لم يقترفوا جرمًا هنا أو جنحة هناك، ولم يسجل في تاريخهم إسباقيات جنائية أو أمنية، وليس ذلك وحسب، فهم من يُشهد لهم من بين زملائهم ومدرسيهم بحسن سلوكهم وطيب أخلاقهم، إذن؛ فلماذا تغيبهم زنازين الأجهزة الأمنية فتحرمهم عن حقهم في الدراسة؟.
هو حال عشرات الطلبة الجامعيين الذين لازالوا رهن الاعتقال لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة، إنما زاد من معاناتهم داخل تلك الزنازين، تعرض عدد منهم للتعذيب، خاصة في سجن جهاز المخابرات في بيت لحم.
ومع مرور الأيام، وتوالي الأسابيع بل والأشهر بالنسبة لاعتقال عدد منهم، تتضاعف معاناة أهاليهم الذين يرون أعمار أبنائهم تذهب بين سجنٍ للمخابرات، وزنزانةٍ للوقائي، واعتقالٍ إداريٍ لدى الاحتلال.
ورغم المعاناة التي يعيشها أهالي الطلبة المعتقلين السياسيين لدى أجهزة السلطة، إلا أن جلّهم يُثبت صلابةً في الموقف، وعزيمة على التضامن مع أبنائهم، حتى نيلهم حريتهم.
تاج الوطنية
فالمواطن منير صبّاح، والد الطالب في كلية الهندسة بجامعة النجاح مؤمن صبّاح، الذي اعتقلته السلطة قبل عدة أيام، قال في تعليقه على اعتقال نجله، إن جهاز المخابرات الفلسطيني ألبسه تاج الوطنية ووسام الشرف وإكليل العزة باعتقاله.
وتابع الوالد "الحمد لله الذي شرفني باعتقاله على سلوكه الوطني، وسيرته الطيبة، وأخلاقه النبيلة، وعلى شهامته وعزة نفسه".
وأضاف المواطن صبّاح "الكرامة والعزة ثمن شأنها في ذلك شأن بقية السلع، ففي الوقت الذي تنازل فيه الكثيرون عن كرامتهم وشهامتهم وحريتهم ورضوا بالذل والهوان، رضوا بأن يعيشوا حياتهم عبيدًا سفهاء لقاء عدم دفعهم ضريبة العزة والكرامة لأنهم إما لا يملكونها وإما لخوفهم وجبنهم لدفع ضريبتها، ولكننا ارتضينا أن ندفع ضريبة كرامتنا وحريتنا وعزتنا مهما كانت غالية".
كذبٌ وافتراء
من ناحيته، قال المحاضر في جامعة النجاح الوطنية مصطفى الشنار، إن ما تسوقه السلطة من مبررات لحملة الاعتقالات السياسية والملاحقات، كذبٌ محضٌ وافتراء، وتجنٍ لا يمت إلى الحقيقة بصلة.
وأكد الشنار في تعليقٍ له على صفحته بالفيسبوك، أن السلطة تستفرد بالطلبة والأسرى المحررين، في حملة اعتقالات شرسة غير مبررة في ظل صمت الفصائل الوطنية التي بلعت ألسنتها وتتصارع على تقسيم كعكة منظمة التحرير، بحسب تعبيره.
وأشار الشنار إلى أن حالة اللامبالاة التي تعاني منها مؤسسات حقوق الإنسان، وعجز لجان الحريات، وغياب المؤسسات الرقابية على سلوك السلطة واستبدادها بالشأن الداخلي والوطني، زاد من معاناة الطلبة الجامعيين من الاعتقال السياسي.
16 طالبًا بالنجاح
جامعة النجاح الوطنية وحدها، تفتقد 16 من أبنائها من بين عموم الطلبة الجامعيين الذين تعتقلهم الأجهزة الأمنية، حيث أكدت الكتلة الإسلامية في الجامعة أن رامي الحمدلله بصفته رئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس جامعة النجاح، مطالبٌ بإصدار قرار ينهي الظلم بحق طلبة الجامعة المعتقلين.
وشددت الكتلة على أن تدخل إدارة الجامعة للإفراج عن الطلبة المعتقلين ووقف تعذيبهم وملاحقتهم أصبح اليوم ملحًا أكثر من ذي قبل في ظل الحديث عن إجراء الانتخابات الطلابية في الجامعة، مشددة على أن حرية العمل والنشاط الطلابي شرط ضروري لضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها.
تعذيبٌ وحشي
بدورها، أكدت عائلة المعتقل السياسي والطالب في كلية الهندسة بجامعة القدس محمد شتية، أن جهاز الأمن الوقائي في سلفيت يحاول قتل نجلها الذي يتعرض لتعذيب وحشي وشديد.
وأشارت العائلة في بيان لها، إلى أن الأمن الوقائي طلب من نجلها أن يعلن أنه حاول الانتحار، مهددة إياه حال كشفه حقيقة التعذيب القاسي الذي يتعرض له.
وقالت العائلة إنها تفاجأت بالحالة الصحية لنجلها، حين رؤيته خلال محكمة تمديده، محملةً جهاز الأمن الوقائي المسؤولية الكاملة عن حياته، حيث يواصل إضرابه عن الطعام منذ شهر كامل.