ما إنْ يطرق فصل الشتاء أبوابه يعيش كثيرٌ من المواطنين في حالة من القلق وعدم الاستقرار ، وكأنّ أصوات الرياح الشديدة وتساقط الأمطار الغزيرة نذيرُ معاناةٍ يتكبدونها جراء موجات البرد المتلاحقة ، لاسيما الذين يعيشون في المناطق المنخفضة أو التي تغرق كل عام في مختلف محافظات قطاع غزة.
شتاء العام الماضي كشف حجم الضرر الذي لحق بمحافظة رفح جنوبي قطاع غزة وسكانها خاصة منطقة "جميزة السبيل" ، ضررٌ تجرع مرارته العشرات ممن تعطلت حياتهم ومصالحهم لعدة أيام بسبب محاصرة المياه لمنازلهم من جميع الجهات ، ومنهم من ترك منزله لعدة أسابيع بسبب انجراف السيول بداخلها.
تقرير يسلط الضوء على تخوفات المواطنين القاطنين في المناطق المهددة بالغرق كل عام في محافظة رفح خصوصًا منطقة "جميزة السبيل" ، ويستعرض جهود بلدية رفح ولجنة الطوارئ والمؤسسات المختلفة للتخفيف من حدة أضرار شتاء هذا العام.
معاناة سنوات
تتمثل مشكلة منطقة "جميزة السبيل" غرب محافظة رفح والمتكررة كل عام بتجمع قرابة نصف أمطار المحافظة فيها لانخفاضها ، والتي تحتوي بدورها على عدة مضخات تسحب المياه وتضخها إلى محطة المعالجة في منطقة تل السلطان.
يتخوف المواطنون القاطنون في منطقة "جميزة السبيل" من غرق منازلهم ، كالمواطن شادي سويعد الذي تعرض منزله للغرق ومحاصرة المياه خلال شتاء العام الماضي ، وقال لـ"فلسطين الآن" :"جلسنا السنة الماضية سبعة أيام متتالية ولم نستطع الخروج من المنزل ، والطابق الأول في كل منازل المنطقة يمتلئ بالمياه".
وأضاف:"العام الماضي لم يتمكن الكثير من المواطنين الذهاب لأعمالهم ولم يستطع طلبة المدارس والجامعات التوجه إلى مدارسهم وجامعاتهم ومنهم لم يقدموا امتحاناتهم".
وأوضح سويعد أن المضخات المتوفرة في المنطقة لا تستوعب كميات مياه الأمطار الكبيرة والمختلطة بمياه الصرف الصحي ، لافتًا إلى تعرض المضخات للعطل في بعض الأحيان أو انقطاع التيار الكهربائي عنها.
وتابع بقوله:"نحن نغرق من قبل 10 سنوات وأكثر من رئيس بلدية عاصر المشكلة وللأسف تلقينا وعودًا دون أي حل على أرض الواقع".
وفي ذات السياق أشار الحاج عبد الله سويعد لـ"فلسطين الآن" إلى الأمراض التي يعاني منها أهالي المنطقة بسبب البعوض والذباب والرائحة الكريهة ، وقال:"كل بيت فيه مريض أو مريضين من المياه التي تتجمع صيفًا وشتاءً".
وأضاف:"في المنطقة امرأة كبيرة في السن من بداية الشتاء خرجت من بيتها وذهبت عند بناتها ، وأنا أتوقع أن أترك بيتي وأمشي ، والبيوت لم تبقَ بيوتًا من المياه التي دخلت فيها" ، منوهًا إلى مناشدة جميع الجهات منذ سنوات دون إجابة من أحد.
مشاريع قيد التنفيذ
ومن جهته، أفاد رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان أن البلدية استكملت الإجراءات من خلال دعوة لجنة الطوارئ المركزية في مدينة رفح للانعقاد ، ومناقشة قيام كل جهة بدورها في هذه الفترة حتى يمر موسم الشتاء بكل خير.
وأوضح أنه تم توجيه الأخوة في مصلحة بلديات الساحل من أجل تنظيف المناهل وعمل الصيانة بالنسبة للمحطات وتزويدها بمضخات متحركة بسعة 400 كوب في الساعة ، وهذه التجهيزات ستساهم في حل المشكلات التي قد تحدث نتيجة هطول الأمطار.
وفيما يخص منطقة "جميزة السبيل" قال أبو رضوان:"المنطقة التي تتكرر فيها المشكلات وهي جميزة السبيل تم عمل صيانة لكل محطات الضخ الموجودة فيها ووضع محطة ضخ جديدة ونأمل ألا تكون هناك أي مشاكل ، وكبلدية لدينا جاهزية كاملة ونأمل للأخوة المواطنين السلامة خلال هذا الشتاء".
وأضاف:"لدينا مشروع لتجميع مياه الأمطار في المنطقة الغربية وهناك مشاريع لمد خطوط ناقلة في هذه المناطق سواء خطوط نقل صرف صحي أو خطوط نقل مياه الأمطار ، ولكن هذه المشاريع ما زالت تحت التنفيذ حتى الآن".
وختم حديثه بقوله:"نحن لدينا مشاريع من أجل أن نستوعب كل مياه الأمطار حتى لو زادت ولكن البعض منها تحت التنفيذ والبعض الآخر ينتظر الحصول على التمويل اللازم ، ولكن في كل الأحوال البلدية ستقدم كافة الإمكانيات رغم محدوديتها ، ولن نتأخر عن تقديم الخدمة لمواطنينا بأفضل شيء ممكن".