في تجربة كسرت النمط التقليدي في التدريس ولو قليلا، يبزغ أمل في أسلوب ابتكره شاب خليلي، جعل من الدراسة متعة، ومن غياب المعلم عقابا، ومن الحصة الدراسية فسحة للنشاط والسعادة.
عماد صالح أبو تركي، معلم اللغة الانجليزية في مدرسة الرحمة التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل وطالب ماجستير الترجمة الشفوية والتحريرية من جامعة القدس، لم تزهر في سنوات عمره إلا 26 ربيعا حتى الآن، إلا انه أدرك أن للتعليم أساليب أخرى، وقد يكون أنفع إن مورس من خلال علاقة طيبة بين المعلم والطالب.
وفي حديث خاص لمراسلة "فلسطين الآن" قال أبو تركي حول أسلوب التدريس الذي يتبعه: "لا يوجد أسلوب محدد , كل حصّة تختلف عن الأخرى , وإلا لكان الأمر نمطي وملّ منه الطلبة .. لكن ما يميّز حصة اللغة الانجليزية باتفاق او شبه إجماع من الطلبة هو أنها حصة ممتعة وتمرّ بسرعة دون أن يشعر بها الطلبة".
وحول الخطوات التي يتبعها في حصته، قال أبو تركي:" في بداية الحصة كعادة الجميع هي تحية الطلبة وبعدها محاولة لكسر الجمود أو محاولات تنشيطية ومنها ما يكون في بعض الأوقات محاولات لرسم الابتسامة على شفاههم قبل بداية الحصة, وفي بعض الأحيان تبدأ الحصة بسؤال غريب مما يستدعي انتباه جميع الطلبة، ثم تأتي فترة الشرح التي يكون الصف فيها منضبطاً, فالطلبة الذين أدرسهم يعلمون جيداً متى نضحك ونلعب, ومتى يكون وقت الجد فيحترمون تقسيم الوقت في الحصة".
رأي المشرفين وأولياء الأمور
وعن رأي أولياء الأمور قال أبو تركي:" أهل طلابي هم الداعم الأساسي لي ويتعاونون معي بشكل كبير جداً ويدعمونني في كل صغيرة كبيرة، وهم ايجابيون جداً معي، ولم أجد أيا منهم يشتكي منّي أو من أسلوبي في التدريس على مدار الخمس سنوات التي عملت بها".
وأضاف أبو تركي:" أما المشرفون التربويون وإدارة المدرسة على حدٍ سواء، فهم يدعمون أسلوبي , حتى أن تقييم المشرف التربوي لي كان 82 أي ينقصني 3 علامات لأحصل على " ممتاز ".
أما أهم الآثار التي لمسها أبو تركي في طلابه، قال أبو تركي:" أسلوب الحصة جعلهم يستمعون إلي ويقتدون بي بشكل كبير في كثير من العادات الايجابية منها المحافظة على النظافة والترتيب، واحترام بعضهم بعضاً، وغيرها من الأمور الايجابية التي أحاول زرعها في نفوسهم، خاصة في هذه الفترة التي تبنى بها شخصية الانسان".
وعن أجمل المواقف التي تعرض لها مع طلابه، قال أبو تركي:" السنة الماضية تعرضت قدمي للكسر، وغبت عن طلابي ما يقارب الشهر والنصف , وبعد عودتي كان الطلبة الذين يعلمون أن أستاذهم يحب التصوير قد احضروا لي هديّة كأس على شكل عدسة كاميرا، فشعرت بحبّهم لي وكأنهم يقولون نعلم ما تحبّ وهديّتنا كما تحب وفعلاً حازت خطوتهم تلك على إعجابي .
أبو تركي الذي يعشق التصوير، عن موهبته في التصوير يقول : " التصوير هواية لديّ, وبعد أن توظّفت بعامين اشتريت كاميرا شبه احترافية, بدأت أصور بها طلبتي في كافة الأنشطة اللامنهجيّة والمنهجيّة في المدرسة، وانشر تلك الصور على صفحتي الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي".
ويضيف:" ومنذ عامين وأنا أقوم في نهاية كل عام دراسي بطباعة عدد من الصور, وصل هذا العدد لأكثر من 300 صورة لطلبتي، كنوع من الذكرى وعلى ظهر الصورة اكتب كلمات لهم ليذكروني بالخير كلما شاهدوا تلك الصور".
الكاميرا تثير النعرات الطائفية!!
وعن مصير كاميرته قال أبو تركي: " كنت استخدم كاميرتي في تصوير الحصص الرسمية والأنشطة، التي تتعلق بالمادة، كانت تحفّز الطلاب ليشاركوا أكتر ويشحذوا من همتهم في الدراسة، حتى يحصلوا على صور تنشر لهم، كما كانت تساعدني كاميرتي بإيصال ما أقوم به لأولياء الأمور، وغيرهم من متابعي ومنن يهتمون بمتابعة أساليب لتدريس ، إلا أنها صودرت من قبل جهاز المخابرات الفلسطينية منذ أكثر من شهرين، بحجة تصويري للمسيرات والمواجهات بين الشبان والاحتلال في المدينة, وكانت الحجة في المصادر إثارة "النعرات الطائفية".
كلمة للمربين
وفي كمة وجهها للمربين، قال أبو تركي:" الدنيا لم تخلق وتبقَ كما هي من عهد آدم الى عهدنا هذا, فكما أن كل شيءٍ يتطوّر, العلم من ضمن هذه الأشياء التي تتطور، واساليب التدريس تتطور، وعلى المدرسين ان يواكبوا العصر في متطلباته، عقليات الطلبة تختلف عن عقليات المدرسين الذين يكبرونهم بأجيال، فعليهم ومن وجهة نظري المتواضعة ان يحاولوا قدر المستطاع تفهّم متطلبات الجيل الجديد وكيفية التعامل معه، واستخدام اساليب قريبة من قلوبهم وعقولهم" .