضيهم لحديقة قومية احتلالية، حيث تم تجميد إجراءات الإقرار من لجنة الاعتراضات في لجان البناء والتخطيط في القدس إلى حين الاستماع إلى أقوال واحتياجات أهل العيساوية والطور؛ لجأ رئيس بلدية الاحتلال في القدس إلى إصدار أمر نادر يقضي بوضع اليد على نحو 600 دونم من أراضي العيساوية، لمدة خمس سنوات لأغراض البستنة – والتشجير بطبيعة الحال-، بناء على قانون يتيح للبلدية الاستفادة من أراضي فارغة غير مستثمرة للمنفعة العامة، وتحويلها واستعمالها لأغراض البستنة، وذلك بحسب بيان صادر عن حركة "سلام الآن".
هذا الأمر يرفضه سكان العيساوية جملةً وتفصيلاً، ويعتبرون القرار بمثابة فرض أمر واقع لإقامة حديقة قومية/توراتية ولو بمسميات ومصطلحات أخرى.
البلدية قالت إن "أوامر البستنة التي أصدرت جاءت بهدف الحفاظ على جودة البيئة وعلى قيم الطبيعة في حديقة عامة، عن طريق منع سكب النفايات وبقايا مواد البناء في المساحة المذكورة، بالإضافة الى تنفيذ عمليات تطوير في المنطقة ونصب أدوات تظليل ومقاعد".
والأمر الأكثر غرابة أن البلدية تصرّ على أن هذه المصادرة جاءت لمصلحة القرية وأهلها، وقالت في معرض ردها على الاستفسارات التي وصلتها: "إن أوامر البستنة هذه تعطي إجابة وتحقيق لوجود حديقة عامة تخدم سكان العيساوية، طالما سعينا الى تحقيقه. ونؤكد أن سكان العيساوية سينعمون من هذه الحديقة العامة، كما ينعم أهالي أحياء راموت من حديقة هأرزيم" – بحسب رد البلدية.
ورفضت البلدية إعطاء تفصيلات أو مستندات رسمية أخرى حول المساحات الدقيقة الصادرة في أوامر البستنة، وهل هي نفسها مساحة وموقع "الحديقة القومية" المخطط لها من "سلطة الحدائق والطبيعة"، فيما وجهتنا بالاستفسار أكثر عن الموضوع الى "سلطة الحدائق والطبيعة"، علما أن أهالي القرية يؤكدون أنها الأرض ذاتها ولكن بمسمى وآليات مختلفة، كما أن المساحة التي تقع تحت أمر "البستنة" غير واضحة ودقيقة حتى الآن.
مخطط مدروس
وبدأت قصة أوامر البستنة الأخيرة قبل أيام وبالتحديد بتاريخ 28/6/2015 عندما تفاجأ أهالي العيساوية بقيام طواقم مشتركة من بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة و"سلطة الحدائق والطبيعة" بنصب أوامر "البستنة "المذكورة، وخريطة مرفقة على أرضهم، وتوزيع منشورات منثورة في جنبات أراضيهم، علماً أن الطواقم قامت قبل نحو شهر بقلع أشجار زرعها أصحاب الأرض من العيساوية، بحجة زراعتها دون ترخيص.
وقبل أيام نظم الأهالي جولة ميدانية ومؤتمرا صحفيا قال فيه محمد ابو الحمص عضو لجنة المتابعة في بلدتي الطور والعيساوية في القدس المحتلة إن "تشجير وزراعة اراضي قرية العيساوية بقرارات موقعة من رئيس بلدية الاحتلال، جاء تمهيدا لمصادرتها لصالح الحديقة التهويدية التي تسعى دائرة سلطة الطبيعية وبلدية الاحتلال للسيطرة عليها وتهويدها بالكامل".
وأوضح أبو الحمص في تصريحات صحفية بأن الأوامر علقت على أراضي قرية العيساوية يوم الاثنين، وحسب الخرائط فإن أكثر من 200 دونم تخطط بلدية الاحتلال لزراعتها وتحويلها لحديقة، لافتا أن الأراضي تقع ضمن المخطط الاستيطاني المعروف باسم (مخطط الحديقة القومية 11092 (أ) في منطقة "الطور والعيساوية")، والذي تم إلغائه بقرار من "اللجنة القطرية للتخطيط والبناء" العام الماضي، حيث اشترطت اللجنة توفير احتياجات السكان من المدارس ورياض الأطفال والمنازل والمراكز الصحية قبل الشروع بإنشاء حديقة في المكان، علما ان الأراضي المهددة هي المساحة المتبقية لأهالي القرية للبناء والتوسع".
وأضاف أبو الحمص أن بلدية الاحتلال وسلطة الطبيعة - وحسب الأمر الذي علق - تدعي ان الأراضي غير مستخدمة من أصحابها، وعليه سيتم بنائها لصالح "الجمهور". ونفى ابو الحمص ادعاء البلدية وسلطة الطبيعة، مؤكدا ان أجزاء من الأراضي مزروعة بالأشجار من قبل اصحابها منذ عشرات السنين، وبعض الأراضي قامت جرافات الاحتلال بخلع الاشجار المزروعة بها وهدمت المنشآت المقامة عليها، مؤكدا أن سلطات الاحتلال تلاحق أصحاب الأراضي وتمنعهم من زراعة الأشجار في المنطقة.