ضمور العضلات وشلل الأطراف قد يعيقان البعض عن خوض غمار الحياة بقوة وتميز، غير أن الشابين عصام الشوا وإبراهيم إرحيم كان لهما رأيا مغايرا إذ حولوا الإعاقة إلى طاقة إنتاجية مضاعفة ومتميزة.
فقد افتتح الشابان الشوا 29 عامًا، والذي يعاني من ضمور في العضلات، و إرحيم 27 عامًا، الذي يعاني من شلل أطفال في قدميه، ورشة لصناعة الزينة الخشبية، قبل ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن أخفقا في الحصول على فرصة عمل، في مجال دراستهما الجامعية.
وهما يديران ورشة للحفر على الخشب تضم ماكينة تسمى "CNC Creative"، ومنجرة، ومتجرًا لعرض منتجاتهما، رغبة منهما في توفير فرصة عمل لهما.
إصرار رغم الإعاقة
يتكئ إبراهيم ارحيم على عكازه داخل ورشته الصغيرة في غزة، لينتج تحفاً وأعمالاً خشبية فنية تسر وتجذب كل من يشاهدها. إبراهيم شاب عمره 28 عاماً، يعاني من شلل الأطفال منذ ولادته. لكنه لم يجعل من وضعه الصحي "إعاقة" تحول دون تحقيق طموحه، حيث استطاع أن يصنع اسماً معروفاً في سوق العمل الفلسطينية، بمنتوجاته الفنية التي تلاقي إقبالاً كبيراً من المواطنين.
ويواصل ارحيم خريج قسم إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية، من جامعة الأزهر بغزة عمله داخل ورشته، متكئًا على عكازه يتابع ويراقب عمل آلة الـ "CNC"، وهي تقص ألواحا خشبية على شكل تصميم هندسي، زودها به جهاز الحاسوب.
ويشير الشوا، خريج قسم المحاسبة، إلى أنهم يواجهون تحديًا في عملهم، بسبب أزمة الكهرباء، قائلاً: "نضطر في العديد من الأيام للدوام ليلاً، وفقًا لموعد وصل التيار الكهربائي، هذا عائق كبير".
ويقول ارحيم :"لم أستطع الحصول على فرصة عمل، وكان احتمال توظيفي ضئيلاً جدًا بسبب إعاقتي، فقررنا العمل بشكل خاص، وافتتحنا ورشتنا ومتجرنا".
ويضيف :" كنت أصرّ أنا وصديقي عصام، ألا نستسلم للواقع، وألا نكون عالة على أي فرد، كان هذا حافزًا قويًا لنا، رغم نظرة الاستغراب التي كانت في عيون معظم الناس".
العمل الحرفي
يشير ارحيم والشوا إلى أن فكرة عملهم تبلورت بعد تخرجهم من الجامعة، من خلال توجهم إلى سوق العمل الحرفي، بعيداً عن اختصاصهم الأساسي، وذلك في ظل تناقص الفرص الوظيفية في غزة.
ويتابع الشوا :"كانت فكرة إنشاء ورشة حفر على الخشب والبلاستيك، عن طريق التصميم الإلكتروني جديدة على مستوى قطاع غزة، وهي غير موجودة في السوق المحلية إطلاقاً".
ويلفت ارحيم إلى أن العمل داخل الورشة مجزأ إلى ثلاثة أقسام، فهو يعمل كفنّي على آلة الحفر وشريكه عصام على البرمجة وتحويل التصاميم إلى إحداثيات، أما زميله خليل فيصمم المشاريع "حيث أن أعمالنا تعتمد على الإبداع والتميز".
وحول مجال العمل وخطوط الإنتاج يقول ارحيم "ننتج ديكورات خشبية تستخدم داخل البيوت وفي غرف النوم، كذلك نرسم ونحفر شخصيات كرتون على الخشب لاستخدامها على أسرّة الأطفال. أيضا نعمل على تزيين المنازل وواجهات المحال المتنوعة باستخدام ديكورات من الخشب. وننتج أيضاً مشغولات تقدم كهدايا".
ويتابع ارحيم: "اشترينا آلات جديدة لتقديم منتجات أكثر إبداعاً للزبائن، ونفكر بإقامة معرض دائم لأعمالنا، لكن الحصار والإغلاق الدائم لمعابر غزة وانعكاسات الحروب تلقي بظلالها على طموحاتنا".
ويرفض ارحيم والشوا الحصول على "كابونة" من "الشؤون الاجتماعية" كونهما من ذوي الإعاقة، كي لا يكونا عبئًا على المجتمع، على حد تعبيرهم.