منذ نحو عقد من الزمان والخبير في فن تدوير المخلفات أيمن عبد ربه من بلدة قوصين غربي نابلس يسعى لتعميم هذه الثقافة في المجتمع.

فهو لا يكل ولا يمل من المشاركة بأية معارض ليقدم للزائرين ما صنعته يداه من معدات أو أجهزة أو حتى ديكورات من مخلفات النفايات، كالعبوات البلاستيكية وأغطيتها ويحولها لابتكارات مفيدة، وألعاب بيئية تكسر روتين التلقين، وتخلق جوا من المرح في نفوسهم.

يقول عبد ربه الذي يعمل في سلطة جودة البيئة في نابلس لـ"فلسطين الآن" إنه كان يهوى منذ صغره استخدام كل ما يزيد عن حاجة البيت ويعيد تصنيعه، وخلال اعتقاله في سجون الاحتلال لمدة ناهزت 14 عاما، دفعته الحاجة ليطور إبداعاته، ويوظف أبسط ما كان متوفرا في خيمته او الغرفة التي كان يحتجز بها لصالحه وصالح إخوانه الأسرى.

أخبار ذات صلة

مستعمرون ينصبون خياما في أراضي بيت أمرين شمال غرب نابلس

هجوم جديد للمستوطنين على بلدة ميتا في نابلس

وأضاف عبد ربه "وظيفتي في سلطة جودة البيئة من خلال برنامج تأهيل الأسرى المحررين تناغمت مع تجربتي في السجن، وقررت توسيع الفكرة وتعميمها للمجتمع ككل".

ثقافة مجتمعية

لم يجد عبد ربه أفضل من صغار السن وطلبة المدارس ليزرع فيهم حب البيئة وضرورة الحفاظ عليها، وهو ما جاء من خلال عمله الحكومي.

يتابع "شكلت سلطة جودة البيئة تجربة رائدة في العمل الفني والهندسي في إعادة تدوير مخلفات البيئة، وفق رؤيتها بأن هذه المشاريع هي وسيلة من وسائل تعزيز الوعي البيئي وتنمية ثقافة تدوير النفايات والحس بالمسؤولية للمجتمع الفلسطيني تجاه البيئة".

ومن أجل هذا خصص أيمن جل وقته لعملية التدريب التي يقدمها للعديد من الكوادر الشبابية والطلبة في مجال صناعة الألعاب البيئية وصناعة أشكال من الورود والأجهزة والمعدات البسيطة.

يقول "أول لعبة صنعتها كانت "دولاب فرز النفايات"، والثانية "بيئتي صديقتي" التي تتحدث عن وضع النفايات في المكان الصحيح، وأول نادي صيفي شاركت ألعابي فيه كان في بلدة عصيره الشمالية قرب نابلس، حيث أخذت معي ست ألعاب، ومن هنا كانت بداية انطلاقي فبعد ذلك صنعت 25 لعبة".

ويضيف: "هذه الألعاب صممتها للأطفال، وبعد مشاركتها في عدة معارض ووجدت الكبار مقبلين عليها أكثر من الصغار، حيث استفاد منها ما يقارب 12 ألف شخص من كافة الفئات العمرية، وبدأت أجول نابلس سواء المدينة أو القرى أو المخيمات وأعرض أفكاري، والأمر لم يكن سهلا، لكن بفضل الله ثم باقتناع المسئولين بأهمية ما أقوم به، توسعت جولاتي لتشمل الضفة الغربية قاطبة".

ويحصي أيمن أنه قدم تجربته وأفكاره خلال عمليات التدريب برفقة طواقم سلطة جودة البيئة نحو 2315 طالب من 45 مدرسة موزعة على محافظات نابلس وجنين وطولكرم وسلفيت وطوباس ورام الله.

خطة عمل متكاملة

وحسب تقرير موسع وصل "فلسطين الآن"، تشير سلطة جودة البيئة إلى أنها عملت للتقليل من التلوث البيئي الناتج عن تكدس النفايات وعن التخلص منها بطريق الدفن أو الحرق، والمحافظة على نظافة البيئة وعلى الموارد الطبيعية وتقليل الاعتماد على استيراد المواد الأولية من خلال العمل على التقليل من مخلفات البلاستيك والحديد والخشب والنفايات الورقية والعبوات البلاستيكية.

وكذلك عملت من خلال طواقهما على حل جزء من مشكلة إطارات السيارات، وهو الأمر الذي ساهم في صناعة الوسائل التعليمة كالمجسمات وتزيين المدارس من خلال صناعة الورد من العبوات البلاستيكية وصناعة المقاعد والطاولات وقوارير الزراعة في المدارس والحدائق العامة والاحراش والمحميات الطبيعية.

واستهدفت البيئة بالتعاون مع مديريات التربية والتعليم مدارس الوطن خلال الدوام المدرسي من الفصل الثاني لعام 2015، التي نتج عنها معارض فنية من جمعية أصدقاء البيئة في جامعة النجاح بنابلس، وتدريب ثلاث طالبات من الجامعة على صناعة الالعاب البيئة للمشاركة في مسابقة مؤسسة الإعلام البيئية في فلسطين، بالإضافة إلى صناعة مناصب الكتب من البوسترات التعليمية التالفة في نابلس، بالإضافة إلى العمل المشترك والتعاوني مع مكتب وزارة الثقافة في نابلس ومركز التعليم البيئي وجمعية أصدقاء البيئة في جامعة النجاح ومراكز ومؤسسات كثيرة.

حدائق بيئية

وتبادر سلطة جودة البيئة من خلال الدعم المقدم من الاغاثة الزراعية ومؤسسة إماراتية وبتنفيذ من محافظة طوباس وبلديتها على إنشاء حديقة بيئية ومتنزه على جزء من حرش بلدة عقابا القريبة من طوباس، لتكون منتزه عام فيها العديد من الجلسات العائلية من خلال صناعة الطاولات والمقاعد من إطارات وسائل النقل المختلفة، ليكون 30 جلسة عائلية تستوعب عددا كبيرا من الأفراد.

أي أن ما يقارب 300 شخص يمكنه الاستفادة منها، وصناعة مدرجات للاحتفالات والامسيات الشبابية والطلابية باستخدام الاسمنت والأحجار وإطارات وسائل النقل ومواد طلاء لإنجازها، ليشكل المشروع نموذجا للتخلص من إطارات وسائل النقل في محافظة طوباس التي أصبحت شبة مفقوده بعد إعادة استخدامها وتدويرها داخل الأحراش.