أبي ذهب لاحتساء فنجان من القهوة ولم يعد بعد ولا أدري متى سيعود ، بهذه الجملة بدأت أفنان حديثها لمراسلنا فهي طفلة معتقل سياسي لا يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه ، حالها كحال العشرات من أطفال المعتقلين السياسيين في سجون أجهزة فتح لا ذنب لهم سوى عشق تراب فلسطين والعيش في ظل عائلة مجاهدة أخذت على عاتقها مقارعة الاحتلال. ذهب والد الطفلة أفنان (ذو العشرة أعوام) ليحتسي كوباً من القهوة كا قال لها والدها قبل أن يغار البيت ،ولم يَدُر في خلجات صدر أفنان أن هذا الفنجان سيعني فراق والدها لأسابيع وأيام طويلة فكانت تظن أن الزيارة ستكون ودية لأحد الأقرباء، فلم تودعه وداع المفارق فراق لا يعلم مداه إلا علّام الغيوب. أفنان ابنة المعتقل السياسي لدى أجهزة فتح سعيد أبو حسين من مدينة الخليل، لم تتوقع أن يستمر استضافة والدها لاحتساء فنجان القهوة طيلة هذه المدة، ولم تقف مكتوفة الأيدي فحبها لوالدها يستحق منها أن تطرق من الأبواب ما تستطيع. توجّهت أفنان اليوم بصحبة والدتها وجميع أفراد أسرتها إلى اعتصام ميدان ابن رشد وسط الخليل مطالبةً باطلاق سراح والدها المختطف منذ أسابيع علّها بذلك تستطيع أن تقدم شيئاً لوالدً أحبته وتمنّت أن تعيش معه كما يحيى الأبناء مع آبائهم بحبً وأمانً دون سجونٍ واعتقالٍ وفراق. ووجهت خلال الاعتصام رسالة لرئيس سلطة رام الله محمود عباس، خاطبته عبر وسائل الإعلام وذكرته بأن لها والداً معتقلاً بأمرً منه وأنها في شوق للقياه ومثلها سائر أطفال المعتقلين، قالتها بمشاعر الطفولة الموجودة لدى طفلة لم يتجاوز سنها سوى عشرة أعوام. وخاطبت أفنان الرئيس عباس بالقول "أسمعت عن رجل يُستدعي لفنجان قهوة عند جهاز أمني فلسطيني ثم لا يعود؟ ذاك هو أبي ! وأولئك هم أجهزتك الأمنية في الضفة الغربية!". وأضافت أفنان في رسالتها إلى عباس " أبي منذ نعومة أظفاري أسير، واليوم يتكرر المشهد ولكن في سجون مُسَماة زورًا: فلسطينية، وما ذنبه؟ وما ذنبي وذنب إخوتي؟ أنا طفلة من عشرات الأطفال الذين لا زال آباؤهم في سجون السُلطة، نعيش الحرمان المتواصل، وعودك لم تُصبنا بخير أبدًا، كلامك جدد الجِراح، تصريحاتك لم تفرج عن أبي، ولا عن والد صديقتي ". وأعلنت أفنان أنها ستستمر في اعتصامها حتى يخرج والدها وتنتهي معاناتها التي هي أيضاً معاناة عشرات أو قل مئات الأطفال ممن غيبت أجهزة فتح آبائهم في زنازين صغيرة حقيرة ومنهم من قضى أكثر من أربع سنوات ولا زال يكابد ويعاني ظلم ذوي القربى.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.