لا يأل الاحتلال جهدا في اتخاذ الأسباب التي يضيق بها على الفلسطينيين، بهدف ترحيلهم أو إبعادهم عن نقاط التماس على اقل تقدير، وقد يتخذ من حجج واهية لتضييق أكثر كما يحدث الآن في تل الرميدة قلب الخليل المطعون.
نور أبو عيشة احد سكان المنطقة، يروي كيف نفذ جنود الاحتلال برفقة ما يسمى الإدارة المدنية دولة على الأهالي، اخبروهم بان على سكان المنطقة التجمع في مكان ووقت محددين، بغية إصدار تصاريح لهم.
لم تكن الفكرة قد وصلت لأبو عيشة، ولم يرد أن يصدق انه سيضطر وسكان المنطقة من الحصول على تصاريح ليستطيع الوصول إلى منزله، لكن الحقيقة الجازمة أن القرار أصبح قيد التنفيذ فعلا.
أبو عيشة ووفي مقابلة مع مراسلة فلسطين الآن قال :" الوضع صعب جدا جدا، والسكان من المنطقة منهم من رحل ومنهم من يفكر بالرحيل بسبب الوضع، يعني أنا مثلا ممنوع احد من زيارتي، وتطلب هويتي ويتم تفتيشي جسديا لكما خرجت
أو دخلت إلى منزلي، ناهيك عن اعتداءات المستوطنين علينا بين الفينة والأخرى بحماية جنود جيش الاحتلال".
وأضاف أبو عيشة:" كان بالماضي الشارع يعج بالمارة أما الآن فالعابرون من الشارع يعدون على الأصابع ،وهم من سكان الحي فقط، فالسيارات يمنع إدخالها والزيارات العائلية لمن هم ليسوا من سكان المنطقة تحتاج لتنسيق مسبق مع الارتباط العسكري وهذا الأمر مستحيل تنفيذه ".
بديع الدويك منسق تجمع المدافعون عن حقوق الإنسان، واحد سكان الأحياء القريبة من تل الرميدة، قال: " إسرائيل تتعامل مع العائلات بعد القرارات الجديدة بلغة الأرقام، خصوصا بعد انتفاضة القدس التي كانت الخليل فيها المساهم الأكبر بعدد الشهداء و أيضا بعدد العمليات البطولية في المنطقة".
وأضاف الدويك:" قام جيش الاحتلال بتصفية عدد من الشهداء بدم بارد في سبيل تطبيق سياسة لاحقة تقوم على عزل العائلات المعزولة أصلا بشكل اكبر،
وتفتيت المفتت في منطقة تل الرميدة وشارع الشهداء وحارة السلايمة، حيث فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مزيدا من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز سياسة التطهير العرقي والتهجير الصامت وذلك عبر ما يعرف " بأرقام العائلات" .
وحول مصطلح " أرقام العائلات، قال الدويك :" قام جيش الاحتلال برفقة الإدارة المدنية باقتحام بيوت العائلات الفلسطينية في الأحياء المذكورة، وتسجيلها بيتا بيتا لجميع أفراد العائلة في قوائم، وإعطاء كل فرد
بالعائلة ممن يحمل بطاقة هوية ذكرا كان أو أنثى ، رقما لا يسمح له بدخول بيته إلا عند إبرازه لجنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز المقام على مداخل هذه الأحياء، ومنع أي شخص حتى لو كان قريبا من الدرجة الأولى للعائلة ويسكن خارج الحي لزيارة أقاربه أو العكس .
ويكمل الدويك:" يطرد جيش الاحتلال مجموعات الأجانب القادمين للمنطقة لرصد انتهاكات جيش الاحتلال ومستوطنيه، وتمنعهم من دخول شقتهم التي يقطنون بها مرة أخرى حتى لا يرى العالم جرائمهم.
أبو عيشة وسكان المنطقة عموما، لم يخطر ببالهم ولا في أسوأ كوابيسهم أن تصبح العودة إلى منازلهم عملية تحتاج كل هذه الإجراءات القاتلة، ولم يكن متوقع لديهم يوما أن يسجنوا في حيهم الذي شهد تاريخ المدينة الممتد عبر آلاف السنين.